بسبب المخاطر الأمنية، قررت وزارة الداخلية والبلديات اعتماد مركزين لاقتراع أبناء عرسال عند الجهة الغربية للبلدة، خارج طوق الجيش اللبناني. المركز الأول مبنى معهد عرسال الفني (الذي هاجمه مسلحو «داعش»، و»جبهة النصرة ــــ فرع القاعدة في بلاد الشام»، واستشهد فيه عدد من ضباط الجيش وعناصره قبل عامين)، والثاني في مدرسة جوهرة الآداب.
الأجهزة الأمنية شرعت في اتخاذ إجراءات لتأمين الحماية اللازمة لعملية الاقتراع، ومنها نشر 2000 جندي في أحياء البلدة يوم الانتخابات، فضلاً عن فصل 150 عنصراً وضابطاً من الجيش، و150 عنصراً وضابطاً من قوى الأمن الداخلي إلى «المنطقة الخضراء» لمواكبة العملية الانتخابية.
في عرسال، المشهد يحمل الكثير من ملامح التعب والقلق والحذر. «إبعد عن الشر وغنّيلو، شو ما متت ما شفت مين مات»، يقول الرجل الخمسيني وهو يفرك بكفيه. ويؤكد أن وجود المسلحين في البلدة يحول دون حرية إبداء الرأي في عرسال، كما أن «الظاهر أن السياسيين والمسلحين راضون عن أبو عجينة وبلديته… فلشو الانتخابات؟».
وعلمت «الأخبار» من مصادر عرسالية أن رئيس البلدية الحالي علي الحجيري (أبو عجينة) زار الرئيس سعد الحريري قبل يومين في بيروت، بمواكبة أمنية رسمية حضرت الى البلدة لنقله. وأفادت المعلومات بأن تيار المستقبل شمّر، بعد الزيارة، عن زنوده للتدخل في انتخابات عرسال. وكشفت المصادر أن ممثل الحريري في عرسال، أحمد رباح، التقى في مكتب تيار المستقبل في البلدة أول من أمس مرشحي لائحتي «الحزم» التي شكّلها «أبو عجينة»، و»عرسال أولاً» التي شكّلها حسين رشيد الحجيري وعلي محمود الحجيري. وأمضى رباح يوماً كاملاً في محاولة لدمج اللائحتين في وجه لائحة ثالثة شكلها باسل الحجيري. إلا أن محاولات «الدمج» لم تنجح حتى ليل أمس، كما تؤكد المصادر، فيما تسود «مستقبليي» البلدة حال من التململ بسبب طريقة إدارة القيادة المركزية في بيروت لهذا الملف، وبعد «سحب» منسق التيار في البلدة بكر الحجيري إلى بيروت منذ بدء الحديث عن الانتخابات البلدية.
الحريري استقبل الحجيري في بيروت بمواكبة أمنية رسمية
كل ذلك زاد من هواجس العراسلة، بحسب فاعليات يؤكدون أن توجه اللائحتين مع تيار المستقبل هو نحو الإبقاء على أبو عجينة في رئاسة المجلس البلدي، وهو عكس ما يطمح إليه معظم العراسلة. وتشير المصادر الى نية مقصودة لدى المستقبل لتقليص عدد المقترعين، عبر اعتماد مركزين فقط لاقتراع 15480 ناخباً، في ظل أخطاء في لوائح القيد تخص عائلات محددة.
ولفتت المصادر الى اتهامات بـ»التخوين» ضد مرشحي لائحة باسل الحجيري المنافسة للائحتي «الحزم» و»عرسال أولاً» واتهامات بأنها تضم أشخاصاً «ينتمون إلى حزب الله»، وهو ما نفاه لـ»الأخبار» باسل الحجيري، الذي أكد أن لائحته تعمل تحت عنوان «لا عداء ولا ولاء لأحد إلا لعرسال ومصلحتها»، مشدداً على أن ما يشيعه «علي أبو عجينة عار من الصحة»، وأن المرشحين في اللائحة هم «عراسلة الهوى والانتماء ومنفتحون على عرسال التاريخية التي تؤمن بمحيطها ووطنيتها وعروبتها». ودعا الى «وقف المتاجرة بعرسال وأهلها، وإلى إبعادها عن البازار السياسي الذي دفعت ثمنه منذ سنوات، تراجعاً وانكماشاً وركوداً». وعن دمج اللائحتين في مواجهة لائحته، يؤكد الحجيري أنهم «لا يزالون يعملون على ذلك، وبات واضحاً للعراسلة أن تيار المستقبل وأنصاره يريدون إبقاء عرسال على ما هي عليه».
وعن المخاوف الأمنية من المجموعات المسلحة في بلدة عرسال، ومدى تأثير ذلك على العملية الانتخابية الأحد المقبل، لم يخف الحجيري وجود هواجس ومخاوف لدى العراسلة، مع تأكيده على العلاقة الجيدة مع النازحين السوريين «إنسانياً»، أما الجانب المسلح «فمكانه ليس عرسال»، مشدداً على «عدم تخويفنا بكم أزعر محمّلينهم سلاح، فحربتنا ليست قصيرة ولسنا مكسر عصا، ونحن كأولاد عرسال أي واحد بيفكر يغلط معنا لازم يحسب مية حساب لردنا، والجيش رح يكون موجود بعرسال ومحيطها وسيفرض ما هو أشبه بحظر تجول على النازحين في البلدة، ومنع السيارات غير المعروفة، وإذا كان البعض يعتقد بأن عدم إجراء الانتخابات في عرسال أو تأجيلها سيبقي على البلدية فهو واهم لأنها ستحل حكماً».
من جهة أخرى، تغيب الجماعة الإسلامية في عرسال عن الانتخابات البلدية ترشيحاً، لكنها، بحسب مسؤولها في عرسال علي حسن الحجيري، ستشارك في الاقتراع و»ستنتخب الأفضل والأنسب»، عازياً عزوفها عن خوض الانتخابات ترشيحاً الى «الجو العام غير المشجع».