Site icon IMLebanon

جرود عرسال… مجددا  

«حرب التصفية» بين التنظيمات الإرهابية في جرود عرسال لا يجوز أن تبقى دمّلاً في الجسم اللبناني. فبينما يتجه المسار في المنطقة الى التسويات الكبرى، وبالذات في سوريا، يبقى وجود تنظيمي «داعش» و«النصرة» هناك مثيراً للريبة والقلق، وأيضاً المخاوف من تحوّله الى حال دائمة على غرار ما حدث في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا إثر تحرير الجنوب.

وحتى من دون أي ربط بين الوضع اللبناني وأوضاع المنطقة… وأيضاً من دون أي ربط بين الحدود الجنوبية والحدود البقاعية (الشرقية – الشمالية)، فإنّ ما يجري في جرود عرسال غير مقبول (وطبعاً غير مسموح) أن يستمر ليصبح حالاً مستدامة.

إنها ثغرة كبيرة يجب التعامل معها بمسؤولية، وبحزم.

ونشدّد على المسؤولية والحزم.

وفي تقديرنا أنّ من سمح بقيام هذه الحال في جرود عرسال هو الذي يتحمل المسؤولية كاملة عنها… وإن كانت النتيجة، من أسف، أنّ الذين دفعوا ويدفعون الثمن هم أبناء عرسال أولاً، ثم أبناء المنطقة لاحقاً، ومن ثم اللبنانيون عموماً.

وقد يكون من نافل القول أن نردد إن إستمرار الجرح الوطني نازفاً في جرود عرسال هو اليوم مسؤولية وطنية مشتركة، وإن كان من تسبّب باستمراره (إن لم يكن بقيامه) هو من سمح للإرهابيين أن ينسحبوا من عرسال مصطحبين معهم جنود الجيش وعناصر قوى الأمن الداخلي الذين شكل إختطافهم مأساة كبيرة على الصعيد الوطني خصوصاً على صعيد هؤلاء الشبان الأبطال، من المناطق كلها، والطوائف كلها، والمذاهب كلها إذ فيهم المسلم والمسيحي، السني والشيعي والدرزي، الماروني والأرثوذكسي والكاثوليكي (…) وعلى صعيد عائلاتهم التي نُكبت هذه المدة الطويلة بمعاناة، لا أذاقها اللّه لمخلوق، مازالت تجرجر قهراً وعذاباً وآلاماً نفسية مروّعة. كذلك وعلى صعيد الجنود المختَطَفين أنفسهم الذين لا يستطيع أن يقدّر حقيقة معاناتهم إلاّ من يلبس جلودهم ويعيش هذه المأساة الشنيعة التي يعيشونها.

لقد كان مطلوباً (بل أضعف الإيمان في العلم العسكري) عدم ترك الإرهابيين يقتادون معهم أولئك المختطفين ويحولونهم الى مادة إبتزاز حية من لحم ودم، وبأبشع اساليب الإبتزاز: بالتهديد بالذبح، وقد جرى إعتماده فعلاً!

إن اقل ما هو مطلوب من قيادة الجيش الحالية ألاّ تكون على خطى القيادة السابقة بالتعامل مع المسلّحين الذي أسفر عن سقوط نخبة من الشهداء الأبرار، فيما لا يستطيع أحد، كائناً من يكون، أن يحدّد، بدقة، مصير المختَطَفين.

وإنها مسؤولية قيادة الجيش أولاً وأخيراً، وفي التقدير والمعلومات أن الجنرال جوزف عون على قدر المسؤولية وهذا ما يُعرف عنه على نطاق واسع.