للوهلة الاولى وبمقاربة سريعة وموضوعية لحال مخيم عرسال يمكن الجزم بأن مخيم عرسال للنازحين السوريين بات بؤرة امنية خطيرة لا يمكن التعاطي معها إلا بحذر شديد، وانه من اخطر المخيمات على الإطلاق للتواصل الواقع فيه بين الارهابيين في الجرود وبين الداخل، عدا طبعاً ما تلمح اليه التقارير وتشير المعلومات الى تحول جزء من المخيم الى مكان لتفخيخ السيارات وتجهيز الانتحاريين. فالغوص في تفاصيل ما يحصل في المخيم يثير الخوف ويعيد طرح التساؤلات عن جدوى إبقاء المخيم مرتعاً للمسلحين وايواء عائلاتهم وخصوصاً مع اقتراب معركة الربيع والحديث الذي يتم تناقله بأن ارهابيين يختبئون تحت ستار النازحين فيه سيخرجون الى المعركة المفترضة مع الجيش. فالواضح ان عرسال وتحديداً مخيماتها السورية تحولت الى ملجأ آمناً لهؤلاء المسلحين بحسب مصادر مطلعة، وليس فقط لعائلاتهم واصدقائهم وان الكثير من الخلايا النائمة تعشش في هذا المخيم والكثير من المخيمات المنتشرة في المناطق اللبنانية، ومؤخراً تزايدت المشاكل والخلافات وبات الناس في عرسال يتضايقون من تصرفات القاطنين في المخيم وما ان يقع خلاف او اشكالية بين ابناء عرسال والنازحين السوريين حتى يتفاجأ العرساليون بما يحصل وبظهور مسلحين حولهم بسرعة مدججين بالسلاح يختفون من مسرح الحوادث بالسرعة نفسها التي حضروا فيها.
إلا ان إزالة المخيم ونقله الى مناطق لبنانية أخرى مثل الحدود دونه ايضاً مخاطر جمة، الخطر الأول سيكون في حال غياب الإشراف المباشر عليه واحتمال انتقال الارهاب الى مناطق اخرى ايضاً، وهناك خطر التوطين وان تتحول المخيمات السورية الى نسخة طبق الاصل عن المخيمات الفلسطينية كما تتخوف اوساط في 8 آذار، ولعل الخطر الاصعب يتمكن في ردود فعل المسلحين لأن الغاء المخيمات او نقلها خارج عرسال سيقطع عنهم الشريان الحيوي الذي جعلهم يصمدون في الجرود طوال الشتاء، وبالتالي فان اي خطوة من هذا القبيل ستفتح ابواب الجحيم على القوى الامنية من جبهة المخيم لأن المسلحين لن يسمحوا بالتضييق عليهم ونقل المخيمات التي تسكنها عوائلهم وهم الذين يملكون ورقة العسكريين الاسرى لديهم وهي الورقة الاصعب والتي لا يمكن لقيادة الجيش الاستهتار بها قبل إعادة عسكرييها المخطوفين وإبعاد سكين الارهابيين عن رقابهم.
وإذا كانت تقديرات المراقبين للوضع الميداني تشير الى احتمال بدء المعركة عما قريب حيث سيسعى الارهابيون المرابضين على السلسة الشرقية الى محاولة التقدم باتجاه مناطق القاع بعدما ضاقت عليهم وصعبت جبهة عرسال وبعدما سدت طرق رأس بعلبك واستحالة التقدم فيها بعد سيطرة الجيش على تلال استراتيجية تمنع اختراقهم، فان موضوع المخيمات العرسالية وبقاؤها تطرح اكثر من علامة استفهام لأن الجيش على اهمية انجازاته وعملياته النوعية والمتقدمة إلا ان البؤر والخلايا النائمة في عرسال ومخيماتها هي مصدر الخطر الحقيقي عليه.
سبق لموضوع المخيمات ان أخذت حيزاً كبيراً في مناقشات مجلس الوزراء وبين القوى السياسية منذ عدة اشهر وفي جلسات الحوار بين حزب الله والمستقبل من دون التوصل الى حل عملي او اتفاق، فكل الاطراف تقر بخطورة المخيمات ولكن لكل فريق مقاربته للمسألة واعتباراته، يبدو تيار المستقبل الاكثر حماساً في طرح تفكيك المخيم ونقله الى خارج عرسال لترييح البيئة السنية المنزعجة منه من جهة ولما يحويه من ارهابيين يفترض تطويقم وضربهم، وقد حاول مراراً وزير الداخلية ان ينتزع موافقة من وزراء حزب الله والتيار الوطني الحر لإزالة المخيم المذكور ونقله مع مئات المخيمات الى منطقة حدودية ووضعها تحت المراقبة المشددة، إلا ان هذا الطرح لم يلق قبولاً في 8 آذار خوفاً من تكرار تجربة المخيمات الفلسطينية ومن شبح التوطين الذي يلوح من بين سطور هذا المشروع، ولكن تسارع الاحداث مؤخراً يظهر ان فريق 8 آذار بات في صدد مراجعة قراره بناء لما ينقل من معلومات خطيرة عما تحويه المخيمات السورية من بؤر ارهابية ومسلحين ومن خلال عمليات الرصد وحركة دخول وخروج ارهابيين محتملين.
وفي المحصلة يمكن التسليم بان مخيمات عرسال قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر في اي وقت ويمكن قول الكثير حول بقائها او نقلها، ولكن المؤكد كما تقول الاوساط ان «المخيمات اليوم شر لا بد من بقائه في الوقت الراهن، فهناك ورقة العسكريين من جهة التي لا يمكن المغامرة بها، ومعركة ذوبان الثلوج التي يتحضر لها الجيش بكامل جهوزيته والتي توشك ان تقع في اي وقت.