هذا المسلسل الأمني المخيف دخل شهره الثالث فيما ترى أوساط مطلعة اننا أمام المزيد من التصرفات الارهابية المخيفة، طالما لم تقدر دولتنا على حماية نفسها الى حد التساؤل عن جدوى البقاء في هذه الدوامة، وماذا يمنع الجيش من تنفيذ ضربة موجعة الى الارهابيين بدلاً من ان يستمر في التفاوض معهم، بما في ذلك التواني عن تلبية مطالب الارهابيين لتجنب المزيد من المواجهة غير المجدية، الى حد السؤال عما يمنع الدولة من الاستنجاد بالقوى السورية الشرعية التي بوسعها مع مقاتلي حزب الله ابعاد التفكيريين عن عرسال بما في ذلك تجنب بقاء البلدة رهينة حتى اشعار آخر؟!
كذلك، فإن المطلوب بالحاح في هذا الظرف الحرج انشاء مخيم للنازحين السوريين خارج عرسال، أقله لاطلاق يد السلطة في مواجهة التحديات اليومية من جانب «داعش» وتنظيم «النصرة»، مع العلم ان الاستمرار في هذه الدوامة قد يؤدي بطريقة او بأخرى الى تفشي المواجهة باتجاه بلدات وقرى شيعية ستجد نفسها مضطرة لأن تدافع عن نفسها وعن انتهاء أولادها الى الجيش وقوى الأمن الداخلي الذين يشكلون ثلاثة ارباع المنتمين الى المؤسسة العسكرية مثلهم مثل أبناء مناطق عكار ومعظم القرى والبلدات الشمالية الثانية؟
لذا، يخطىء من يعتقد او يتصور ان بالامكان صدور مبادرة ايجابية عن الداعشيين وجماعة النصرة، كما يخطىء من يرى ان طريقة تعاطي السلطة اللبنانية مع قضية خطف العسكريين هي الاسلم عاقبة، قياساً على ما ظهر من الارهابيين حتى الآن، بقدر ما توحي التطورات ان الأسوأ هو ما ينتظره الجميع طالما بقيت الأمور على ما هي عليه!
أما الاتكال على إمكان دخول حزب الله والسلطة السورية على خط مواجهة التكفيريين في منطقة القلمون السورية، فهذا بدوره قد يكون مستبعداً تماماً حيث تدل الوقائع على ان الجيش السوري غير قادرة على ان يلعب دوراً عسكرياً على الحدود مع لبنان، والا لما تأخر لحظة عن ذلك، بعد طول كلام على ان جيش النظام السوري منشغل في الدفاع عن العاصمة قياساً على مجريات المواجهة مع قوى المعارضة التي تنتشر في أماكن حساسة من دمشق، خصوصاً في ضاحية جوبر التي تعتبر نقطة استراتيجية بالنسبة الى المعارضة، بعيداً عن أية مواجهة مع قوى المعارضات الأخرى!
هذا الشيء معروف تماماً، لذا من الصعب بل من المستحيل طلب مساعدة النظام السوري فيما بإمكان قوى حزب الله مواجهة التكفيريين على خط القلمون من
داخل الحدود اللبنانية، هذا في حال لم تحصل مواجهة عسكرية لبنانية على الخط المشار اليه، لمجرد أنها منطقة حساسة للغاية قياساً على ما هو معروف من تجمع داعش والنصرة في جرود عرسال واضطرارهم الى طلب الأكل والمياه والغذاء والمحروقات من أهالي عرسال (…).
من هنا يوسع الجيش اللبناني فتح معركة مواجهة من جانب عرسال، حتى ولو كلف ذلك ضحايا من المدنيين. أما ان تستمر الحال على ما هي عليه، فإن مسلسل القتل وسقوط الضحايا لن يتوقف مهما بذلت الدولة من مساع سياسية ومن اجراءات أمنية أثبتت فشلها بعد طول تجارب سلبية للغاية، بحسب ما أكدته المرحلة التي أعقبت احتجاز العسكريين في جرود عرسال حيث من الصعب على أحد مقاربتهم من دون حرب مفتوحة من الضروري والواجب حسمها في أقرب وقت، لأن الظروف ليست لصالح لبنان ومؤسساته العسكرية والأمنية، بدليل ان جهات اقليمية ودولية بدأت تتخوف من إمكان انتشار داعش خصوصاً في أكثر من منطقة في البقاع وعكار؟!