Site icon IMLebanon

عرسال إستحقاق يستدعي معالجة هادئة

 

لا الحكومة ستسقط، وليس مسموحاً بسقوطها، لأنّ بديلها الفراغ، ولا الحوار الجاري بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» سيتوقف، وليس مسموحاً له ان يتوقف حتى ولَو لم يُنتج بعد في السياسة ما أنتجَه في الأمن، فهو كان ولا يزال يحظى بتأييد سعودي ـ ايراني لاستمراره، بل انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري يؤكد انه لم ينطلق الى رعايته الّا بعد تَلقّيه موافقة سعودية ـ ايرانية عليه.

ما ينغصّ الوضع الداخلي راهناً هو الوضع في بلدة عرسال وجرودها، لأنّ معركة القلمون الأخيرة جعلت منه استحقاقاً ينبغي معالجته بعودة هذه البلدة وجرودها الى عرين الشرعية، بما يُقفل باب ريح يُريحها والمنطقة المجاورة لها.

وهذا الوضع سيدرسه مجلس الوزراء في جلسته المقررة بعد غد، وعلى رغم من انّ البعض يصرّ على ان يبحث في هذه الجلسة ايضاً ملف التعيينات العسكرية والامنية، فإنّ عرسال ستطغى على كل الاهتمامات الى حين إيجاد الحل اللازم لها.

ويستغرب بعض السياسيين الحديث عن وجوب استصدار قرار في مجلس الوزراء يغطي الجيش اللبناني للإمساك بأمن عرسال وجرودها، ويقولون إنّ هذا القرار مُتخذ أصلاً منذ بداية الاحداث في المنطقة منذ اكثر من عامين، ولا يحتاج الّا الى اعادة تأكيد وتكريس في الوقت الذي يؤكد الجميع انّ البلدة «مُحتلّة» نتيجة النزوح السوري الكثيف اليها والوجود الظاهر والمُستتر لمسلّحي المعارضة السورية التابعين بغالبيتهم لتنظيمات متشددة.

وعندما زار وزير الداخلية نهاد المشنوق رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل أيام، دار الحديث بينهما في جانب اساسي على الوضع في عرسال، فقال بري للمشنوق: «ألم تقل انّ بلدة عرسال محتلّة»؟ فرَدّ: «نعم قلت هذا». فقال بري: «طالما انّ الجميع يعتبر عرسال محتلّة إطرحوا الموضوع في مجلس الوزراء وقرروا تكليف الجيش تحرير هذه البلدة من محتلّيها».

وفي هذا السياق يرى بري انه في ضوء التعثّر في طرح ملف عرسال في مجلس الوزراء يمكن تلافي هذا الامر بطرحه في اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع او في اجتماع أمني موسّع يدعو اليه رئيس الحكومة تمام سلام.

ويضيف بري انّ مجلس الدفاع يترأسه رئيس الجمهورية ونائب رئيسه هو رئيس الحكومة، وطالما انّ هناك شغوراً في رئاسة الجمهورية ففي إمكان رئيس الحكومة ان يدعو هذا المجلس الى الاجتماع برئاسته، فهو يضمّ جميع الوزراء المعنيين ومعهم قادة الاجهزة العسكرية والامنية، ومن الأفضل البحث في وضع عرسال وسُبل معالجته داخل هذا المجلس بدلاً من مجلس الوزراء الذي يضمّ وزراء من مختلف المشارب السياسية المتناقضة مع ما يمكن أن يثير ذلك من خلافات وسجالات لا طائل منها.

امّا اذا كان رئيس الحكومة لا يحبّذ الحلول مكان رئيس الجمهورية في ترؤس اجتماع مجلس الدفاع، فبإمكانه الاستعاضة عن ذلك بالدعوة الى اجتماع امني موسّع يضمّ الوزراء المختصّين وقادة الاجهزة ويَفي بالغرض المطلوب، وهو تحديد السبل الآيلة الى إقفال ملف عرسال بالطريقة التي تجنّب البلاد ايّ خضّات سياسية وأمنية يمكن ان تحصل في حال انسحبت المعركة التي خاضَها حزب الله والجيش السوري في القلمون على جرود عرسال التي تجمّع فيها المسلّحون المتطرّفون نتيجة تلك المعركة.

كان يفترض أن يثير المشنوق ما سمعه من بري مع سلام الذي التقاه في اليوم نفسه، ولكن الموضوع طرح في اليوم التالي خلال جلسة مجلس الوزراء، ما دفع وزراء تكتل «التغيير والاصلاح» الى ربط هذا الملف بملف التعيينات الامنية والعسكرية. وعندما شعر رئيس الحكومة انّ النقاش الذي كان هادئاً بدأ يتحوّل سلبياً، قرّر عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد غد خَصّصها للنقاش في الشأن العرسالي وملف التعيينات الامنية والعسكرية.

الجميع، على حد ما يعلنون، يريدون حلاً هادئاً لعرسال وجرودها يؤدي الجيش والقوى الامنية اللبنانية الدور الأساسي فيه، ولكنّ الخيار الآخر ما زال مطروحاً ايضاً، مع فارق انه في حال تمّ استكمال معركة القلمون فإنّ حدودها ستكون جرود عرسال فقط من دون مقاربة البلدة لاعتبارات كثيرة، خصوصاً بعدما بدأ البعض يرسم «حدوداً» لعرسال في عكار وطرابلس والطريق الجديدة في بيروت والبقاع الغربي، غامزاً من قناة مذهبية.

لكنّ السؤال الذي يؤرق الجميع ولا جواب عليه عند أحد حتى الآن هو انه في حال استكملت معركة القلمون بالسيطرة على الجرود العرسالية وانسحاب المسلحين المتطرفين غير المعروف عددهم في اتجاه عرسال التي تحتضن نحو 80 ألف نازح سوري كيف سيكون الوضع فيها يا ترى؟