رغم المأزق السياسي والتوترات الموضعية المتنقلة بين منطقة واخرى، تقول مصادر وزارية وسطية ان إرادة جامعة لدى الاطراف الداخلية والخارجية بحفظ الستاتيكو الحالي وعدم تعريض لبنان لاختبارات قاسية، بدليل صمود الحكومة الحالية وتمرير التمديد للبرلمان بنصاب سياسي وطائفي كاف.
ارادة تحميها التحركات الامنية والعسكرية الاستباقية التي تنفذها الجهات المختصة من خلال حملات الدهم والتوقيف وتعقب الشبكات الارهابية من الشمال الى الجنوب، ومن البحر الى الحدود الشرقية محققة المزيد من الانجازات النوعية.
غير ان تلك الايجابية ، المحفوفة بالمخاطر والخوف ،لا زالت تسيطر على الكثير من المناطق ومنها عرسال التي لم «تحرر» بالكامل بحسب المصادر، وسط تلبد الغيوم السوداء في اجوائها، وعلى وقع الاتهامات لحزب الله والمخابرات السورية بالسعي لاعادة عقارب الساعة الى الوراء في البلدة ، بعد سلسلة الاحداث المتدرجة من اطلاق النار على احد عناصر الجيش واستهداف مدنيين من داخل البلدة وصولا الى عمليات اطلاق النار التي حصلت على كاميرات المراقبة في الشوارع.
عزز هذه المخاوف التقارير الامنية التي تحدثت عن عودة وان خجولة للمسلحين الى البلدة، واضعة الاعتداءات على الكاميرات في اطار خوف المسلحين، الذي يبدو انهم يحضرون لعمل امني ما، من رصد تحركاتهم وتنقلاتهم، والكلام عن امكانية تدهور الامور قريبا، خصوصا ان هناك متضررين كثر من تقدم المفاوضات على صعيد ملف الاسرى العسكريين يسعون لعرقلتها باي ثمن.
المصادر الوزارية الوسطية اعتبرت ان الغليان الذي تشهده المنطقة من العراق الى سوريا والتوقعات المحتملة بشانه لا زال في بداياته، ما انعكس بشكل مباشر على الاوضاع في منطقة القلمون امتدادا الى الداخل اللبناني، واضعا المجموعات المسلحة في تلك المنطقة امام خياران، اما صرف النظر عن تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة باتجاه عرسال وبريتال والاكتفاء ببعض عمليات التسلل «الفردية» والتركيز على المواجهة مع الجيش السوري وحزب الله من الجهة الثانية من الحدود، واما تنفيذ عملية عسكرية «انتحارية» وشيكة ضد عرسال في وقت كبير قبل اشتداد موسم الشتاء، الافتراض الذي يبدو اكثر صعوبة بعض الضربات التي تلقتها على مراحل عدة.
ايا يكن فان الوقائع على الارض تضيف المصادر، اثبتت ان العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش لم تنجح في احكام الطوق بشكل كامل على المسلحين، الذين تمكنوا على ما يبدو في التفاف على الاجراءات الامنية وايجاد ممرات فرعية للعبور باتجاه عرسال، الامر الذي كشفه توقيف رئيس المجلس العسكري في الجيش السوري الحر في منطقة القلمون العقيد المنشق عبد الله الرفاعي على احد حواجز الجيش وبحوزته بطاقة مزورة لبنانية باسم عبد الله حسين الشيخ، وبرفقته تاجر الاحجار اللبناني خالد حيدر الحجيري، وهو في طريق العودة باتجاه القلمون بعد زيارته لعائلته في احد مخيمات النازحين في عرسال. وبحسب المصادر الامنية فان التحقيقات الجارية لم تظهر حتى الساعة قيام الموقوف باي عمليات اعتداء على الجيش او باعمال ارهابية، علما ان المعلومات المتداولة تحدثت عن وجود مذكرات توقيف بحقه بتهم جرائم خطف وتزوير.
توقيف الرفاعي الذي اعتبره حزب الله «صيدا ثمينا» نظرا لان المجموعة التابعة له تعتقل احد عناصر حزب الله عماد عياد، الذي اسر خلال الهجوم الاخير للمعارضة على موقع «الفوزديكا» في عسال الورد، فضلا عن ان الحجيري المكلف تسهيل اموره، كان الوسيط في المفاوضات الجارية لاطلاق عياد، اثار حفيظة الجيش الحر الذي ابدى مخاوفه من انهيار الوضع الامني على الحدود في حال استمرار توقيفه بالاسلوب الذي اعتمد، مذكرة بان مبدأ النأي بالنفس الذي تتبعه الحكومة اللبنانية يقضي باطلاق سراحه كما حصل في حالات سابقة مماثلة.
يشار الى ان الرفاعي، وهو قائد الفرقة 11، ورئيس غرفة عمليات ريما قبل سقوطها، ينشط حاليا على جبهة عسال الورد، حيث يخضع لقيادته حوالى 150 عنصرا، وتوصف علاقته بمقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية بالسيئة.
في المحصلة يبدو ان ايقاع اللعب بالنار مضبوط، رغم كلام السفير السوري عن تعاون وتنسيق عسكري وامني بين الجيشين اللبناني والسوري وبيان قيادة الجيش بالنفي والتشديد على ان لبنان يخوض معركته ضد الارهاب بامكانته الذاتية .وعليه كيف ستتصرف الدولة اللبنانية؟ وكيف سيكون رد فعل المجموعة التابعة له؟