Site icon IMLebanon

العراسلة يتنافسون في البلدية… على وقع مخاطر النازحين الأمنية

تستعدّ بلدة عرسال، إحدى أكبر بلدات البقاع الشمالي، لخوض استحقاق الإنتخابات البلدية والإختيارية إثر دعوة الهيئات الناخبة في البقاع. ويأتي هذا الإستحقاق بعد خضّات شهدتها البلدة على مر السنوات الماضية، خصوصاً على الصعيد الأمني وإيواء النازحين السوريين جرّاء الحرب المستعرة خلف الحدود الشمالية الشرقية وعلى تخومها.

على قدمٍ وساق، تجري التحضيرات للانتخابات البلدية والإختيارية في بلدة عرسال التي تعتبر أكبر البلدات السنيّة في المنطقة، بعدما أخذت المنحى الجدي لإنجازها، فتخطى الأهالي الهاجس الأمني وبدأت العائلات منذ شهر بعقد اجتماعات لبلورة مرشّحيها وتحديد الموقف من مجريات العملية الإنتخابية، خصوصاً بعد معاناة استمرت ست سنوات مع مجلس بلدي غير متناغم مع تطلعات الأهالي ونظرتهم للإنمائية المحرومة منها عرسال، فضلاً عن تدهور العلاقة مع المحيط الشيعي نتيجة الاحداث الامنية وجرّاء المواقف التي أطلقها رئيس بلدية عرسال الحالي علي الحجيري. وهذا ما سبّب شرخاً في العلاقة مع أهالي قرى البلدات المجاورة حتى أصبح العرسالي محط تهمةٍ في المنطقة، وضيّق الخناق على البلدة وأهلها.

تتربّع عرسال على مساحة 316 كلم2 شمال شرق لبنان، وتشترك مع الأراضي السورية بخطّ طول حدودي يبلغ 50 كلم، يفوق عدد سكانها الأربعين ألف نسمة، فيما وصل عدد الناخبين هذا العام الى 15470 ينتخبون 21 عضواً في المجلس البلدي و16 مختاراً بعدما كانوا 12 في انتخابات 2010 التي نجحت فيها لائحة الرئيس الحالي للبلدية مقابل لائحة أخرى دعمها في حينه الطبيبان منير ومسعود الحجيري.

نشطت حركة الترشيحات وبدأت المشاورات الإنتخابية، وتشكيل اللوائح على نار حامية، حيث قدّم رئيس البلدية علي الحجيري طلب ترشحه الثلثاء معلناً خوضه غمار الإنتخابات في لائحة يجري استكمال أعضائها في مقابل لائحتين قيد الإعداد، ويؤكد الحجيري أمام العراسلة أنّ تيار «المستقبل» يدعمه في ترشيحه ولكن لن يتدخّل تفصيلياً في مجريات المعركة.

يؤكد أحد أبناء البلدة لـ«الجمهورية» أنّ أهالي عرسال قد تعبوا من الوضع الحالي، والبلدة توّاقة الى تغيير وضعها، ولمجرد نجاح لائحة تُنافس الرئيس الحالي، ينتعش وضع البلدة الداخلي وتتحسّن العلاقة مع محيطها.

ويشير الى أنّ تصريحات الحجيري خلال الفترة السابقة أساءت الى العلاقة بين عرسال والقرى الشيعية المحيطة، وأدت إلى تأزم الوضع الداخلي فيها، ما دفع بعض الأهالي إلى تركها والإقامة خارجها، ناهيك عن عدم تمكنهم من الوصول إلى أرزاقهم وأعمالهم، وحال التصفيات التي مارسها الإرهابيون بحقهم نتيجة تراخي السلطات المحلية والأمنية في ضبط الوضع.

مجريات التحضيرات للعملية الإنتخابية في عرسال تشير إلى بروز معالم ثلاث لوائح غير مكتملة إلى الآن تتنافس في ما بينها، واحدة يترأسها الرئيس الحالي، وأخرى يترأسها باسل الحجيري الذي كان على رأس المجلس البلدي من العام 2004 وحتى 2008 حين قدم استقالته وترشّح للانتخابات النيابية في حينها، أمّا الثالثة فتضمّ مجموعة من الشباب المثقفين والطامحين إلى التغيير في البلدة.

وفي هذا الإطار، يؤكد باسل الحجيري لـ«الجمهورية» أنّ الترشيح للانتخابات البلدية اليوم هو في الأساس نتيجة الشعور بالمسؤولية، فوضع عرسال لم يعد يحتمل، وهناك جهات سياسية ساهمت في وصول الوضع إلى ما هو عليه، فالناس لم يعد بمقدورها الوصول إلى أرزاقها، وعلاقتها مع محيطها ليست كما هي عليه، وأصبح العرسالي محط شبهة ويُشار إليه على أنه إرهابي، وهذا يتطلب عمل أهالي البلدة على التخلّص من هذا الوضع، وهنا لا أحد يستطيع التغيير في ظل وجود البلدية الحالية وسياستها المعاكسة لمصلحة الأهالي، والتي انتهجت سياسة المصلحة الشخصية»، موضحاً أنّ الأزمة السورية وانعكاساتها على عرسال وعدم استيعاب هذا الحمل الثقيل أوصل البلدة إلى ما هي عليه اليوم.

ويشير الحجيري الى أنّ الناس يشعرون بالغبن ويريدون الخلاص من هذا الوجع، فالأوضاع سيئة على المستويات الإقتصادية والمعنوية كافة، وهم يتهمون البلدية بأنها تتحمّل المسؤولية بوصول الوضع إلى حاله اليوم، مؤكداً السعي إلى العمل على دمج اللائحتين المنافستين للائحة التي يترأسها رئيس البلدية لتأمين الفوز وإنجاز التغيير.

بدوره، يشير مصدر أمني لـ«الجمهورية» الى أنّ الوضع الداخلي للبلدة يسمح بإنجاز الإنتخابات شرط تأمين القوى الأمنية المطلوبة، وضبط حركة النازحين فيها يوم الانتخابات كإصدار تعميم بعدم التجوّل يوم 8 أيار. ويؤكد أن لا مشكلة في إجرائها في محلّة رأس السرج على أطراف البلدة حيث هناك أربعة مراكز كبيرة (المدرسة الفنية المهنية، مدرسة جواهر الأدب، مدرسة المقاصد، والمستوصف) وهي تخضع لسيطرة الجيش اللبناني.

يتطلّع أهالي عرسال إلى التغيير خلال الانتخابات المنتظرة، وإعادة عرسال إلى موقعها الطبيعي ودورها، بعدما صودر قرارها على مرّ السنوات الماضية. ولأنّ الرأي العام هو الأساس في أي تغيير، يبقى التعويل على أهالي عرسال في الإنتفاضة على واقعهم وإبراز وجه البلدة الحقيقي.