IMLebanon

سيطرة الارهاب على عرسال يفرض مخاطر امنية كبرى

لعل المسألة الاكثر استثنائية التي بات يتوقعها معظم اللبنانيين، ان يستفيقوا ذات صباح قريب، على امارة داعشية داخل بلدة لبنانية اسمها عرسال، ليدخل لبنان الى «نادي الدول» التي «تستضيف» فيها التنظيمات الارهابية، على شكل «امارات» تحكم اللبنانيين المقيمين فوق «ارضها»، وفق «اسلام» متوحش وتكفيري.

كل الدلالات التي حملتها الاشتباكات الدائرة منذ ايام، بين تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» الارهابيين، في المناطق الجردية المتاخمة لبلدة عرسال، تؤكد على ان الحسم رُسم وفق الاجندة الارهابية العاملة في سوريا والعراق، ليكون لمصلحة تنظيم «داعش»، الطامح لان يكون له موطىء قدم في الداخل اللبناني، في حلقة من الصراع الدائر بين الدول الداعمة للتنظيمات الارهابية، في اطار تحسين النفوذ وتعزيز الاوراق للعب بها في الساحة الاقليمية.

وتقول اوساط متابعة للتطورات على جبهة جرود عرسال وصولا الى الجراجير وقارة في منطقة القلمون السورية، في ضوء الصراع الدامي بين متفرعات التنظيمات الارهابية، يبدو ان الظروف التي تجعل من جرود عرسال جبهة مشتعلة، قد نضجت لدى من يرسم سيناريوهات الحروب التي تخوضها «داعش» في معظم الساحات العربية المتفجرة في المنطقة، الامر الذي يُظهر حجم «التقصير»، وربما التواطؤ على تجميد جبهة عرسال كل هذه السنوات، سيما وان مؤشرات الوصول الى المرحلة الآنية، كانت قد انكشفت منذ زمن، وتسأل… كل القوى والجهات السياسية تدرك جيدا انه ممنوع على القوى العسكرية والامنية اللبنانية الدخول الى بلدة عرسال، خاصة بعد «المشهد الاحتفالي» الذي سجل، خلال عملية التبادل التي جرت بين الحكومة و«جبهة النصرة الارهابية، واطلق خلالها العسكريون اللبنانيون، والذي تخلله عراضة مسلحة بين منازل البلدة.

وتنقل الاوساط عن معلومات تحدثت عن سيطرة تنظيم «داعش» على اهم معاقل «جبهة النصرة»، والواقعة داخل الاراضي اللبنانية المتاخمة للحدود مع سوريا، وان حدة المعارك تراجعت نسبيا، بعد «وساطة» قام بها «الشيخ» مصطفى الحجيري المعروف بـ «ابو طاقية» بين الطرفين، فيما ورد اسم احمد فليطي الذي لعب دورا بارزا مع «المندوب» القطري، في المفاوضات التي جرت بين الحكومة اللبنانية وتنظيم «جبهة النصرة» في ملف العسكريين اللبنانيين الذين اختطفوا، الا ان الامور لم تنته عند هذا الحد، حيث عمت حالة من القلق والخوف في اوساط الاهالي الذين تخوفوا من «حرب الولاءات»، وتخوفوا من ان يكونوا ضحايا جدد للارهاب، خاصة وان احياء البلدة الداخلية باتت تعج بالمسلحين من اتباع التنظيمين المتصارعين، ما دفع بعشرات العائلات من النزوح الى البلدات المجاورة، تخوفا من تصاعد الفلتان الامني في البلدة.

وتضيف الاوساط .. لقد قامت «جبهة النصرة» بـ«عسكرة» عرسال، من خلال تجنيد عدد من رجال الدين الى صفوفها، مع العشرات من ابناء البلدة، وهذا كفيل باشعال معارك داخل البلدة، في حال اصر تنظيم «داعش» على السيطرة على البلدة الحيوية بالنسبة الى تحركاته،الامر الذي يفرض حربا شرسة، ستكون عرسال وابناؤها فيها الضحية، فضلا عن رسم خطوط تماس جديدة بين «داعش» والجيش اللبناني الذي يتصدى لتحركات التنظيمات الارهابية من مواقعه ومراكزه المتاخمة للبلدة، وهذا من شأنه ان يفرض واقعا امنيا وعسكريا ضاغطا على الداخل اللبناني، الى مخاطر اكبر من ذلك، في حال بقيت الحكومة في موقع المتفرج، والموقف المريب لبعض اطرافها الذي لا يُصنّف هذه التنظيمات بـ «الارهابية»، بل يصفهم بـ «الثوار»!، فيما ما زالت اطراف اخرى داخل الحكومة تدعو الى التريث والتعامل بـ «حكمة»، وتجنب اي صدام مذهبي!، ومنطلقات هؤلاء تختلف بالكامل عن منطلقات الجيش اللبناني الذي يعتبر «داعش» و«النصرة» تنظيمين ارهابيين يحتلان اراض لبنانية ومنها بلدة عرسال.

وتتخوف الاوساط من ان ثمة تواطؤ خفي يجري في ملف عرسال، بين بعض الجهات الحكومية النافذة ومجموعات ارهابية، وبخاصة مع «جبهة النصرة»، على الرغم من ان ملف عرسال يشكل الملف الامني الاخطر الذي يواجهه اللبنانيون، بالاستناد الى ما قامت به المجموعات الوافدة من جرود عرسال الى العمق اللبناني، لاغراقها في تفجيرات لانتحاريين استهدفوا مناطق سكنية ومراكز وحواجز الجيش اللبناني، وهذا التواطؤ يتسلح بما يسميه «مراعاة» الجانب المذهبي من الملف، وهو ما عطل صدور قرار للجيش اللبناني بحسم الوضع عسكريا، وقد دفع الجيش فاتورة غالية من دماء ضباطه وجنوده جراء هذه السياسة العرجاء.

وتلفت الاوساط الى ان «حزب الله» «عمل اللي عليه»، وحسم عسكريا من الجانب السوري، ليتفادى احراجات هو بغنى عنها، وبالدعوة التي اطلقها امين عامه السيد حسن نصرالله قبل اكثر من عامين، الى القوى والاطراف السياسية بالابتعاد عن كل الخلافات السياسية القائمة بينها، لمواجهة المخاطر التي تتهدد لبنان بوجوده ومصيره..وقد ارفق نصرالله دعوته، بالتأكيد على ان الحزب سيواجه الارهاب اينما وُجد، ولا يمكن ان يكون متفرجا على خطر مصيري يهدد لبنان واللبنانيين، وهو يرفض «فلسفة التعايش» مع المنظمات الارهابية، اكان من خلال توفر الظروف الملائمة لخلق بيئة داعمة او متعاطفة معه، او من خلال التسويق لـ «ثورنة» الارهاب.

ويبقى التساؤل الاكبر… هل يسمح وضع الحكومة بمعالجة جذرية وحاسمة لملف عرسال ؟ ام ان «الاوركسترا» السياسية ما تزال تلازم مسرحها لتعزف مجددا، سيمفونيتها التي ترى الارهاب ثورة؟ ولعل اللبنانيين تلمسوا مدى هزلية التعاطي مع هذه المجموعات الارهابية المرابطة على تخوم الحدود الشمالية للبنان.

مأساة اللبنانيين ومعاناتهم من الارهاب المتمركز في عرسال وجرودها، ستزداد اكثر، اذا كانت الحكومة ما تزال تنتظر وصول اسلحة الهبة السعودية المتبخّرة!، برأي الاوساط نفسها.