أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري عن إرجاء جلسة تفسير المادة 95 من الدستور التي كانت مقررة بعد غد الخميس في السابع والعشرين من الشهر الجاري إلى موعد يحدد في ما بعد. وهذا التأجيل الثاني للجلسة التي كان قد تحدد أول موعد لها في 17 تشرين الأول (تاريخ لا يجب أن يُنسى) وقد تم التأجيل الأول بالتنسيق والتوافق بين الرئاستين الأولى والثانية في حينه.
وإذا كان من الطبيعي أن يحصل التأجيل الأول بسبب عدم تمكن مجلس النواب من عقد جلسة من هذا النوع في عقد إستثنائي، فإن التأجيل الثاني يأتي بسبب الظروف الراهنة التي تعيشها البلاد، خصوصاً بعدما منع المتظاهرون، مجلس النواب من الإجتماع في جلسة ربما تكون أكثر أهمية لجهة إنتخاب أميني السر والمفوضين وأعضاء اللجان، وبالتالي إعادة تشكيل هيكليته الإدارية، وهو الأمر المُلزم دستورياً مع بداية عقد تشرين من كل سنة، وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المجال هو: كيف سيفي الوزير المستقيل سليم جريصاتي بوعوده التي قطعها للناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية وربط حل قضيتهم بإنعقاد هذه الجلسة ونتائجها؟
وتستغرب مصادر معنيّة لـ”نداء الوطن” ربط جريصاتي مصير هؤلاء المعلق أصلاً خلافاً للقانون والدستور بمصير جلسة من شبه الواضح والمؤكد عدم إنعقادها في هذه الظروف، خصوصاً أن وعود “وزير القصر” كما يفضل تسميته العديد من القوى السياسية، للناجحين، جاءت بعد نحو أكثر من عشرين يوماً على بداية إنتفاضة 17 تشرين وبعدما كانت البلاد أصبحت بلا حكومة بعد استقالتها تحت ضغط الشارع ولا إستشارات لتكليف رئيس جديد لتأليف حكومة جديدة؟!
“وزيرالقصر” وناجحو مجلس الخدمة
وكان ناجحو مجلس الخدمة المدنية وبعد محاولات متكررة وعلى مدى الأشهر الماضية، تمكنوا بفضل انتفاضة 17 تشرين وبعد 23 يوماً على انطلاقتها، من الوصول إلى قصر بعبدا أولاً كمعتصمين ومتظاهرين يطالبون بحقهم وإنصافهم، ومن ثم كوفد مصغّر من قبلهم دخل القصر الجمهوري من دون طلب موعد مسبق وإن كان اللقاء قد اقتصر على جريصاتي.
وبعد لقائه لنحو أربعين دقيقة، تحدث باسمهم أحمد عساف، الذي قال: “حصلنا من الوزير جريصاتي على تأكيد أنه سيتم إنصاف جميع الناجحين في مجلس الخدمة المدنية في عهد الرئيس عون، ونحن الآن ننتظر جلسة مجلس النواب في 27 تشرين الثاني، حيث سيتم تفسير المادة 95، وفي ضوء ذلك، ستلتزم كل الكتل السياسية بكل التفسيرات، وفهمنا من الوزير جريصاتي أنه مهما كان التفسير ستكون النتائج لصالحنا، كما ستكون هناك بادرة حل للناجحين مستقبلاً كي لا يقعوا في المشكلة نفسها”.
وشرح عساف كلام جريصاتي لجهة أنه في حال فسّر مجلس النواب نص المادة 95 من الدستور على قاعدة ما هو مسلمّ به من قبل الكثيرين بأن المناصفة هي حصراً بالفئة الأولى، فعندها سيُوقع رئيس الجمهورية كل المراسيم المتعلقة بالناجحين لأنهم من مختلف الفئات دون الفئة الأولى.
أما إذا كان التفسير يتطلب التوازن الطائفي عطفاً على عبارة “تأمين متطلبات التوافق الوطني” فستجرى مباراة خاصة بالمسيحيين لتأمين التوازن، طبعاً كل ذلك وفقاً لتفسيرات واجتهادات الوزير سليم جريصاتي.
وتقول مصادر متابعة لـ” نداء الوطن”: “يبدو أن وزير القصر لا يزال يعيش مرحلة ما قبل انتفاضة 17 تشرين الأول، ولا يزال كما فريقه السياسي يكابر ويتنكّر للواقع الجديد في البلاد، وبالتالي يُراهن على عودة منطق المحاصصة والزبائنية”.
وتضيف إن “اللبنانيين لا يريدون تفسيرات واجتهادات وهم خرجوا من منطق الطائفية والمذهبية فعلاً لا قولاً من خلال لقاء الساحات ولا ينتظرون أي تفسير سوى التفسير الوحيد خصوصاً للمادة 95 من الدستور التي تتحدث عن تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية التي يُفترض أن تُترجم ما قاموا به في الساحات”.
ويرى النائب بلال عبدالله وهو من الداعمين لحقوق الناجحين أن “كل من يمتنع عن توقيع مراسيم الناجحين يُخالف القانون والدستور والأعراف، فهؤلاء أصحاب حق وقد تجاوزوا كل المراحل المتعلقة بامتحاناتهم ويجب أن تُوقع مراسيمهم”.
ويقول لـ”نداء الوطن”: “إن الحجة بتفسير نص مادة في الدستور وموضوع التوازن الطائفي كل ذلك هو تهرب من المسؤولية ووعود واهية وعدم توقيع مراسيم هؤلاء فيه انتهاك لحقوق الإنسان”.