IMLebanon

ساعات مفصليّة في رحلة إستعادة الجنسية

يعيش ملفّ استعادة الجنسية للمغتربين ساعات مفصلية، بعد تذليل معظم العقبات السياسية التي كانت تقف في الماضي عائقاً أمام إقراره، ووصول النقاش إلى الشقّ القانوني والآليات المتّبعة لإعادة الجنسية لمَن فقدها.

مرَّ مشروع استعادة الجنسيّة بمطبّات عدّة في السابق، وكان يُعتبَر من المحرّمات، لأنّ إقراره وبدءَ العمل بموجبه سيخلق خَللاً في الميزان الديموغرافي اللبناني.

فمعظم المهاجرين الأوائل كانوا من الطائفة المسيحيّة، لكنّ داءَ الهجرة أصابَ جميع اللبنانيين بعد اندلاع الحرب الأهلية وما رافقَ مرحلة ما بعد اتّفاق «الطائف» من ركود اقتصادي، لذلك أصبحَت مسألة استعادة الجنسية ومنحُ المغترب حقوقَه واجباً وطنياً، لأنّه ملفّ يمسُّ كلّ بيت لبناني.

سرَّعَ إصرار حزب «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» على عدم المشاركة في أيّ جلسة تشريعيّة، إذا لم يدرج بندا قانون الانتخاب واستعادة الجنسية على جدول الأعمال، مسيرةَ الألف ميل لإقرار قانون استعادة الجنسية.

وفي هذا الإطار عَقد نواب «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» و«القوات» و«الكتائب» والمستقلّين اجتماعاً في المجلس النيابي، ناقشوا فيه موضوع الجلسة التشريعية.

وضمَّ الاجتماع النواب: سمير الجسر، جمال الجرّاح، أحمد فتفت، نعمة الله ابي نصر، ألان عون، ابراهيم كنعان، إيلي ماروني، إيلي كيروز، هادي حبيش، نديم الجميّل، أنطوان زهرا والوزير بطرس حرب. فيما حضَر عن المؤسسة المارونية للانتشار: شارل الحاج، يوسف الدويهي، وهيام بستاني.

إستغرقَت المناقشات وقتاً طويلاً، ونظراً لدقّة الملفّ وأهمّيته، تمَّ الاتفاق على استكمال النقاش اليوم في جلسة تُعقَد عند الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً، من المحتمل أن تصل إلى اتفاق على البنود الخلافية.

وبما أنّ الملاحظات الأساسية في شأن المشروع وضَعها تيار «المستقبل»، فقد أوضَح النائب جمال الجرّاح لـ«الجمهوريّة» أنّ «النقاش تَركّز على النقاط القانونية والآليّة المعتمدة لاستعادة الجنسية»، لافتاً إلى أنّ لتيار «المستقبل» ملاحظات قانونية، وهي في طريقها نحو الحلّ، ولا خلافات بل استيضاحات»، مشيراً إلى «إحصاءَين حصَلا في تاريخ لبنان، ولا خلاف على الرجوع إلى التاريخ الذي يبدأ منه المتحدّر من أصل لبناني إستعادةَ جنسيته».

من جهته، اكتفى النائب أنطوان زهرا بالقول لـ«الجمهورية» إنّ «الأجواء إيجابية، والتزَمنا عدمَ الكلام حتى الجلسة الثانية المقرّرة غداً (اليوم)، وإنشالله خير».

البحث الأساسي في الجلسة كان بين المسيحيين وتيار «المستقبل»، فيما سُجّلَ غياب المكوّنين الشيعي والدرزي، لذلك، أوضَح عضو تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون لـ«الجمهورية» أنّ «هذا الاجتماع غير رسمي، وهو مع فريق «14 آذار» وخصوصاً تيار «المستقبل»، مؤكّداً أنّه «سيكون هناك تواصُل مع المكوّن الشيعي لاحقاً، لكن ليس هناك أيّ مشكلة أساسية معهم».

وأضاف: «أحرَزنا تقدّماً مهمّاً، والنقاش تَركّز على مَن يحقّ له استعادة الجنسية، ووعدونا بأن نحصل على جواب خلال الـ 24 ساعة ونتمنّى أن ننتهي من النقاشات في جلسة الغد (اليوم)»، لافتاً إلى أنّ «العقبات في بقيّة البنود تُذلَّل وليست ذات أهمّية».

وعلى عكس التفاؤل، فإنّ عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني عبَّر عن تشاؤمه من إمكان الوصول الى اتفاق في جلسة اليوم. وقال لـ«الجمهورية» إنّ الأمر «يحتاج الى معجزة، فقانون الجنسية متوقّف منذ فترة ولم يتغيّر شيء الآن ليقرّ».

لكنّه شدّد على أنّ «البحث يُستكمل غداً (اليوم) لحسم الأمور»، موضحاً «أنّنا و»القوات» و»التيار الوطني الحرّ» متّفقون على البنود كافّة، أمّا النقاش مع الشركاء، وخصوصاً تيار «المستقبل»، فهو من أين يبدأ الحق في اكتساب الجنسية، هل من عام 1921 أو 1932»، لافتاً إلى أنّ هذا الاختلاف تقنيّ وليس سياسياً».

من جهتها، أوضَحت المديرة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني لـ«الجمهورية» أنّ «الأجواء إيجابية ولا إمكانَ للتراجع، ونأمل الوصول إلى اتّفاق في جلسة الغد (اليوم)».

لا يعني الاتّفاق بين تيار «المستقبل» والمسيحيين على قانون الجنسية، أنّ الملف أقِرّ، لأنّّ عَقد جلسة تشريعية أمرٌ غير مؤكّد أساساً، على رغم أنّ هذا الملفّ وطنيّ بامتياز، ويبقى الانتظارُ سيّدَ الموقف، فهل يَرقى اللبنانيون إلى مستوى الاغتراب الذي يَدعمهم في صمودهم الاقتصادي، أم تبقى النظرة إليهم على أنّهم مورد ماليّ يمكن استغلاله فقط لا غير؟