IMLebanon

الذكاء الصناعي وخطاب الغباء البشري

 

 

يشهد العالم مرحلة من التحولات العميقة تتسم بالمنافسة الحادة بين العقل البشري والذكاء الصناعي، والبشرية على مدى آلاف السنين شهدت تحولات متعاقبة كانت الغاية منها تعزيز التواصل وتقريب المسافات بين الشعوب، وتطوير الادوات من اجل تسهيل الحصول على  بديهيات الحياة من أمن وغذاء وكساء وايواء، والبشرية شهدت صعود وسقوط حضارات، والبشرية توهمت ملايين المرات من انها قد بلغت مرحلة السكينة والامان واعادت الانتظام العام الى الوعي البشري بين ما كان وما سيكون وتحقيق التوازن الوجودي بين المكان والزمان.

 

عرف العالم تحولات مناخية من اعاصير وزلازل وفياضانات، وعصور جيولوجية متعددة ومتغيرات، وتحولت الصحاري الى مناطق جليدية واعماق البحار والمحيطات الى جبال صخرية شاهقة، ولا يزال العالم يقف على الدوام امام لحظات شديدة القلق والحذر حين يعم خطاب الجهل والغباء نتيجة انعدام وجود عقول بشرية خلاقة وقادرة على محاكاة القلق الوجودي واحتواء التحولات الكبرى التي تهدد الوجود البشري بمخاطر التصدع والزوال.

 

عرف العالم  مع تحولات الثورات الصناعية ثلاثة حروب عالمية خلال القرن العشرين، وهي الحرب العالمية الاولى والثانية والحرب الباردة، وتلك الحروب ذهب ضحيتها مئات الملايين من البشر وتلاشت امبراطوريات وقوميات وأيديولوجيات، وعرف الانسان انماطا من التوحش والعنف تجاوزت كل الاساطير والروايات عن العصور الحجرية والبشرية البدائية، والحرب الباردة كانت في الواقع اكثر توحشا من الحروب الحامية، لانها تميزت بالاستخفاف بعقول البشر واعتماد الكذب والرياء والتحكم بالوسائل الاعلامية واعتماد تعدد المعايير، وكانت بالغة الاثر على الوعي البشري مما ادى الى رفع مستوى الكراهية والاحقاد بين الشعوب، حيث كانت الفضيلة هنا خطيئة هناك، والحرب الباردة خلقت ظاهرة الارهاب نتيجة الكذب والرياء من الاقوياء على الضعفاء، والعديد من الشعوب تذوقت مرارات خطاب الغباء البشري والعنصرية واحتقار حقوق الانسان .

 

العالم اليوم يعاني من تعاظم خطاب الغباء البشري امام دقة ومصداقية الذكاء الصناعي، وهناك شخصيات سياسية تتوهم انها قادرة على التلاعب في وعي البشرية جمعاء من خلال خطاب الكذب والادعاء واعتماد المهارات الفردية الجوفاء والعبث بالوقائع والتمادي في الغرور، وهناك من يعتقد بانه عبر خطاب الغباء البشري قادر على هزيمة الذكاء الصناعي وحرية معرفة المعلومات ومتابعة كل الوقائع في القرية الكونية التكنولوجية  .

 

العالم في الايام الماضية تابع عبر الذكاء الصناعي خطاب الغباء البشري في الحي الغربي من القرية الكونية، حيث تعاظمت الخفة الاستعراضية والتصفيق بدون انقطاع لخطاب الاكاذيب والاوهام العنصرية، انه يوم سيكون له ما بعده بعد ان شاهدت البشرية جمعاء النخب السلطوية الغربية وهي تهلل وتصفق لارتكاب مجازر الابادة الجماعية والاصغاء لوقاحة ادعاء الصغار بحماية الكبار، اما في الحي الشرقي من القرية الكونية فكانت البشرية تتابع لقاءات النخب الشرقية الهادئة والصامتة والمعمقة والتي تبحث عن فرص السلام وانهاء الحروب والنزاعات التي تهدد النظام العام في القرية الكونية، ويشهد الحي الشرقي من القرية الكونية تحولات دقيقة عبر دخوله في مرحلة صناعة السياسات السلمية الى جانب صناعة الرقائق الذكية لتفادي مخاطر انكشاف خطاب الغباء البشري امام  الذكاء الصناعي.