Site icon IMLebanon

الذكاء الإصطناعي يصل إلى المدارس… والعين على العام المقبل

 

عصر الذكاء الاصطناعي يتمدّد. وتطبيقاته آخذة بفرض إيقاعها على مختلف الجبهات. فهل من قطاع أكثر التصاقاً به، لناحية إعداد جيل قادر على مواكبته، من القطاع التربوي؟ المشروع أطلقته وزارة التربية والتعليم العالي مؤخراً بالتعاون مع قطاع التعليم في اليونسكو. والهدف «تعليم مهارات الترميز والذكاء الاصطناعي» لأساتذة وطلاب المدارس الرسمية. طبعاً، المناطق الرمادية والسوداء تحيط بنا من كل جانب. لعلّ المشروع يساهم، إن تَوسَّع نطاقه مستقبلاً، في تبييض بعض الصفحات.

 

في مرحلته الأولى، ارتكز المشروع على إخضاع نحو ثلاثين أستاذاً ومعلّمة من عشر ثانويات مختلفة إضافة إلى 500 تلميذ وتلميذة من الثانويات نفسها لدورة تعلّم على الترميز، وتدريبهم على مهارات الذكاء الاصطناعي. والسؤال: هل ومتى سيتمّ إدخال تلك المادة في المناهج التعليمية منذ المراحل الدراسية الأولى؟

 

تعاوُن مثمر

 

مديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية، هيلدا الخوري، تخبرنا أن الذكاء الاصطناعي بات جزءاً أساسياً من المجالات التي تعمل الأنظمة التربوية الحديثة على إدخالها في المناهج مع شرح سُبل ومحاذير استعمالها. «لقد عمِلَت وزارة التربية والتعليم العالي – المديرية العامة للتربية، بالتعاون مع بعثة لبنان لدى منظمة اليونسكو،على هذا المشروع منذ سنوات عدة. لكن تأخُّر إطلاقه جاء نتيجة جائحة كورونا وتدهوُر الأوضاع العامة في البلد»، كما تقول.

 

التعاون القائم بين وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال، الدكتور عباس الحلبي، وسفيرة لبنان لدى منظمة اليونسكو، سحر البعاصيري، أتى أكله في الواقع. إذ تمّ خلال المرحلة الأولى من المشروع التجريبي تدريب أساتذة ومعلّمات من عشر ثانويات رسمية، إضافة إلى مرشدِين من جهاز الإرشاد والتوجيه ومدرّبِين من المركز التربوي للبحوث والإنماء إضافة إلى مندوبِين عن مديرية التعليم الثانوي.

 

ما بعد المرحلة الأولى

 

«المرحلة الأولى تمّت بنجاح وسيُستكمل التدريب مع بداية العام الدراسي المقبل»، كما تذكر الخوري مشيرة إلى أن المشروع لن يقتصر على المدارس الرسمية إنما سيتوسّع في مراحله اللاحقة ليشمل الخاصة أيضاً. وتجدر الإشارة إلى أنه سبق لبعض المدارس الخاصة الانخراط في مشاريع مماثلة. لكن كيف سيجري التطبيق على أرض الواقع في ظلّ الظروف القاتمة التي يرزح تحتها قطاع التعليم في لبنان؟ تجيب الخوري: «لقد درسنا مرحلة التطبيق التي سيبدأ العمل بها بداية العام الدراسي المقبل، ولا نحتاج لشروط تعجيزية لتنفيذ ذلك. الأهم هو تحقيق الهدف ألا وهو توفير بيئة إيجابية لتحفيز الطلاب والأساتذة معاً».

 

البعض يشدّد على ضرورة استثمار التمويل الخارجي حالياً لغرض إعادة بناء وتصحيح ما تهدّم من القطاع التربوي قبل التفكير بمشاريع قد تُعتبر ثانوية أمام حجم المشاكل البنيوية في المدارس الرسمية. لكن الخوري لفتت إلى كون تلك المشاريع مخصصة أصلاً لتمويل هذا النوع من التدريبات في حين أن كلفتها ليست مرتفعة. وأضافت أنه ليس من المنطقي انتظار تعافي لبنان من أزمته الاقتصادية لاستكمال مسيرة تطوير التعليم. «من خلال العمل على تحسين المناهج والمستوى التعليمي، يمكن المساهمة في إعادة إعمار اقتصاد البلاد».

 

مناهج… على النار

 

جيّد. لكن يجب ألّا يغيب عن بالنا احتلال لبنان المرتبة الأخيرة عربياً والمرتبة 74 عالمياً من أصل 77 دولة شاركت في اختبار البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA) في دورة العام 2018. سنوات خمس مرّت على آخر الدورات التي شارك فيها طلاب لبنانيون، فهل يمكن الإفادة من هكذا مشاريع باعتبارها جزءاً من خطة تعافي قطاع التعليم؟ «من غير العادل تقييم المتعلّم من خلال بعض أنواع التقييمات التي لا تتناسب والمنهج اللبناني المُعتمَد. فبالرغم من النظرة التشاؤمية، لا يزال الطالب اللبناني يتميّز ويبرع في الخارج. لكن المشكلة تتمثّل بقياسنا كفايات ومعارف الطالب في بعض التقييمات العالمية على أسُس غير موجودة في المنهج الحالي»، بحسب الخوري.

 

الحل، وفق معنيّين، لا يكون إلّا بتغيير المناهج التعليمية الراهنة مع كل ما يرتبط بها من أساليب التعليم والتقييم. وهذا ما يعمل عليه حالياً المركز التربوي للبحوث والإنماء على أمل أن تُغيَّر المناهج قريباً ويستعيد لبنان شيئاً فشيئاً مكانته العالمية على هذا الصعيد.

 

بالتوازي، فإن مشروع «تعليم مهارات الترميز والذكاء الاصطناعي»، أسوة بمشاريع أخرى تنفّذها الوزارة والمركز التربوي للبحوث والإنماء، ليس سوى مرحلة تجريبية لآليات جديدة عِمادها الكفايات. فهل لنا أن نتجرّأ ونحلم بِصرح تعليمي يراعي متطلبات العصر المرتكزة على الذكاء الاصطناعي؟