ماذا يحصل في “صندوق التعاضد الموحد للفنانين المحترفين” هل هي “حسابات ضائعة”؟ أو “حسابات كيدية”؟ وهل اصطفت “غلوريا أبو زيد ” مع المعترضين و”احتضن” وزير الزراعة والثقافة والتعاونيات وما إليها عباس مرتضى الطرف الآخر الساعي لاستعادة “المُلك” ؟ ما هو حجم المخالفات المالية ليُمنع بعض رموز”الصندوق” من السفر؟ وما هو حجم المخالفات المسلكية ليُفصل فنانون معترضون من نقابتهم؟ مَن في محور إحسان صادق ـ سميرة بارودي ومَن في المحور الآخر؟
في الإجابة على السؤال الأخير، يقول أحد أعضاء النقابة: “الفنانون منقسمون إلى ثلاث فئات:
قسم شكّل حالة اعتراضية ضد الفساد.
وقسم والى مجلس إدارة الصندوق الذي يرأسه الكاتب شكري أنيس فاخوري،
وقسم ينتظر ما ستؤول إليه الأمور، وهو يشكل “الأكثرية المراقِبة”.
وفي الإجابة على السؤال الأول يقول الكاتب شكري أنيس فاخوري، في اتصال مع نداء الوطن”: “إنها حربُ تخوضها سميرة بارودي وإحسان صادق وتلك الأقلية الموجودة في النقابة ضد شرعية الصندوق، والهدف إغلاق الصندوق المقفل لا هم يقدرون الدخول ولا نحن، والقضية اليوم بالنيابة العامة كي يرسلوا معنا قوى أمنية لفتح الباب عنوة ومعرفة شو مخبصين وشو عاملين”.
وللتخبيص قصة تُروى.
أشتكي لمين!
بعد أشهر على انتخاب عازف الغيتار علي رضا، للمرة الثانية، عضواُ في لجنة الرقابة على صندوق التعاضد الموحد للفنانين المحترفين، بدأ يتلمس بعض الشوائب، وشيئا فشيئا اتضح له وجود مخالفات جسيمة مالية وقانونية وإدارية، في ظل وجود رئيس الصندوق الكاتب شكري أنيس فاخوري وأمين الصندوق عازف الأورغ فادي سعد. تم عرض موضوع المخالفات على رئيس لجنة الرقابة جورج خاطر فلم يتقبل الأمر، فما كان من رضا إلا أن تقدم بشكوى رسمية إلى المديرية العامة للتعاونيات التي ترأسها المديرة العامة غلوريا أبو زيد، فاتخذ مجلس إدارة الصندوق قراراً بفصله بعد ذلك، متّهماً إياه بإطلاق شائعات تمسّ بكرامة الفنان والنقابة والصندوق، لكنه لم يتراجع عن شكواه، ونفتح هلالين للإشارة إلى المواجهة التي وقعت بين وزير الزراعة السابق غازي زعيتر وأبي زيد العام 2017 في قضية تعاونية سيدة النجاة المعروفة بتعاونية المطران عصام درويش، على خلفية رفض أبو زيد التوقيع على نقل ملكية مبانٍ تعود إلى الوقف الكنسي، غير مستوفية الشروط القانونية. رفضُ توقيع المديرة العامة أثار حفيظة المطران درويش، قبل أن يبادر الوزير زعيتر إلى وقف مهماتها كمديرة عامة للتعاونيات، وبعد سنة أعيدت أبو زيد إلى موقعها بقوة الحق.
3 قرارات ودعوى
وفي العودة إلى شكوى رضا على مجلس إدارة صندوق التعاضد الموحد فقد تضمنت مجموعة من المخالفات المالية مثل رواتب وأجور غير قانونية وعقود مع صناديق تعاضد مخالفة للقوانين. ويكشف رضا لـ “نداء الوطن” أن “الشكوى لم تسلك طريقها الى المديرة العامة لغاية في نفس “يعقوب”، فتقدمتُ بشكوى ثانية مرفقة بمستندات ووثائق جرى على اثرها التدقيق والتحقق من قبل المديرية العامة للتعاونيات فعلقت صلاحيات مجلس إدارة الصندوق المؤلف من 9 أعضاء بالإضافة إلى لجنة المراقبة وكلفت أبو زيد في 8 آذار 2019 لجنة موقتة من موظفي المديرية لتسيير أعمال الصندوق برئاسة محمد ابو شقرا،”ولاحقا في 22 آذار تم تعديل القرار بإدخال عضوين من الفنانين وهما الرئيس السابق للصندوق الكاتب شكري فاخوري الملم بتفاصيل الصندوق واحتياجات المنتسبين وإحسان صادق (طانيوس أنيس خاطر) القريب من المعترضين على أداء مجلس إدارة الصندوق، لم يمش الحال، وتابع أمين الصندوق المعلّقة صلاحياته عمله وكأن شيئاً لم يكن، زد على ذلك فالمجلس المعلقة صلاحياته طعن بقرار المديرية لدى مجلس شورى الدولة فما كان من وزير الزراعة السابق حسن اللقيس إلّا أن تقدم بدعوى جزائية لدى النيابية العامة التمييزية، ضد المجلس السابق الذي يرأسه فاخوري، وتم تحويل القضية على مكتب الجرائم المالية.
هذا وقد تم التمديد لأبي شقرا ثلاثة أشهر إضافية ( تنتهي في أيلول 2019 )على رأس اللجنة الموقتة بالتزامن مع تكليف خبير مالي ( سامي تلج) إعداد تقرير حول الخلافات المالية، في ظل مماطلة المجلس السابق في تسليم ملفات الصندوق بحسب ما تقتضيه الأصول.
بعد انتهاء مفعول التمديد، وبسبب حصول نزاع بين المنتسبين إلى الصندوق وتعذر إجراء إنتخابات، كلفت المديرية مجلساً موقتأ آخر ( في تشرين الأول 2019) من الفنانين حصرا، برئاسة إحسان صادق (87 عاما) وأماني وناصيف راضي وعبدو منذر وشادي مارون. حاول المجلس إجراء عملية تسليم وتسلم وفشل على الرغم من تدخل الوزير حسن اللقيس لعدة مرات.
وكانت مجموعة ثلاثينية من مؤيدي إبقاء القديم على قدمه قد أصدرت في أيار الماضي بيانا حملت فيه على المديرة العامة للتعاونيات غلوريا أبو زيد، و”بالتنسيق التام” مع الفنان إحسان صادق والنقيبة السابقة سميرة بارودي بـ “وضع اليد على مجلس إدارة الصندوق” معتبرين أن ما يطاول المجلس السابق “إدّعاءات واهية” وطالبوا بإعادة شكري أنيس فاخوري إلى رئاسة المجلس وفادي سعد إلى أمانة الصندوق و”جميع الأعضاء إلى ممارسة عملهم وضرب كل قرارات مديرية التعاونيات منذ سنة ونيف بعرض الحائط واعتبار كل ما قامت به من تجاوزات هي غير قانونية” البيان هذا وزّع على الواتس أب ووُجه بدعوى تشهير قدمها “مجلس إحسان صادق”.
تسليم وتسلم وليس كل الموجودات سالمة
وصف مجلس إدارة “الصندوق” قرارات المديريّة بـ”التعسفية” ورفض تنفيذها، تقدّم بطعن. ما حال دون تمكّن المجلس المعيّن من استلام المقر فلجأ إلى قاضي العجلة بعد اصرار المجلس المعلّقة صلاحياته على عدم إتمام عملية التسليم والتسلم. وفي النهاية “قضي الأمر” وحصل التسليم بقرار من قاضي العجلة بتاريخ 27 كانون الثاني 2020 وتبين أن الداتا تم محوها عن كافة الكمبيوترات فاضطر المجلس الموقت إلى الإستعانة بخبير معلوماتية لإحياء الملفات فأعادها، ما سمح للخبير المالي باستكمال تقريره وقد توصل إلى استنتاج بوجود هدر مالي بمئات ألوف الدولارات ومخالفات متنوعة من تسديد رواتب وأتعاب من دون وجه حق، والتعاقد مع صنادبق تعاقد أخرى وتغطية أشخاص من غير الفنانين وعائلاتهم. إلى عمليات تزوير مستندات وعمولات.
وبعد التحقيقات إدعى النائب المالي العام علي ابراهيم على أمين الصندوق فادي صبحي سعد وهند موريللي ( محاسبة) بجرم اختلاس أموال عامة والتهرب من دفع الرسوم والضرائب وأحيلت القضية إلى قاضي التحقيق الأول شربل أبو سمرا ومُنعا من السفر ولا تزال القضية مفتوحة.
شكوى كيدية
يقلل الكاتب فاخوري من أهمية القضية المالية المُثارة “لا شيء مهم. يأتي التحقيق في إطار ضريبة يجب أن تُدفع ولم تدفع. هذا هو جوهر التحقيق المالي ويتعلّق بالتهرّب الضريبي، فليُقل ما المبالغ المطلوب تسديدها وتسدد. لا مشكلة في الأمر” وتابع فاخوري “انطلقوا من شكوى كيدية. ركبت في رأسهم أن هناك إختلاسات تبين أنها عبارة عن أتعاب كانت تُدفع لمن كانوا يشتغلون في الصندوق، وكانوا يمضون نهاراتهم ولياليهم يتابعون صحة المنتسبين. اعتبروا (في الشكوى) الأتعاب إختلاسات فقال مجلس شورى الدولة ما تواخذوني (…) وكل الشكاوى التي تقدمتم بها لا اساس قانونياً لها. ردها. كلها”.
وفي التفاصيل أن مجلس شورى الدولة، وبعد اطلاعه على التقرير المالي، أصدر في 16 تموز 2020 قراره بإبطال قرارات المديرية العامة للتعاونيات الثلاث الصادرة في آذار 2019 المتعلقة بتعيين أبو شقرا، وتدخل الوزير عباس مرتضى متسلحا بقرار الشورى، معتبرا أن القرار الأخير (الرقم 73)، والصادر عن المديرية العامة للتعاونيات، المتعلق بتكليف مجلس إحسان صادق مشمول أيضا بقرار الشورى، فيما ذكر مستشار مرتضى القانوني علي عطايا، في حديث إذاعي، أن قرار الشورى لم يتضمن صراحة هذا القرار ولكن المنطق يقول بالسير به وهكذا أصر الوزير على إعادة القديم إلى قدمه، أي العودة إلى تركيبة المجلس الأول، الذي يرأسه الكاتب شكري أنيس فاخوري، وقد طلب الوزير مرتضى من المديرة العامة للتعاونيات تنفيذ الأمر من دون أي اعتراض متجاهلا تواصل التحقيق المالي المتعدد الجوانب. توازياً أصدرت نقابة الفنانين المحترفين قرارين فصلت بموجبهما ثمانية من أعضاء النقابة: النقيب السابق إحسان صادق، علي رضا، كاتيا كسرواني، سيرج مناسا، رانيا مراد وفرنسوا رحمة. وناصيف راضي، وأماني.
منتهية
بالنسبة إلى فاخوري “القصة انتهت فحكم مجلس الشورى لصالح مجلسنا وإبطل كل قرارات المديرية العامة للتعاونيات، ورد “الصندوق” إلى المجلس المُنتخب شرعاً، وليس إلى المجلس الذي عينته المديرية، أي مجلس إحسان صادق ومن معه. قرارات الوزير (مرتضى) واضحة بتسليم الصندوق لنا إنما المشكلة أنهم يرفضون التسليم” ويتابع “رفعنا دعاوى جزائية على إحسان صادق، ومجلس الإدارة الموقت الذي عينته التعاونية وعلى غلوريا أبو زيد وغيرهم ونطالب بالحق المعنوي وحتى المادي. عطلونا سنة ونصف السنة”.
الجدير بالذكر أن اللجنة الموقتة أقفلت الصندوق منذ نحو شهر وكان إحسان صادق وأماني وناصيف راضي يتولون تسيير أمور المنتسبين بشكل إعتيادي من خارج المقر الرسمي.
فإلامَ يستمر التعطيل والإغلاق القسري في وجه الطرفين؟
وهل تنزع الأغلال عن الصندوق ويفتح من جديد؟ من ربح ومن خسر في دعاوى التشهير والمخالفات المفتوحة؟ وهل تعود المياه إلى مجاريها القانونية؟
الصندوق العجيب
أنشئ صندوق التعاضد الموحد للفنانين المحترفين في العام 1999 وهو مستقل إداريا عن نقابة الفنانين المحترفين ومقر الصندوق بعبدا وأعضاؤه من الفنانين وهو قائم على العمل التطوعي. كان يضم في العام 2018 حوالى 800 منتسب بينهم 15% من الفنانين والباقون من خارج القطاعات الفنية.، ثم تراجع العدد إلى الربع بعد تنظيم أموره، وللصندوق مجلس إدارة مؤلف من تسعة أعضاء منتخبين إلى لجنة رقابة ثلاثية، والأخيرة، قبل الأزمة، تشكلت من جورج خاطر رئيسا وجهاد الأطرش وعلي رضا عضوين. في العام 2003 جرى انتخاب لجنة مؤلفة من الموسيقي علي رضا والياس ناصر ونبيل شجاع، كلجنة مراقبة على الصندوق، بعد وقت قصير حل سمير معلوف بدلا من رضا وبقي إلى العام 2017 ليعاد انتخاب رضا مرة ثانية إلى جانب جورج خاطر وجهاد الأطرش وهما من أركان الصندوق والعارفين بخباياه.
ومعروف أن مرجعية الصندوق، كما كل صناديق التعاضد هي المديرية العامة للتعاونيات، التابعة إلى وزارة الزراعة وذلك بعد دمج وزارة التعاونيات والإسكان بوزارة واحدة.