أكثريّة الرأي العام مع الحوار بلا تحفّظ، حتى إذا لم تثمر جلساته رئيساً للجمهوريّة. ومع الاجتماعات والنقاشات الأسبوعيّة، التي تنعكس أجواؤها على الوضع البالغ القنوط والتشنّج.
إلى أن ينقشع الدخان الكثيف الذي يغطّي فضاء الخليج، ويطوّق سوريا، ويُغدق على العراق ما تيسّر من خيراته.
وهذا رأي الرئيس نبيه برّي الشديد الانتباه والدقيق في التوقيت والكلام المباح، والذي لا يتردّد في مصارحة اللبنانيّين “أن لا سبيل لخلاص لبنان إلا بالحوار”.
حتى إذا بقي الحوار يدور حول المواضيع ذاتها وفي صلبها. فالفراغ الرئاسي أوجد هوّة بين الناس، وبين المرجعيّات، وبين النواب الذين لا يجتمع شملهم أو بعضهم إلا في ما ندر من المناسبات.
أما وليد جنبلاط فيحرص في المناسبات على أن يشيد بحسنات الحوار الذي يجمع ولا يفرّق. ويرحّب بالنقاشات الهادئة والهادفة داخل جلسات الحوار، وخصوصاً في شأن الملف الرئاسي. وهذا هو المطلوب اعتماده كوسيلة صالحة لعبور مرحلة شديدة الوعورة.
لأسباب متعدّدة لم تعد “الحراكات” تحظى بما حظيت به في الإطلالة الأولى… وبعد الاختراقات المتعدّدة اللون والهدف التي تعرّضت لها محاولة فئة من الشبان والصبايا.
لقد دخل على الخط أصحاب الأغراض والنيّات غير الصادقة، وزجّوا بالإطلالة والمحاولة الناجحتين في صدام مباشر مع السلطة و”الآخرين” مما أَجفَل الخيل والليل والبيداء والناس الطيبين الذين توهّموا خيراً في “حراك” فئة لا تنتمي إلا إلى لبنان ومصلحته ووحدته وخلاصه من مسلسل محنه.
وقد تسبّب الأذى والضرر الكبيرين التصويب على النظام، والاشتباك مع السلطة وقوى الأمن، وتجاهل العلّة الأساسيّة التي تعرِّض لبنان لمخاطر شتى والمتمثّلة بالفراغ الرئاسي.
استناداً إلى هذه الوقائع والحقائق أعلن الوزير نهاد المشنوق أن ما حدث في الشارع هو صفارة إنذار لكل الطبقة السياسيّة. على السياسيّين والمسؤولين جميعهم أن يأخذوها بجدية، وليتعاملوا معها على أنها عنصر جديد يدخل إلى الحياة اليوميّة، ولا أحد يستطيع أن يتجاهل هذه الصفارة.
أما ما تجدر الإشارة إليه أكثر فأكثر، فقول وزير الداخلية “إن الحراك المطلبي شكّل إنذاراً لكل القوى السياسيّة والطوائف بوجوب انتخاب رئيس للجمهوريّة وإقرار قانون انتخاب عصري”.
وبهذه المصارحة نكون وصلنا إلى بيت القصيد الذي انطلقنا في الأساس من أفيائه. أي الحوار والاستحقاق الرئاسي، ووجوب اعتماد المصارحة الكاملة بالنسبة إلى “العوامل الخارجية” من إقليميّة ودوليّة، التي لا تزال تمنعنا من الاتفاق على رئيس توافقي ينتشل البلد من ظلمة الفراغ وقسوة التعطيل.
استناداً إلى هذه الحقائق كانت دعوتنا لـ”الحراكات” إلى جعل الرئاسة قضيّتها. واليوم نكرّر الدعوة، وبصفة معجَّل مكرَّر.