IMLebanon

طالما قسّـمتم لبنان مذهبياً فلماذا تضربون المكوّن المسيحي؟

لقد قسمتم لبنان مذهبياً من خلال اتفاق الطائف و«الديار» التي لها تاريخ عريق في معارضة الطائف منذ كتابته عارضته لانه كرّس المذهبية في لبنان والغى مبدأ المجتمع المدني وجعل الميليشيات والاقطاعيات المذهبية تسيطر على لبنان من كل المذاهب والطوائف.

أعادنا دستور الطائف الى الوراء خمسين سنة، ذلك انه عندما دخلت المدرسة الحربية لم نكن نتحدث عن درزي او شيعي او ماروني او سني او روم ارثوذكس او كاثوليك او اي مذهب بالشكل الذي حصل منذ اتفاق الطائف وحتى الان ولذلك عارضنا الطائف وما زلنا نعارضه واهم نقطة في معارضته هي انهم انتقموا من عهد رئيس حزبي كتائبي تولى رئاسة الجمهورية فاعتبروا ان الموارنة والمسيحيين لا يصلحون ان يكون عندهم صلاحيات في رئاسة الجمهورية فنقلوها الى رئاسة مجلس الوزراء، وقسم بسيط الى رئاسة مجلس النواب الذي هو اصلا مستقل، لكنهم الغوا امكانية حل مجلس النواب. انما الصلاحيات بمجموعها اصبحت لدى رئيس الحكومة السني.

ومنذ الطائف وحتى الان اصبح كل مذهب يعيّن الاشخاص في الوظائف التي ينتمي اصحابها الى المذهب الذي تترأسه اقطاعية مذهبية. وهكذا فان مدير عام الامن العام يأتي وفق موافقة حزب الله والرئيس نبيه بري ورئيس الاركان في الجيش اللبناني يأتي وفق اختيار الوزير وليد جنبلاط، كذلك قائد الشرطة القضائية في الامن الداخلي يأتي وفق اختيار جنبلاط ايضاً. اما عضو المجلس العسكري السني فيأتي وفق اختيار تيار المستقبل وسعد الحريري كما ان مدير عام قوى الامن الداخلي السني يختاره سعد الحريري لانه زعيم السنة كذلك رئيس شعبة المعلومات السني يختاره سعد الحريري الزعيم السني. لكن عندما يصل الامر الى مركز ماروني لا يعتبرون ان العماد عون بالفعل او بالصدفة حصل على اكثرية النواب الموارنة والمسيحيين وتكتل التغيير والاصلاح الذي يرأسه العماد عون اكثريته مسيحيون ويتألف من 29 نائبا، ليس له كلمة في اختيار المراكز المسيحية لا بل كما نرى الان نجد ان الرئيس بري الزعيم الشيعي والرئيس سعد الحريري الزعيم السني والوزير جنبلاط الزعيم الدرزي قد توافقوا على كسر العماد عون كرئيس للمكون المسيحي ومنعه من ان تكون له كلمة في التعيينات المسيحية وسيلعبون هذه اللعبة في مجلس الوزراء، اذ يطرح العماد عون اسما داخل الحكومة فيعارضون الاسم ويحصل خلاف وبالتالي يذهبون الى التمديد او الفراغ في المركز، لكنهم لا يقبلون أن يكون للعماد عون رأي في الشخصيات التي تتولى مراكز مسيحية ضمن الدولة اللبنانية.

سامح الله رئيس حزب الكتائب السابق الرئيس امين الجميل الطامح الى رئاسة الجمهورية، فقد انتمى الى تحالف بري – الحريري – جنبلاط لعله يحظى بصفة الاعتدال وبالتالي يكون له حظ في انتخابه رئيسا للجمهورية، وهو امر شبه مستحيل لكن الطمع في السلطة لا حدود له.

ومع ان رئيس الجمهورية اصبح من دون صلاحيات ومع ذلك لا ترضى الطوائف الاخرى بأن يكون الرئيس الماروني الآتي الى سدة الرئاسة هو الاقوى شعبيا ونيابيا وهو مثل ينطبق على العماد عون، فعند الشيعة لا يمكن ان يأتي رئيسا لمجلس النواب الا الرئيس نبيه بري لان حزب الله وحركة امل يريدان بري، وبالنسبة للسنة لا يمكن ان يأتي الا سعد الحريري او من ينتدبه لرئاسة الحكومة على قاعدة ان السنة يختارون رئيس الحكومة، وعلى صعيد الطائفة الدرزية يقرر الوزير جنبلاط اسماء وزراء الموحدين الدروز في الحكومة كما يريد ولا احد يناقشه في الاسماء. اما عندما نصل الى رئاسة الجمهورية وهي خالية من الصلاحيات فالطوائف الثلاث الشيعية والسنية والدرزية تضع فيتو على رئيس الجمهورية الماروني القوي وترفض مجيئه.

طالما قُسِّم لبنان مذهبيا وطالما الطائف كرس هذه المذهبية وخفّض عدد النواب الموارنة في مجلس النواب واعتمد المثالثة بين الشيعة والسنة والموارنة بعدد النواب ضمن المناصفة فلماذا هذا الاجحاف بحق القوة المسيحية الاساسية والمارونية ولماذا التفرقة بين الشيعة والسنة والدروز من جهة والموارنة من جهة اخرى ولماذا لا ينطبق على الموارنة ما هو مطبق على الشيعة والسنة والدروز؟

مظلومون المسيحيون في لبنان باتوا بلا كلمة، والان كل التآمر هو جمع مجلس الوزراء وكسر كلمة العماد عون وتكتل التغيير والاصلاح الا اذا استطاع حزب الله التأثير على الرئيس بري الداعم لتمام سلام ووليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري، او اذا التزم الكتائبيون بالموقف المسيحي الذي اتخذه العماد عون وانضموا لتحالف التيار الوطني الحر وتيار المردة بشأن المسيحيين ومطالبتهم بالعدالة والمعاملة بالمثل كبقية المذاهب.

على كل حال هذه المرة لن تمر الامور مثل السابق واذا كان العماد عون طرح الفيدرالية فقد يكون افضل وضع للمسيحيين اعتماد الفيدرالية بدل البقاء في الظلم والاضطهاد والالغاء كما هو حاصل الان.