كأن الجسم الصحافي كان ينقصه وصول عوني الكعكي إلى موقع نقيب الصحافة. أو كأن نقابة الصحافة نفسها، كان ينقصها أن يتولى أمرها عوني الكعكي.
إنها ببساطة، مسؤولية الجسم الصحافي نفسه.
إنها مسؤولية من قبل خلال العقود الماضية بواقع جعل الصحافيين أسرى حسابات الطبقة النافذة في البلاد. وهي طبقة لا تقتصر على السياسيين، أو أصحاب الرساميل المالية أو ذوي النفوذ الاجتماعي. بل هي تشمل مدعي الثقافة والحرية الفكرية. هي تخصّ أساساً، أولئك الذين لا يتوقفون عن وعظنا بالأصول والتقاليد والقيم والنزاهة والاستقلالية المهنية.
إنها مسؤولية من يقبل بنظام العبودية الذي لا يزال يتحكم بآلية إصدار جريدة سياسية في بلد، يدعي أهله أنه بلد الحريات في العالم العربي.
إنها مسؤولية من يقبل «بلطجية» الإعلام التافه الذي يتحكم بمصير هذه المهنة. وهي مسؤولية من قبل بـ«شبيحة» المهنة الذين قرروا أنهم هم من يصدرون شهادات حسن السلوك والسيرة. وهي مسؤولية من صمت عن المافيا المتحكمة بالدراسات والإحصاءات والإعلانات التي يفترض أنها مصدر رزق الصحافة. وهي مسؤولية من قبل بـ«سماسرة» يقبلون بعقد الصفقات وفرض الخوات وقبول الرشى بحجة البقاء.
إنها مسؤولية تتجاوز أصحاب الصحف وناشريها، لتطاول جسم الصحافيين العاملين، من محررين وتقنيين ومصممين ومصورين وخلافه، هذا الجسم الذي لا يزال موافقاً على منح نقابتي الصحافة والمحررين حق النطق باسمه. هي مسؤولية هذا الحشد الذي يدعي التمرد على كل شيء، ويتطوع لمواجهة دول وأحزاب ومافيات، ولا يقدر على انتزاع حقه في إطار نقابي محترم، يحفظ له حقوقه، ويقيه شرّ «تجار الأفخاذ والصدور المنفوخة».
عوني الكعكي لن يكون مشكلة بحد ذاته، إنما هو عنوان أزمتنا المفتوحة على كل شيء.
في حالتنا هذه، يجب أن تتحرك وزارات الصحة والبيئة لمصادرتنا، أو منعنا عن العمل، فقط، لكوننا منتجاً «غير مطابق للمواصفات»!