IMLebanon

الحل الأسدي.. التجزئة بديلاً من جنيف واحد

لماذا هذه العودة الى جنيف-1، للانطلاق في مسار الحل في سوريا؟ هل «الملعب» السوري مفتوح على الحل السياسي، حتى يكون جنيف-1 «خشبة» الخلاص؟. هل الأطراف والقوى المتقاتلة والمتواجهة مباشرة أو بالواسطة، مهيأة لبحث شروط الحل وتفاصيله؟

منذ أكثر من عامين تم «اختطاف الثورة في سوريا، وجرى إغراقها في صراعات سنّية سنّية، وسنّية شيعية أضعفت الجميع وأرهقتهم، لكن ليس بما فيه الكفاية حتى يجلسوا على طاولة جنيف-1 أو غيرها. ما زال كل طرف لديه «أجندته الخاصة» التي يعمل وفقها، ولا يبدو مستعداً لتقديم التنازلات الكافية الضرورية، لفتح مسار الحل.

أيضاً وهو من صلب المأساة السورية، لم يقدم أي طرف سواء كان داخلياً أو خارجياً، رؤيته لليوم التالي لسقوط بشار الأسد. لأول مرة في تاريخ الثورات لم يطرح برنامج سياسي تعمل الثورة وفقه. حتى ما يسمى «الدولة الاسلامية» بقيادة داعش، وايضاً النصرة لا يملكان تصوراً للدولة خارج «عمامة» الخلافة، ماذا عن الاقتصاد والتعليم (الا اذا كان تعليماً طلبانياً) يخرج النساء من عالم المعرفة، ويفرض على الرجال حفظ القرآن لا أكثر. ليس لدى «داعش» سوى «الساطور» والعودة 1400 سنة الى الوراء.

جنيف-1، في هذا الوقت بالذات ليس أكثر من قنبلة صوتية. «الحروب» القائمة داخل «البيت السني» من جهة، والسني الشيعي، والاقليمي بين تركيا وإيران، والدولي بين موسكو وواشنطن، ما زالت بحاجة الى الكثير من المعارك، حتى تقوم خطوط التماس الحقيقية تؤكد أن الجميع قد أنهكت قواه، تحت مراقبة «النسر» الأميركي.

معركة عين العرب كوباني تحولت الى «ستالينغراد» سورية. من الضروري أن تنقذ المدينة، وأن تكون بداية لهزيمة مشروع «داعش». لكن أيضاً لو جرى الاهتمام الدولي بحلب أو غيرها من المدن السورية كما «عين العرب»، كانت سوريا على طريق الخلاص. العقدة الكبيرة في المواقف هي مستقبل بشار الأسد. واشنطن لم تحسم موقفها، من بقاء الأسد أو اقتلاعه، لذلك الحرب مستمرة.

يهاجم الأسد تركيا لأنها خرقت السيادة السورية عندما سمحت «للبشمركة» بالمرور الى «كوباني»، وهو الذي فتح كل الحدود أمام التدخل الايراني – الروسي، وهو يردد يومياً بأنه يريد الحل السياسي في وقت يتابع يومياً القصف بالبراميل المتفجرة، على المدنيين. يريد الأسد حلاً سياسياً على مقاسه وطموحاته. الأساس في هذا الحل أن يبقى الى الأبد. الباقي تفاصيل. جنيف-1 وغيره لا يعنيه أبداً، الا شعارٌ يتملق به المجتمع الدولي ويُرضي الروسي.

الحل السياسي الأسدي هو الحل بالتجزئة. تفاصيل هذا الحل تتمحور حول عقد مصالحات مع الحارات والقرى والمدن إذا أمكن، كل واحدة منها على حدة. عند الأسد لا يجوز الجمع بين حارة وجارتها أو قرية وقرية. هكذا يسهل التفاهم مع «أمراء» هذه الحارات والقرى، عبر تقديم خدمات أمنية وحتى انسانية تجعل منهم مثالاً للأهالي ولقرى أخرى نجح هذا الحل في بعض المواقع لأن الناس تعبت من الحرب.

مثل هذا الحل يؤسس لتجزئة سوريا وعدم تلاحمها. كل «أمير» أو «شيخ» حارة لن يسلم السلطة لآخر فقط يسلمها للأسد. جنيف-1 أو غيره ضد هذه التجزئة. لكن طالما لم يحسم مسألة مستقبل الأسد فإن كل شيء معلق والحرب مستمرة.

يقال في دمشق إن الوضع العسكري أصبح مريحاً للأسد. ما يقلق الأسد والأسديين الوضع الاقتصادي الذي ينزلق بسرعة في الرمال المتحركة. الليرة السورية اليوم 180 ليرة لكل دولار، بعد أن كانت 50 ليرة في بداية الحرب. الخطير بالنسبة للأسد، أن طهران وموسكو بدأتا تتعبان من مده بالمساعدات المالية. مؤخراً طلب الكثير ولم يحصل إلا على القليل. انهيار سعر النفط من جهة والعقوبات الغربية، أمسكت اليد الايرانية الروسية. المسألة مرتبطة كلها بصمود إيران وموسكو. «عقدة أخيل» القاتلة في «جسد» الأسد، تتمدد وتأكل من صموده.

سوريا انتهت. الخطر الكبير أن تتحول الى دولة فاشلة وأن «تتصومل»!.