IMLebanon

أشرف ريفي و الـ«دويلة»

توالت بالأمس إعلانات حزب الله عمّا يُسمّيه «انتصارات» في جرود وعرسال، بالرّغم من النّفي الصادر من مدينة جدّة السعودية على لسان وزير الدفاع سمير مقبل لهذه الإعلانات «التلفزيونيّة»، وفيما لم يصدر عن الجيش اللبناني ما يؤكّد أو ينفي حقيقة الوضع الأمني في منطقة يُقال لنا كلّ يوم أنّ الجيش موجودٌ فيها، يظلّ مصير عرسال عالقاً بعيداً عن أي تطمين من الحكومة التي تركت ملفّها تحت رحمة تهديدات «ميليشيا الحشد الشيعي الخارج على القانون» ومن أن تسجّل ولو موقفاً وواضحاً من «جهنّم» التي يقود حزب الله لبنان إليها، ظلّ صوت وزير العدل اللواء أشرف ريفي عالياً طوال الأيام الماضية في مواجهة «دويلة» حزب الله «الفاشيّة» والتي أطلق العنان للغوغاء والسّوقة والمجرمين وتجار المخدرات لإرسال تهديداتهم في وجه مواطني عرسال المتروكة «حكومياً» لقدرها!!

بالأمس أعلن الوزير ريفي أنّ «العراضة التي قام بها نوح زعيتر تستوجب التحرك من قبل الدولة سواء كان مطلوباً من قبل أم لا»، وخروج أكبر تجّار المخدرات في لبنان بالتهديد والوعيد وإعلان انتظاره «رمشة عين» أمين عام حزب الله حسن نصرالله لينقضّ هو ومن معه من «الفارّين» من وجه العدالة، والذين بتنا نعرف من يفرد عليهم عباءة الحماية، ونكاد نفهم أيّ نوع من الخدمات يقدّمها لحزب الله الذي تطارده شبهة تجارة المخدرات في أميركا الجنوبيّة، كأنّه مشهد مستعاد لذاك الإرهابي العراقي المدعو «أبو عزرائيل» صاحب مقولة «إلا طحين» تستعاد في لبنان على يدِ نوح زعيتر مع تطوير التسمية إلى «إلا بودرة»!!

من المؤسف، أن لا نجد إلا صوت الوزير أشرف ريفي عالياً في وجه «دويلة» حزب الله ومن معه، وربما كنّا ننتظر أن يكون كلامه هو موقف لبنان الرسمي، تماماً مثلما يعبّر بمواقفه عن لبنان الشعبي، وهذه حقيقة يُدركها كثيرون وإن تجنّبوا الاعتراف، إذ لم يعد اللبنانيّون يفهمون معنى ادّعاء الحياد فيما هم يرون حزب الله جرجرهم إلى المستنقع السوري وجرجر الإرهاب إلى الأراضي اللبنانيّة، ويسمعون حسن نصرالله يهدّد مودياً بثلاثة أرباع الطائفة الشيعيّة قتلاً دفاعاً عن نظام بشار الأسد الهالك والمتهالك، مدّعيّاً أنه يفعل هذا ليعيش ربع الشيعة المتبقّي بـ»كرامة»، هذه الازدواجيّة التي لا تفسّر إلا بالضعف والوهن تحت عنوان «الحوار» و»ربط النزاع» قادتنا في النهاية إلى ما نراه من انفلات لحزب الله بلغ مداه خارقاً كلّ السقوف خلال الأيام الماضية ومنذ 24 أيار تاريخ آخر خطابات نصرالله!!

«لا نستطيع حماية أولادنا بتركيبة عجائبية بوجود دويلة إلى جانب الدولة»، هذا ما قاله بالأمس أشرف ريفي في حديث لإذاعة لبنان الحرّ، وللأسف الدولة تتمادى في تنمية «قوة الدويلة» لتبتلعها لاحقاً بمؤسساتها ومواطنيها وجيشها، فسياسة «اللاموقف» أو «المواقف الملتبسة» باتت تسحب البساط من تحت أرجل الجميع، وتُريق ماء وجه الحكومة أمام مواطنيها، وربما كان من الأجدى أن تُعلن الحكومة عجزها عن معالجة تطوّرات الأيام الأخيرة، لا أن تلتزم الصمت أمام التهديد المعلن الذي تتعرّض له بلدة عرسال والذي بات يُنذر بمذبحة مذهبيّة توشك أن تقع على رأس لبنان، من دون حتى اتخاذ إجراءات احترازيّة معلنة لحماية الدولة لمواطنيها، بالأمس أكّد الوزير أشرف ريفي على سلميّة المواجهة بقوله: «نضالنا سيكون حضاري سياسي ولا نريد ان نركّب ميليشيا للمواجهة»، وهذا الكلام دقيق جداً فهذه المواجهة مندلعة منذ 14 شباط العام 2005 بين اللبنانيين والمحور الإيراني وتابعيه من حزب الله وحلفائه ولكن؛ للأسف المشهد اليوم ليس كما هو عشيّة 7 أيار، مهما بلغت إرادات مواجهة أجندة «الدويلة» ومشروعها الإيراني، فللعشائر قوانينها وأعرافها ومتى أريقت الدماء سيدخل لبنان تحت حكم «الثارات العشائرية» التي تورّث لِوَلَدِ الوَلَد!!