IMLebanon

أشرف ريفي «يُعيد» المقعد الوزاري إلى الحريري

كرّس اللواء أشرف ريفي استقلاليته السياسية عن الرئيس سعد الحريري، فقدم استقالته من وزارة العدل في «حكومة المصلحة الوطنية»، من دون استئذانه أو استشارته أو حتى إبلاغه، محدثاً بذلك حالة من الإرباك الشديد في أوساط «تيار المستقبل»، حيث سارع الرئيس فؤاد السنيورة إلى الاتصال به للاستفسار عن خلفيات قراره، وإمكانية إيجاد مخارج له.

كما حضر النائب أحمد فتفت الى منزل ريفي للاستماع الى وجهة نظره في موضوع الاستقالة وهو من المفترض أن ينقلها الى الرئيس الحريري الذي مرّ يوم الاستقالة الطويل من دون أن يتصل بريفي، في حين أشارت أوساط مقربة منه إلى أنه منزعج من الخطوة التي أقدم عليها. لكن ريفي أبلغ السنيورة وكل المتصلين به أنه لن يشارك في حكومة تغطي ممارسات «حزب الله» ولن يرضى أن يكون شاهد زور.

وتركت استقالة ريفي من الحكومة الكثير من التأويلات لجهة توقيتها وأسبابها الحقيقية، خصوصاً أنه كان أعلن قبل 48 ساعة اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية في قضية ميشال سماحة، قبل أن يفاجئ الجميع بقرار الاستقالة.

وبغض النظر عن الأسباب التي أبلغها ريفي الى المتصلين به، فإن المعطيات المتداولة تشير الى أحد أمرين:

أولاً، أن يكون وزير العدل المستقيل قد أراد تسليف السعودية موقفاً متقدماً يتناسب مع قرارها الأخير بوقف هبتها المالية التسليحية للجيش اللبناني، مع إمكانية أن يكون قد استمزج رأي «بعض القيادات السعودية» في ذلك وحصل منهم على الضوء الأخضر.

ثانياً، أن تكون الاستقالة موجهة ضد الرئيس الحريري، وذلك بعد التباينات التي وصلت الى حدود الخلاف والتي لم يستطع لقاء «غسل القلوب» الأخير الذي جمع الرجلين في بيت الوسط، بحضور النائب أحمد فتفت، أن يقفز فوقها، فساءت العلاقة بعده أكثر فأكثر وترجم ذلك بامتناع ريفي عن استقبال الحريري في طرابلس وبغياب كل مناصريه عن التجمع أمام مسجد الصديق، علماً أن الحريري لم يبلغ ريفي بقدومه الى طرابلس، بل تلقى اتصالاً هاتفياً من المفتي مالك الشعار يدعوه فيه إلى الغداء من دون أن يحدد له هوية الزائر، لكن ريفي عزا عدم مشاركته في الاستقبال والغداء الى ارتباطه بموعد مسبق يتعلق بعقده مؤتمراً صحافياً حول قضية سماحة. وبذلك يكون ريفي قد أعاد المقعد الوزاري الى الرئيس الحريري، وتحرر من القيود التي يحاول «زعيم المستقبل» في كل مرة أن يفرضها عليه بحجة أنه ممثل لتيار «المستقبل» في الحكومة، والتي أكد ريفي في أكثر من مناسبة أنها تختلف كلياً مع قناعاته.

حرص ريفي، أمس، على نفي أي ارتباط أو توجيه إقليمي لاستقالته، مؤكداً أن العلاقة مع الحريري ما تزال جيدة برغم التباينات، وأن التنسيق مع «تيار المستقبل» مستمر، لكنه لم يتوان عن القول للرئيس السنيورة خلال الاتصال معه: «دولة الرئيس أنا خففت عنكم عبئي».

يقول ريفي لـ «السفير»: «لم أعد أحتمل المزيد من الضغط، وقد طفح الكيل. كنا في الحكومة نعاني من ملفات داخلية، فأصبحنا أمام خطر ضرب هويتنا العربية، وهذه الهوية هي موضوع إستراتيجي ولا نستطيع التهاون به، وإلا فإننا نكون على طريق الاعتراف بانكسارنا النهائي أمام المشروع الإيراني».

ويؤكد ريفي أن استقالته «ليست مجرد نزوة أو موقف شعبوي، بل هي قرار اتخذه عن سابق تصور وتصميم»، لافتاً الى أنه سيقدم استقالته الى رئيس الحكومة اليوم، ولن يتراجع عنها.

ويضيف: «موقعي في الحكومة لم يعد يخدم قضيتي، لذلك أريد أن أتحرر من القيود كي أخوض معركتي بشكل أفضل والى جانب الناس، وأنا أعمل قناعاتي في الحياة، سواء كنت في منصب أمني أو سياسي، وأنا إنسان مبدئي ولست مصلحياً، ولا أستطيع أن أقوم بتدوير الزوايا، ولن أكون شريكاً أو مغطياً لممارسات حزب الله».

وكان منزل ريفي شهد منذ إعلان بيان الاستقالة تقاطراً لشخصيات ووفود شعبية طرابلسية، وعند الرابعة مساء احتشد المئات أمام منزله، رافعين صوره واللافتات ورددوا الهتافات التي تعبر عن التضامن معه.

وقد أوفد ريفي مدير مكتبه رشاد ريفي الى المعتصمين وألقى كلمة باسمه، اعتذر فيها عن مشاركته معهم لأسباب أمنية، شاكراً لهم دعمهم ومحبتهم، ومؤكداً وقوفه الدائم إلى جانبهم. كما جابت شوارع المدينة حتى ساعات متأخرة من الليل مسيرات سيارة رفعت صوره. كما تلقى ريفي سلسلة اتصالات أبرزها من: الرئيس تمام سلام، الرئيس فؤاد السنيورة، نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الوزير بطرس حرب، والنائب سمير الجسر، إضافة الى نواب وقيادات من «14 آذار».

استقالتي لمواجهة الدويلة

وكان ريفي قد اعلن «استقالته من الحكومة»، مشيرا الى انه «باقٍ على عهد شهيد لبنان الرئيس رفيق الحريري وشهداء ثورة الارز، في مواجهة الدويلة، والاستمرار معكم أيها اللبنانيون الشرفاء بمعركة إنقاذ لبنان».

واضاف، في بيان امس: «لن أقبل بأن اتحول الى شاهد زور، ولن اكون غطاء لمن يحاولون السيطرة على الدولة والمؤسسات».

وقال: «إن العبث بالدولة ومؤسساتها أدى الى مستويات خطيرة»، مشيراً إلى أن «ما وصلت اليه الامور جراء ممارسات دويلة حزب الله وحلفائه لم يعد مقبولا، والاستمرار في هذه الحكومة يصبح موافقة على هذا الانحراف، أو على الاقل عجزا عن مواجهته، وفي الحالتين الامر مرفوض بالنسبة لي».

وطالب الحكومة بـ «تقديم اعتذار للمملكة وقيادتها وشعبها بالحد الادنى، لا بل ادعوها الى الاستقالة، قبل ان تتحول الى اداة كاملة بيد حزب الله».

بالمقابل، ردّ رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب على ريفي فقال عبر «تويتر»: «إذا كان أحد يعتقد أنّه قادر على قلب الطاولة، يجب أن يعلم بأنّنا سنقلب الدنيا عليه وعلى من يقف وراءه».

أضاف وهاب: «الحكومة الحالية لم تعد حاجة لنستمر بها، وأدعو وزراء ٨ آذار لرمي استقالاتهم ولنذهب باتجاه مؤتمر تأسيسي».

وكشف وهاب أنّ «الحريري التقى محمد بن سلمان في أوروبا قبل مجيئه واتفقا على خطة انقلابية يمهّد لها بوقف المساعدات، ونحن ننصحه بعدم اللعب بنار الفتنة». وقال: «لن ننجر إلى فتنة، ولكن من يلعب فيها، سيدفع الثمن ولن نترك لداعميه مربط عنزة في لبنان».

وعلق المدير العام للأمن العام السابق اللواء جميل السيد على استقالة ريفي، قائلا: «تطاول وزير العدل على الرئيس سعد الحريري، فأنّبه الحريري علناً بالقول أنت لا تمثّلني، واليوم طرده من الحكومة، فرمى ريفي استقالته في وجه حزب الله»، معتبرا أن «صيّاد الفتنة سقط، واحد بالناقص».