IMLebanon

الأشرفية… «مش لَحَدا»

 

 

يتفوق النائب السابق ميشال فرعون والنائب نديم الجميّل على نفسيهما، بنحو يصعب معه فهم ما يصرّحان به في غالبية الأوقات. يقول فرعون إن عنوان المعركة الانتخابية الأخيرة «كان تحجيمي وتطويق القوات، وخضنا المعركة بكل فخر»، فيما يوضح الجميّل أنه «رغم تجمّع كل القوى السياسية ضدي، ورغم أنهم أخذوا أصوات شيعة حزب الله وتيار المستقبل والطاشناق من أجل إسقاط نديم الجميّل، ولكن الله كان معنا في هذه المعركة. لقد فزنا بالديمقراطية». هل قرأ الاثنان القانون النسبي قبل أن يترشحا؟ وهل تولى أحد مهمة تفسير هذا القانون لهما وإبلاغهما أن إحدى إيجابياته هي كشف أحجام القوى والأحزاب السياسية؟ يبيح الاثنان لنفسيهما التحالف مع القوات وأنطون صحناوي والرمغفار من دون أن يُعَدّ ذلك تحالفاً لتطويق المرشحين الآخرين وتحجيمهم، ولكن حين يقيم غيرهما تحالفات طبيعية، يصبح الأمر عبارة عن مؤامرة وتكتل لإسقاطهما. ربما كانت الديمقراطية تحتم على الخصوم عدم النوم قبل الاطمئنان إلى فوز فرعون والجميِّل!

 

الأشرفية ليست لأحد

مع قراءة نتائج الانتخابات في الأشرفية، تتضح الصورة أكثر فأكثر، ويصبح الارتباك مفهوماً. ليس سهلاً على نديم بشير الجميّل أن يفوز بـ4096 صوتاً تفضيلياً فقط مقابل 3762 صوتاً لخصمه على لائحة التيار الوطني الحر مسعود الأشقر. حصل ذلك في الأشرفية، «بداية البشير»؛ والأشقر الملقب بـ («بوسي») بالمناسبة أحد رفاق بشير. التفصيل هنا يكمن في أن الأشقر خاض المعركة باللحم الحيّ، لا هو حزبي كي يجيِّر له حزبه أصواتاً، ولا هو نائب أو وزير، ولا هو أحد أبناء الطبقة المخملية. رأسماله الوحيد أنه موجود دائماً إلى جانب الناس، يعرفهم ويعرفونه، ويخدمهم بما هو متوافر. رغم ذلك 334 صوتاً فقط حالت دون إلحاق هزيمة بابن بشير الجميّل الذي خاض معركته تحت عنوان «سلاح حزب الله» قبل أن يفهمه الناخبون أن هذا الشعار عُلك حتى تلاشى طعمه وباتت اهتماماتهم مغايرة لاهتماماته. والأهم أنه بات يمكن إعطاء كل ذي حجم حجمه بعيداً عن المحادل السياسية ورافعة التحالفات. لا الأشرفية كتائب، كما أظهرت النتائج، ولا يحكمها فرعون. فقد نال الأخير 3214 صوتاً تفضيلياً مقابل 4788 صوتاً للنائب العوني نقولا صحناوي. يبدو أن أهالي بيروت الأولى يحاسبون ممثليهم. والانتخابات البلدية الأخيرة كانت دليلاً واضحاً لم يأخذه البعض على محمل الجدّ.

 

سقوط أسطورة القوات

وحتى يوم أمس، كانت القوات لا تزال تعيد نفس «الردّية»: «الأشرفية قوات بوجدانها وذاكرتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها» كما قالت في البيان الذي أصدرته قبيل أيام على موعد الانتخابات النيابية. الصفعة كانت أسرع من أن يستوعبها حزب الدائرة الحمراء: القوات تساوي في الأشرفية 4362 صوتاً، وهو مجموع الأصوات التي نالها مرشحاها عماد واكيم (3936 صوتاً) ورياض عاقل (426 صوتاً) من أصل نحو 43759 ألف مقترع. وذلك لا يخوّل القوات الفوز بمرشح واحد، لأن الحاصل الانتخابي بلغ 5469 صوتاً. هكذا أسقطت النسبية أساطير الأحزاب وادعاءاتهم التي عززها النظام الأكثري، فصدّق البعض كذبته. فلولا تحالف القوات مع الكتائب وميشال فرعون ورجل الأعمال أنطون صحناوي بالدرجة الأولى، لما كان واكيم نائباً اليوم. واللافت أن طالوزيان، مرشح صحناوي، حلّ أول في هذه اللائحة وثانياً في ترتيب المرشحين بعد نيله 4166 صوتاً.

 

334 صوتاً حالت دون سقوط ابن بشير الجميّل في الأشرفية

 

والمفارقة أن التيار العوني الذي فشل في دخول الدائرة في عام 2009 مع سقوط مرشحه نقولا صحناوي، استعاد اعتباره بفعل القانون النسبي، إذ حلّ صحناوي في المرتبة الأولى بين كل المرشحين (4788 صوتاً) فيما نجح المرشح الآخر أنطوان بانو (539 صوتاً) مع حصول اللائحة على الكسر الأكبر. وتمكنت اللائحة التي ضمت التيار والطاشناق وتيار المستقبل والهانشاك من إيصال 4 مرشحين (صحناوي وبانو وهاغوب ترزيان وألكسي ماطوسيان) حاصدة مجموع 18373 صوتاً مقابل 16772 صوتاً للائحة الكتائب والقوات وفرعون وصحناوي و6842 صوتاً للائحة «كلنا وطني».

 

الكسر الأكبر لمن؟

تمكنت مجموعات الحراك المدني التي تحالفت في لائحة «كلنا وطني» من تحقيق خرق استثنائي في دائرة بيروت الأولى بتأمينها الحاصل وإيصالها نائبة إلى البرلمان، هي الإعلامية بولا يعقوبيان. الأشرفية تريد التغيير، وقد أوصلت رسالتها إلى الأحزاب السياسية، فيما أكدت نسبة الاقتراع المتدنية (33%) أن الاستحقاق لا يعنيهم ولا الوجوه المرشحة تقنعهم. فوز «المجتمع المدني» من شأنه أن يؤسس لحالة جديدة يفترض أن تكبر إذا كانت تجربتهم النيابية ناجحة. إلا أن الانتخابات لم تمرّ بسلاسة، فعشية إقفال صناديق الاقتراع أعلنت «كلنا وطني» فوزها بنائبين لا واحد، وهنا وقع الإشكال: نشرت جمانة حداد (نالت 431 صوتاً) على صفحتها الفايسبوكية أن كل الماكينات الانتخابية أجمعت على فوزها، سائلة ما الذي تغيّر بين ليلة وضحاها ليختفي الحاصل الثاني. ويقول البيان الذي أصدرته مجموعة «لِبلدي» يوم أمس إن مخالفات عديدة شابت العملية الانتخابية، أهمها: «عدم السماح لممثلي الجمعية اللبنانية لمراقبة الانتخابات LADE ومندوبي ومندوبات اللوائح المتنافسة في الدائرة الأولى بمراقبة عملية فرز الأصوات أمام لجان القيد العليا بالكامل وإلغاء نسبة لا يُستهان بها من الأصوات بشكل استنسابي تثير الشك في صحة النتائج بشكل عام». إلا أن لا دلائل حتى الساعة لدى «لِبلدي» على هذا التلاعب وحذف الأصوات، وهي تقوم راهناً بجمع محاضر الفرز لجمعها، ولكنها تشير من جهة أخرى إلى أنّ من الممكن أن يكون قد جرى التلاعب بصندوقي الموظفين والمغتربين اللذين لم تحصل على نتائجهما. فيما تستغرب مصادر التيار العوني هذه «الهمروجة التي تحمل نيّات مبيتة. فقد كان مندوبو اللائحة حاضرين وقت الفرز، وأحداً لم يبلغ «كلنا وطني» بفوزها بحاصلين، إذ أظهرت النتائج منذ اللحظة الأولى خرقها بنائب واحد ونيلنا الكسر الأكبر. كل ما في الأمر أن المجموعات لم تنتظر الانتهاء من فرز كل الصناديق وخرجت لتعلن النتيجة». علماً أن ما حصل في بيروت، حصل في أكثر من دائرة، حيث أُعلن فوز المرشح الشيعي على لائحة التيار العوني في جبيل ربيع عواد قبل أن يتبين أنه خاسر في اليوم التالي، كذلك الأمر بالنسبة إلى ناجي البستاني في الشوف وخضر حبيب في عكار وأحد مرشحي القوات في زحلة.