Site icon IMLebanon

الأسد باقٍ والمتحاربون معه وفي ما بينهم

توقُع عدد من الباحثين الأميركيين بقاء الأسد في محله الوارد في “الموقف” يوم أمس هو في محله. لكن توضيح معنى ذلك ضروري إذ أن القائلين به ومروِّجيه يعنون عودة النظام السوري إلى ما كان عليه قبل “الربيع العربي” الذي تحوّل عواصف وأعاصير لأسباب متنوعة ومعروفة، أو على الأقل إلى وضع قريب لما كان عليه. في حين أن معناه الحقيقي، في رأي المتابعين الأميركيين لمنطقة الشرق الأوسط وتطوراتها وسياسات أميركا حيالها، هو تحسُّن أوضاع الأسد بعد التطورات التي حصلت داخل بلاده وفي العراق وردّ الفعل الدولي والاقليمي المتشدد حيالها. ومعناه أيضاً أن انكساره على الأقل الآن وفي المستقبل المنظور لم يعد متوقعاً (ولم يكن متوقعاً)، مثلما كان انتصار الثائرين عليه غير متوقّع بدوره. ومعناه ثالثاً احتفاظه بسيطرة تامة على قسم من جغرافية سوريا من بينها العاصمة دمشق في مقابل احتفاظ الثائرين المتناقضين كلهم بما تبقّى منها. ومعناه رابعاً إستمرار مناطق معينة ساحة حرب وقتال. ومعناه خامساً توتُّر الأوضاع عسكرياً وأمنياً بين حين وآخر بين “الجغرافيات” المشار إليها. وما يدفع هؤلاء إلى الإقتناع المذكور هو أن طبيعة الصراع المذهبي داخل سوريا، وامتداده إلى العالم العربي والإسلامي، وانتماء نظام الأسد إلى أقلية مذهبية في رأي أعدائه، سيجعل من المستحيل على الشعب السوري كما على دول الغالبية المسلمة السنّية قبول عودة هذا النظام إلى ما كان، أياً تكن الوعود الإصلاحية التي سيقدمها عندما يأتي أوان الحلول في المنطقة. إلا طبعاً إذا تمكّن حلفاؤه الاقليميون وفي مقدمهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية وروسيا من الإنتصار على أعدائه، وفي مقدمهم تركيا والسعودية ودول خليجية عدة وحليفتها أميركا. وهذا أمر شبه مستحيل إستناداً إلى موازين قوى اليوم. علماً أن استمرار الحرب في سوريا في ظل غياب التفاهم بين الدول المذكورة سيتسبّب بدمار سوريا النظام والثوار وجوارها، وباستنزاف الثروات المالية والإمكانات العسكرية لغالبية حلفائها وأعدائها. أما إسرائيل، التي يتهمها البعض بقيادة أعداء نظام الأسد وحلفائه الاقليميين، فإنها وبقصد ضرب العرب وإنهاء قضية فلسطين والسيطرة على العالم العربي وثرواته بعد تقسيمه، لن تتضرّر كثيراً من استمرار الحرب واتساعها في نظر المتابعين أنفسهم. فهي أساساً كانت مع استمرار نظام الأسد بعد ثورة غالبية الشعب عليه وعلى نظامه، وذلك انطلاقاً من “أن الشيطان الذي تعرفه أفضل من الذي قد تتعرّف إليه”، ومن تلاقي المصالح وهو أمر شائع حتى بين الأعداء. لكنها لم تكن في وارد مساعدته ضد الثوار لأن ذلك ينهيه. ولم تصل إلى حد مساعدة هؤلاء للإنتصار عليه بعد تحوّلهم “خبيصة” غريبة عجيبة مكوّنة من تنظيمات متقاتلة ومتناحرة ومشرذمة ومتطرفة خطرها على إسرائيل قد يكون أكبر من خطر نظام الأسد أو حتى عدوها اللدود “حزب الله”. لكن ذلك لا يعني أنها ليست مستعدة لاستعمال بعض “الثائرين” بمعرفتهم أو من دونها سواء لتجنُّب أخطار اقليمية، أو لتحصيل مكاسب سياسية داخلية ولاسيما انتخابية، أو للضغط على رئيس حاميتها أميركا الذي لا مجال على ما يبدو إلى إعادة الصفاء إلى علاقته برئيس حكومتها بنيامين نتنياهو. وقد تكون المرحلة الحالية بأحداثها الأخيرة المتشعِّبة، وآخرها وأخطرها قتل ستة من عناصر “حزب الله” في الجولان السوري بغارة جوية، مناسبة لها كي تحاول تحقيق المكاسب المشار إليها.

ماذا عن العراق اليوم في معمعة “الحرب”، إذا جاز التعبير، الدائرة فيه وفي سوريا في وقت واحد في رأي المتابعين الأميركيين أنفسهم؟

لا يختلف الوضع في العراق عن الوضع في سوريا، يجيب هؤلاء، إلاّ بالتورُّط (أو التدخُّل) العسكري الأميركي المتزايد على مستوى الخبراء والمخابرات والوحدات الفنية (تقنيات)، وكذلك بالتلاقي الموضوعي الأميركي – الإيراني لمحاربة “داعش” على أرض واحدة. فالمجموعات العسكرية التابعة للجنرال الأميركي جون ألِن ومجموعات “الحرس الثوري” الإيراني التابعة للحاج قاسم سليماني تتقاطع في العمل (أو تتلاقى) ولكن من دون استراتيجيا واحدة أو موحدة حتى الآن على الأقل. وكذلك من دون تحقيق نتائج حاسمة بعد سبعة أشهر من سيطرة “داعش” على الموصل ونينوى والأنبار والرمادي. وما استُرِد منها كلها حتى الآن لا يتجاوز الـ10 في المئة.

ماذا قال المتابعون الأميركيون أيضاً عن العراق؟