Site icon IMLebanon

الأسد وسوريا الصغرى!

اقتربت واشنطن وموسكو من “تفاهم” جديد على التعامل مع الأزمة السورية. اضطلعت باريس وعواصم أخرى – بعضها عربي وإقليمي – بدور في التأسيس لـ”مبدأ” جديد لأي تسوية. لا مستقبل للأيادي الملطخة بالدماء في النظام السوري. لا مكان للرئيس بشار الأسد، كما أن لا هوادة في الحرب الدولية على الجماعات الإرهابية.

حوّل البعثيون العروبة شعوبية. عبادة الشخص جوهر في الفكر القومي والديني. على غرار “الزعيم الخالد” جمال عبد الناصر، راقت الألقاب الرئيس السوري حافظ الأسد حتى جعل نفسه “قائدنا الى الأبد”، ليس فقط في بلده بل حتى أيضاً عند البعض في لبنان. فات ابنه بشار أنه ليس في مراتب الآلهة. لا يمكن “الرئيس الشاب” أن يشيب على كرسيه.

شرع المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا في البناء على التفاهم الأميركي – الروسي الجديد. يجري منذ أكثر من ستة أسابيع مشاورات مع أكبر عدد ممكن من أطراف النزاع ومنظمات المجتمع المدني، فضلاً عن ممثلي الجهات الإقليمية والدولية الفاعلة والمؤثرة في سوريا. صندوق عدته الوحيدة بيان جنيف في 30 حزيران 2012. التفسيرات المتباينة لبنوده أبقته حبراً على ورق. تركز الوساطة على ترجمة الإجماع على البيان بنقله الى مرحلة “التفعيل”.

يستوجب هذا التفعيل مزيداً من الجهود على ثلاثة مستويات. لا بد أولاً من توفير غطاء دولي جامع لأي تسوية. ظهرت التباينات واضحة باستخدام روسيا حق النقض “الفيتو” أكثر من مرة ضد مشاريع قرارات قدمتها الولايات المتحدة في مجلس الأمن وغايتها إطاحة نظام الأسد. هل يمكن التخلص من الأسد والأيادي الملطخة بالدماء مع المحافظة على مؤسسات النظام؟ الإيجاب يمكن أن يكون معادلة مرضية لكل من البيت الأبيض والكرملين. ينبغي ثانياً تركيب معادلات أكثر تعقيداً على المستوى الإقليمي. كيف يمكن أن تقبل السعودية وتركيا وايران بمعادلة كهذه؟ يسود اعتقاد أن الإتفاق النووي المرتقب بين الدول الكبرى والجمهورية الإسلامية سيكون له مفعول غير منظور حالياً، علماً أن موعد 30 حزيران الجاري لاتفاق كهذا “ليس مقدساً”.

أنهكت الحرب ثالثاً كل المشاركين فيها. مثل الوسطاء السابقين، أخفق دو ميستورا في محاولته الأولى تسويق عمليات “تجميد القتال” محلياً انطلاقاً من حلب. ها هو يبحث الآن عن الأيادي غير الملطخة بالدماء ضمن النظام. يأمل في معارضة موحدة تستبعد العناصر المتطرفة العنيفة.

الحرب في سوريا شقّت جروحاً غائرة. يمكن من يشاء من البعثيين والقوميين أن يتغنى بسوريا الكبرى وما “سلخ” منها. غير أن الواقع الجديد يرسم بالدماء حدوداً جديدة حتى ضمن سوريا الصغرى!