تتجاهل الدولة الوطنية السورية كل اللغط وتواصل القتال ضد الإرهاب مع شركائها انفسهم ويستمر العمل على المصالحات بينما وفدها يدير بإتقان واحدة من اهم جولات الصراع السياسي على مستقبل سورية وحيث المواجهة بالواسطة مع دول العدوان التي تمسك بخيوطها غالبية مفاوضي الواجهات المعارضة التي فرض الشريك الروسي تعددها كاسرا الجموح السعودي والتركي لحصر الصلاحية بوفد الرياض الموضب والذي يضم مجرما إرهابيا قليل الأدب.
قواعد الحوار اختلفت بقوة التحول في توازن القوى منذ الانخراط الروسي وما كتب قد كتب بتوقيع اميركي نافر منذ تفاهم فيينا إلى التفاهم الأميركي – الروسي الذي نظم قواعد وقف العمليات القتالية وكرس شرعية القتال الذي يخوضه ضد داعش والنصرة ومثيلاتها الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة (أي الدفاع الوطني والحرس الثوري وحزب الله) ولكن الخزعبلات تنبعث من جديد هذه المرة انطلاقا من تخفيض القوات الروسية رغم ما حمله الروس من عتاد وسلاح شحنوه إلى سورية دون ضجيج عن طريق بوارجهم وطائرات الشحن العملاقة وما ثبتوه من تجهيزات بما في ذلك قواعد الصواريخ الحديثة إس 300 وإس 400 التي تعتبر تطورا نوعيا للردع السوري ضد الطيران الحربي الإسرائيلي والتركي والأطلسي وكذلك عشرات الطائرات الحربية المقاتلة الباقية والمشاركة في القتال المستمر بقيادة الجيش السوري وحيث ارتسم الوجود الدائم والمنظم باتفاقات ثنائية لقاعدتين بحرية وجوية وقامت منظومات عسكرية وامنية ولوجستية مشتركة يتابعها خبراء ومستشارون ومدربون. رغم كل ذلك يتحدث مشعوذو التنجيم السياسي عن سعي روسي للي ذراع الرئيس بشارالأسد.
سورية التي تدافع عن استقلالها الوطني وتناضل للتخلص من الإرهاب الذي تقاتله نيابة عن حليفيها روسيا وإيران منذ خمس سنوات وفعليا عن العالم الذي بدأ يعترف بمخاوفه وهلعه من خطر ارتداد الإرهابيين تلك الــ «سورية» هي مستقلة حتى في تحالفاتها وما يتوهمه الغرب او يشيعه السعوديون ومرتزقتهم هو صورة عن طرق الاستتباع المألوفة لديهم. اما سورية فهي في شراكاتها تحصن استقلالها وندية علاقاتها مع حلفائها المقربين وبقدر ما غدت سورية حاجة روسية وإيرانية بالمعنى الاستراتيجي بقدر ما هي حرة ومستقلة في قرارها السيادي الوطني فسورية بقيادة الأسد أقرب إلى إيران منها إلى روسيا في الموقف من إسرائيل وهي أقرب من روسيا منها إلى إيران في خيارها العلماني الذي يلبي خصوصية نسيجها الاجتماعي وعروبتها وهي في التمسك بوحدة ترابها وبدولتها الوطنية المركزية أقرب إلى إيران منها إلى روسيا بنموذجها الفدرالي الذي تعتز به مع ان سورية تبدي مرونة وتفهما في التعامل مع بعض المطالب الكردية لكنها ترغب في تجسيد شراكة جدية لتخليص البلاد من خطر الإرهاب ليكون بعدها حوار واستفتاء وفق الدستور الحالي (او القادم ) يقرر مضمون تجسيد الحقوق الثقافية او الإدارية التي تلبي تثبيت مساهمة الأكراد في النسيج الوطني السوري وفي قلب الدولة العلمانية الوطنية المركزية وهي مساهمة قديمة راسخة في تاريخ سورية الحديث.
سورية ندية بتحالفاتها ومستقلة بقرارها ومحصنة بدعم الحلفاء لهذا الاستقلال وما تتخذه من خطوات مشتركة مع روسيا وإيران هو كناية عن تفاهم بين شركاء حول مصالح مشتركة وفي سياق معركة يخوضونها معا لتعديل التوازنات الدولية والإقليمية وقد خطط الحلفاء الثلاثة معا لأشهر متواصلة من العام الماضي سبقت المبادرة الروسية الهجومية واتفقوا على فرض معادلات ميدانية يصعب الانقلاب عليها قبل الخريف القادم وهذا أحد دوافع استعجال الرئيس بوتين لتنفيذ تفاهماته مع اوباما حول سورية.
الحملات المعادية تسعى لتوهين المعنويات ولتشويه الحقائق بأسلوب فج ونافر وما يجدونه لغزا سوريا ليس إلا تكثيفا لذكاء استراتيجي عند الرئيس بشار الأسد حصن به استقلال سوريا بتنويع تحالفاتها وشراكاتها في محور الشرق الصاعد على مدى السنوات الماضية.
تتحول الصورة الإعلامية عن تحالفات سورية إلى لغز محير وبالفعل يحتار العديد من الكتاب والخبراء الجديين في أمر العلاقات السورية – الإيرانية رغم رسوخها لحوالى أربعة عقود متواصلة ومرة اخرى يتوهون ويشطحون في التعامل مع العلاقات السورية ـ الروسية التي يزيدها ما اصطلح على تسميته أسلوب بوتين غموضا وتشويقا بينما هي في الواقع قديمة العهد ثابتة راسخة وتتجه نحو حلف استراتيجي عميق في إطار تكتل الشرق الجديد الذي انتجه مخاض الصمود السوري الكبير حين اتاح لإيران فرصة الاتفاق النووي وقدم لروسيا فرصة تعديل التوازن العالمي. كل ذلك ما كان ليحصل لولا قيادة الأسد لكفاح الدولة الوطنية السورية وشعبها وجيشها ضد العدوان الاستعماري بقيادته الأميركية- الصهيونية -السعودية- التركية- القطرية الأطلسية وهذا امر محسوم ومعلوم في طهران وموسكو وبكين وحتى في نيودلهي!.
في حملات البروباغندا السعودية المنظمة تحولت سورية بقدرة قادر بين ليلة وضحاها واعتبارا من نهاية أيلول الفائت من «مستعمرة إيرانية» إلى «مستعمرة روسية» عندما بدأ تنفيذ الحملة الجوية الروسية بناء على قرار الرئيسين فلاديمير بوتين وبشار الأسد ووسط ذهول سياسي في واشنطن بالمفاجاة عممت غرف الاستخبارات معلومات تزعم أن الرئيس الروسي استدعى نظيره السوري لتستكمل روايتها الكاذبة عن «قرب انهيار النظام» وتاهت تقارير المنجمين (عفوا المحللين) في تفاصيل لغة الجسد وغيرها من مفاتيح الإيحاء وتعميم الانطباعات بعيدا عن السياسة الفعلية.
اختفت نغمة تحكم الحرس الثوري بسلطة القرار في دمشق التي عممت ثلاث سنوات متواصلة وجرى نشر العديد من التقارير الكاذبة عن توتر إيراني -روسي حول سورية وقيل الكثير عن سعي الرئيس الأسد للاستعانة بالثقل الروسي في تقليل مساحة الحضور الإيراني وخلال الأيام الأخيرة رسمت الجهات نفسها صورة معكوسة بالزعم ان إيران تدعم الرئيس الأسد بينما روسيا تضغط عليه لتسريع العملية السياسية ولقبول التنحي وذهبت مخيلات كثيرة إلى تداول سيناريوهات عن العملية منها القول إن قوات إيرانية ستملأ فراغ القوات الروسية التي سيتم سحبها !
أيها السادة إخرسوا قليلا وانتظروا ولا تهرفوا بما لا تعرفون فأنتم غرباء عن ثقافة الاستقلال وعن التحالفات المبدئية لأنكم تستلهمون منابت الاستتباع والعمالة ولغتها وهي ليست صالحة لفهم لغز الاستقلال السوري وبراعة القائد الأسد وشركائه الروس والإيرانيين في قلب محور الشرق الناهض فابلعوا المنجل!