Site icon IMLebanon

ودائع الأسد في لبنان

 

لم يسأل الرئيس السوري بشار الأسد نفسه لماذا هَرَّبَ رجال النظام والأعمال أموالهم الى لبنان، قبل ان يُحَمِّل النظام المصرفي اللبناني مسؤولية حجز هذه الأموال ومُفاقمة الأزمة الإقتصادية في سوريا.

 

وكان الأحرى بالأسد أن يسأل لماذا يلجأ رأس المال السوري الى لبنان، وما السبب الذي دفع المتموّلين السوريين منذ تولّي حزب البعث السلطة، الى الهروب بثرواتهم ومشاريعهم وعائلاتهم الى البلد الشقيق، تاركين وراءهم المصانع والشركات والأحلام التي ستقع بيد أركان النظام العائلي الجديد الذي أرساه حافظ الأسد قبل نصف قرن.

 

لو سأل الوريث نفسه هذه الأسئلة لَما ذهب الى ما ذهب اليه من تحميل اللبنانيين ضِمناً مسؤولية ما آلت اليه الأمور في سوريا، ولما اضطرّ الى تضخيم الأرقام لتبرير نظريته، الا أنّ التفكير بطريقة مُختلفة أمر مستحيل بالنسبة لهذا النوع من الحكام، فأي اعتراف بالواقع سيقود الى كشف الجذور الحقيقية للمشكلة في سوريا أولاً ثم في لبنان.

 

لقد أرسى حكم الأسد الأب والإبن نظاماً لم يكتف بطرد النخب السورية المالية والاقتصادية، بل ذهب الى طرد نصف الشعب السوري خارج وطنه، ونصف نصف العدد الباقي شتّتَه داخل سوريا، وكان للبنان المأزوم حصّته الوازنة من هذا الشعب المظلوم.

 

وهيمن ذلك الحكم على لبنان، وأدار شؤونه لمدّة تفوق مدّة الإنتداب الفرنسي عليه. وطوال سنوات، حوَّلَ النظام المصرفي فيه الى بقرة حلوب، لا بل أسهم في تخريبه وإفساده وجعله مورداً لضباطه وأجهزة مخابراته. وذكريات رستم غزالة مع بنك المدينة لا تغيب عن الأذهان. ولا نُغالي لو قلنا إنّ ودائع النظام السوري في لبنان تتعدّى ما تحدّث عنه الأسد من أموال في البنوك. انّها طاقمٌ سياسي مالي إقتصادي يتحمّل بالتكافل والتضامن المسؤولية عن انهيارٍ شامل من جهة، وعن عجزٍ في إيجاد سبل الحلّ، وفِي مقدّم هذه السبل تشكيل حكومة من أشخاص لا يخجل حاضرهم بماضيهم، يسعون فعلياً الى إخراج البلد من الحفرة التي حفروها بدأب برعاية سوريا الأسد المديدة.

 

كان يُنتَظَر من الأسد دعوة النازحين من أبناء بلده للعودة فوراً، الا أنّه مثل ودائعه القديمة في لبنان، لا يفكر سوى بالبقاء في السلطة. هو على رأس أرض سوريا المحروقة والمقسّمة، وهم في مواقعهم المذهبية والطائفية والمالية… وما على الشعبين في سوريا ولبنان الاّ التفكير بالهجرة الى جهنّم أو الى أوطان أُخرى.