IMLebanon

من فعلها الأسد أم الروس؟

من فعلها الأسد أم الروس؟

طارق الحميد

انهارت الهدنة الأميركية الروسية٬ عملًيا٬ في سوريا بعد قصف قوافل الإغاثة الإنسانية التي كانت تسعى للوصول للمناطق المحاصرة في حلب٬ وقالت واشنطن إنها «صعقت» من استهداف القوافل الإنسانية٬ محذرة من أن تلك الغارات تضع التزامات روسيا على المحك٬ كما طالبت الأمم المتحدة بتحقيق فوري٬ قائلة إنه إذا ثبت أن استهداف القافلة الإنسانية هجوم متعمد٬ فإنه يرقى إلى جريمة حرب٬ وكأن كل جرائم الأسد في سوريا ليست بجريمة حرب!

حسًنا٬ من الذي قصف قافلة المساعدات؟ هل هو نظام بشار الأسد؟ أم الروس؟ خصوًصا وأن لا أحد يملك سلاح الجو في سوريا سواهما٬ وبالطبع الأميركان٬ ومن المستبعد تماًما أن يفعلها الأميركيون٬ بهذا الزمان والمكان. هل يعقل أن يقدم الروس على قصف القافلة الإنسانية٬ ولو بالخطأ؟ أشك٬ والروس سارعوا للنفي٬ ومثلهم بالطبع نظام الأسد٬ لكن تاريخ نظام الأسد يقول إن هذه هي ألاعيبه٬ وطرقه٬ صحيح أنه وافق على الهدنة٬ وأعلن ذلك الروس نيابة عنه٬ لكنه ألغى الهدنة عملًيا عبر قصف قافلة الإغاثة٬ والتي وإن أثبتت التحقيقات تورطه فيها فإن مخرجه سيكون أنها تمت بالخطأ٬ أو أن طياًرا له أهدافه الخاصة قام بفعل ذلك٬ ولن يعجز نظام الأسد عن استخدام الأكاذيب٬ والحيل٬ فهذه لعبته.

الأكيد الآن هو أن الاتفاق الأميركي الروسي٬ والذي تم التحدث عنه مطولاً بات غير ذي جدوى٬ وثبت أن الأسد لا يزال يلعب دور المخرب٬ حيث يواصل عملية الهروب للأمام عبر القتل والدمار٬ واللافت هنا هو الصمت الإيراني حيال الاتفاق الأميركي الروسي٬ وحيال ما يفعله الأسد نفسه٬ وحتى اللحظة٬ وكل شيء يظهر لنا أن سوريا غير قابلة للحلول غير الناضجة٬ والمتسرعة٬ ومهما قال كيري ولافروف٬ خصوًصا وأن الاتفاق الأميركي الروسي هو اتفاق المستعجلين٬ واشنطن التي تريد اتفاًقا قبل مغادر أوباما البيت الأبيض٬ وموسكو التي تريد استثمار تساهل أوباما حيال سوريا قبل أن يغادر أوباما منصبه.

وفوق هذا وذاك هناك ما تريده إيران٬ وما يريده الأسد التائه؛ حيث تقرر موسكو وطهران ما يجب أن يفعله٬ بينما لا حول له ولا قوة إلا بالتخريب والتحايل على أمل البقاء الواهي٬ ولذلك فإن تاريخ نظام الأسد٬ وسير الأحداث في سوريا كله يدين النظام الأسدي الذي سبق أن وافق على كل مبادرة ثم عطلها٬ وسبق له أن حاور خصومه في لبنان٬ ثم اغتالهم٬ أو سعى لذلك. ولذا فإن ما يحدث في سوريا٬ وتحديًدا من قبل نظام الأسد٬ ينطبق عليه مقولة ما أشبه الليلة بالبارحة٬ حيث لا جديد٬ هي نفس الأكاذيب٬ والحيل٬ ودائًما ما يحاول الأسد الهروب من جريمة بارتكاب جرائم أخرى٬ ومن قتل نصف مليون سوري لن يتوانى عن قصف قافلة مساعدات٬ كيف لا وهو الذي يجوع حلب٬ ويقصف السوريين بالبراميل! وعليه سنسمع تبريرات كثيرة لقصف القافلة الإنسانية٬ لكن علينا أن نتذكر أنه لا حل في سوريا طالما بقي الأسد.