قبلَ نحو عشرين يوماً من العدوان الإسرائيلي في القنيطرة على مجموعة كوادر من «حزب الله»، كان محور المقاومة يناقش أوضاع الميدان السوري، ويقرّر «مجتمعاً» فتحَ المعركة ضدّ الإرهابيين من «داعش» في الشرق، أو الإرهابيين من «جبهة النصرة» وتنظيم «القاعدة» من الجنوب.
في المعلومات، أنّ قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، التقى الرئيس بشّار الأسد في هذه الأثناء، وجرى عرضُ الواقع الميداني، والخيارات والخطط والأولويات، وبعد نقاش طويل حسَم الرئيس السوري الموقف، واتّخَذ القرار بالبدء بعملية عسكرية واسعة في الجنوب السوري، تهدف الى عزل المحافظات الثلاث (درعا والقنيطرة والسويداء) بعضها عن بعض، والتقدّم نحو الحدود الأردنية، وطرد المسلّحين من الخط الممتد من شرقي القنيطرة على طول الحدود مع الجولان المحتلّ، والذي يُعتبَر أشبَه بشريط أمني تقيمه «جبهة النصرة» الفرع الشامي لتنظيم «القاعدة» بالتعاون مع إسرائيل.
العملية العسكرية التي بدأت منذ أيام، أدّت إلى سيطرة الجيش السوري على مثلّث دير العدس ـ دير ماكر ـ الصنمين الذي يقطع خطوط إمداد المسلحين بين القنيطرة وريف دمشق الغربي، وبين درعا وريف دمشق الغربي، ويشلّ حركة المسلّحين في منطقة جيدورـ درعا، ما يتيح للجيش السوري التقدّم تدريجاً نحو البلدات وعلى أكثر من جبهة.
وهنا تشير بعض المعلومات إلى أنّ أبناءَ القرى والعشائر في مختلف مدن الجنوب السوري وبلداته، بدأوا التواصل مع الدولة وفتح خطوط كانت مقفَلة لثلاث سنوات بسبب الأحداث وسيطرة المسلحين على مناطق واسعة وانعدام الأفق.
توافرَت معلومات أمنية قبل مدّة تشير إلى قيام «محور الحرب على سوريا»، بالإعداد لعملية عسكرية واسعة بغطاء جوّي إسرائيلي للتقدّم نحو دمشق وإسقاطها. يومَها قال الأسد «إنّ الطيران الإسرائيلي هو طيران «داعش» و«القاعدة» والإرهابيين. وقد أوحى كلامه لمن يراقب من زاويةٍ دقيقة أنّه على عِلم بهذه الخطط، ويدرك حجمَ التدخّل الاسرائيلي في الأزمة السورية، وتحديداً في جبهة الجنوب.
لم يخرج العدوان على القنيطرة عن هذا السياق، أرادت إسرائيل من خلاله استدراجَ محور المقاومة الى معركة «محدودة» تخرج منها بمكاسب سياسية على غرار القرار 1701، وتؤمّن الاستقرار على حدودها الشمالية المضطربة، وتتزامَن المعركة مع تحرّك مجموعات من الإرهابيين نحو دمشق لإسقاطها، بعد قصف الطيران الإسرائيلي الدفاعات حولها.
جاء ردّ المقاومة في مزارع شبعا وأعلنَ الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله سقوط قواعد الاشتباك، وهذا ما عزّز قوّة الردع لدى محور المقاومة، ودفعَ إلى التسريع في العملية العسكرية في الجنوب ضد مَن وصفَهم نصرالله «جيش لحَد السوري».
للعملية العسكرية التي يشنّها الجيش السوري وقوّات الدفاع الشعبي أهداف أوّلية، أهمّها إعادة تحصين دمشق، وتمتين دفاعاتها في العمق الجنوبي، ومنع المسلحين من الاستفادة من قدرات الطيران الاسرائيلي في حال نشوب حرب، وذلك بالتزامن مع عملية عسكرية في الغوطة الشرقية أيضاً.
ولا شكّ في أنّ أهداف العملية طَموحة، وأبرزُها استئصال العامل الإسرائيلي من تلك المنطقة، والاستعداد لمواجهة أيّ عدوان محتمَل، ولذلك قد تطول وتستغرق وقتاً، ولكنّها ستظلّ بالزخم نفسه، وقد تشهد المرحلة المقبلة شنَّ مزيدٍ من المعارك في تلك المنطقة.
أمّا الجبهة الشرقية فالجيش السوري يعمل فيها بنحوٍ يَمنع «داعش» من التمدّد، على أن يهاجمَها في توقيتٍ مختلف. وهنا تحذّر مصادر سياسية من سيناريو إدخال قوّات برّية أردنية إلى تلك المنطقة، وتشير إلى أنّ التعامل معها سيكون قاسياً ويترك أثراً على الداخل الأردني نفسِه.
وتشير المصادر نفسُها إلى أنّ فكرة أنّ الأردن هو «الوطن البديل» للفلسطينيين لا تزال قائمة، وأنّ اندفاع النظام الأردني نحو مغامرةٍ في الشرق السوري سيكون ثمنُها مكلِفاً.