IMLebanon

الأسد يفقد آخر أوراق المتاجرة بمكافحة الإرهاب

 

تقاطعت الردود الدولية بوضوح على استبعاد ايران والنظام السوري من التحالف الدولي – الاقليمي الذي انشئ لمحاربة تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» «داعش» نظرا الى ادوارهما المباشرة وغير المباشرة في قيام «داعش» ونموه. اما حليفتهما روسيا فأرادت ملء فراغ غيابهما بحضور وزير خارجيتها سيرغي لافروف «مؤتمر باريس الدولي للسلم والامن في العراق» وإن ليشترط للمشاركة اقامة التحالف تحت راية الامم المتحدة وبمشاركة طهران ودمشق فيه.

فقد خسرت ايران، وان نسبيا، اهم اوراقها الاقليمية التي تمثلت بتفردها بالهيمنة المطلقة على العراق، لصالح حكومة تعني تركيب حل سياسي اشترطته الولايات المتحدة لقيام هذا التحالف. فأتت حكومة حيدر العبادي افضل تمثيلا لمجمل المكونات العراقية برغم ما يعتريها حتى الآن من هشاشة ظهرت في فشل التوصل الى اختيار وزيرَي الدفاع والداخلية. وأتى اعلان المرشد الديني والقائد الاعلى علي خامنئي شخصيا ان الولايات المتحدة طلبت مشاركة ايران وان بلاده رفضت، ليكشف فعليا عن حجم الانزعاج من الاستبعاد.

اما بشّار الاسد، فان الشكوك بحلفائه تتزايد كلما اقترب الحل السياسي للازمة السورية بعد قرار ضرب «داعش» على الاراضي السورية من دون التنسيق المسبق مع النظام، وخصوصا ان ذلك اتى بعد موافقة هؤلاء الحلفاء على التخلص من نوري المالكي في العراق. فالاسد فقد، بقيام تحالف بقي خارج صفوفه، آخر اوراق متاجرته مع الغرب بقضية مكافحة الارهاب باعتباره المؤهل الاول لمحاربته. فقد قررت الولايات المتحدة ومعها عشرات الدول القضاء على «داعش« من دون اللجوء الى خدماته رغم كل استدراجات العروض، سواء تلك التي تقدم بها مباشرة بلسان وزير خارجيته وليد المعلم، او مداورة عبر تلويح ايران وروسيا بان استهداف «داعش« على الاراضي السورية من دون التنسيق مع النظام هو فعل «اعتداء«. وقد تناسوا ان قيام التحالف اتى في ظل القرار الدولي 2017 .

وفي دليل اضافي على مدى الانزعاج من عملية الاستبعاد الدولية محاولة وسائل اعلام النظام السوري ووسائل الاعلام المؤيدة له استثمار لقاء الاسد مستشار الامن القومي العراقي فالح الفياض. 

وبلغ ارباك ايران وروسيا والنظام السوري من التحالف الدولي حدا حال دون المسارعة، جريا على عادتهم، الى الرد باقامة حلف مضاد خصوصا ان التحالف القائم يصطدم حتى الآن بجملة عيوب منها موقف دول شاركت مع تحديد مجالات تدخلها بالنواحي الانسانية مثل تركيا والاردن، او دول اعلنت انها لن تتدخل لاسباب داخلية كانشغال الجيش المصري بالشؤون المحلية. 

وثمة جملة اسئلة يُنتظر ان تتضح اجوبتها مع تطور الاحداث، ومنها ماذا سيكون رد ايران وروسيا مثلا اذا دخلت مقاتلات اميركية المجال الجوي السوري لقصف «داعش«، خصوصا اذا ما طاولت الضربات، عمدا او سهوا، مواقع للجيش النظامي؟ وقد استبق ذلك، في حال حدوثه، تهديد اميركي واضح لنظام الاسد بان ثمن اي مغامرة سيقوم بها ستكون على الاقل «تدمير دفاعاته الجوية». كذلك كيف سينعكس الامر على الحكومة العراقية الهشة وهي العباءة السياسية التي اشترط الاميركيون قيامها لينخرطوا في الضربات الجوية؟ 

ويخشى مراقبون ان تكون الساحة اللبنانية الورقة الوحيدة المتبقية للاسد للرد على استبعاده وحلفائه عبر استخدام انصاره لزعزعة الاستقرار كما درجت العادة. ويلفت هؤلاء الى ضرورة عدم الاستكانة لاستمرار نجاح الرغبة الدولية في الحفاظ على الاستقرار. فهناك ضرورة لمواصلة العمل على لمّ الصفوف الداخلية، وخصوصا انهم يربطون ميل «حزب الله» الظاهر للحوار بفداحة خسائره على الساحة السورية وبتضعضع نظام الاسد.