Site icon IMLebanon

الأسد خارج التسوية؟

تتوارَد المعطيات بنحو مُتسارِع من موسكو عن حصول تغيير جوهري في السياسة الروسية تجاه سوريا، في اتجاه الموافقة على مرحلة انتقالية، تؤدي في النهاية الى خروج الرئيس السوري بشار الاسد من السلطة، وتأليف حكومة انتقالية من المعارضة وبعض رموز النظام المقبولين لدى المعارضة والمجتمع الدولي، والمملكة العربية السعودية.

ثمّة مؤشرات كبيرة تدلّ الى ارتياح روسي وقرار بتحسين العلاقات الروسية – العربية، خصوصاً مع السعودية. وسُجّلت بداية ذلك مع زيارة الرئيس سعد الحريري لموسكو، واستقباله رئاسياً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وما تَبع ذلك من زيارة لنائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لمدينة «كان» الفرنسية حيث التقى وليّ وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لتتكرّر الزيارات فيما بعد حيث زار الامير سلمان موسكو، كذلك زارها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.

هذا التقارب السعودي – الروسي بات يثير قلق طهران، وهو سيؤدي عملياً الى أوّل تَباعد بين روسيا وايران، خصوصاً بعد توقيع الاتفاق النووي، وما سينتج عنه من تضرّر روسي ناتِج عن ضَخّ البترول الايراني في الاسواق، وعن التراجع المُحتمَل في حجم التبادل التجاري بين البلدين، في اعتبار أنّ ايران ستُدير وجهها اقتصادياً الى الغرب، بعد إلغاء العقوبات المفروضة عليها.

في المقابل، تسير القيادة الروسية أكثر فأكثر في فتح القنوات مع السعودية، حيث من المنتظر أن يزور الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز موسكو في تشرين الاول المقبل، كذلك من المنتظر أن توقّع عقود تعاون اقتصادية ضخمة يتجاوز حجمها الـ 10 مليار دولار، وكلّ ذلك يؤشّر الى بداية فتح صفحة جديدة تتحمّس لها القيادة الروسية، في اعتبارها منفذاً لعلاقة جديدة مع العالمَين العربي والاسلامي.

باتَ من الواضح أنّ شيئاً ما في السعودية قد تغيّر في ظل القيادة الجديدة، فالانفتاح على موسكو، وتوقيع الاتفاقات الاقتصادية، سيكون هذه المرة غير مشروط، لكنّ نتائجه ستظهر فيما بعد، خصوصاً في الملف السوري، وكان سبق لها أن ظهرت في الملف اليمني.

تقول المعلومات إنّ إدارة بوتين باتت تتصرّف في الملف السوري، كشريك في الترتيب لمرحلة انتقالية، ستؤدي الى إقصاء الاسد. وتضيف أنّ مسؤولين روساً بدأوا يتداولون بعيداً عن الاعلام ملامح حلول في سوريا، لن يكون الاسد جزءاً منها، هذه الحلول ستتكئ على قاعدة تفاهم أميركي – روسي – سعودي، وقد مهّد لها باتصالات دولية بين الاطراف الثلاثة ستُنتج آلية حلّ تُسمّى «جنيف 3».

وتقول المعلومات إنّ ما أراح الروس وجَعَلهم يسيرون في الحل، هو تعهّد أميركي قاله وزير الخارجية جون كيري لنظيره الروسي سيرغي لافروف، بضمان خروج آمِن للأسد وفريقه من السلطة، الى بلد مُستعد لاستقبالهم، ومن هذه البلدان: الجزائر، عُمان، ايران، وروسيا التي تحفّظت عن استقبال الاسد.

ستنطلق آلية الحلّ بتنظيم مؤتمر لتوحيد المعارضة الداخلية والخارجية، وقد بدأت كل دولة من الدول الثلاث بوَضع قوائم بالأسماء التي تريدها للمشاركة في المؤتمر، كذلك يجري الاستعداد لتنظيم مؤتمر سيُسمّى «جنيف 3»، بمشاركة جزء من النظام والمعارضة، حيث يُصرّ الروس على وجود تمثيل للنظام، قبل الاتفاق على مرحلة انتقالية، يحسم فيها وَضع الاسد، وشكل الحلّ الذي سيتمّ الاتفاق عليه.

كل المؤشرات تدلّ الى أنّ جهوداً استثنائية تُبذل الآن للتحضير لمؤتمر جنيف الذي سيُعقد على الارجح في ايلول، على وَقع التنسيق السعودي – الاميركي – الروسي، الذي بات قريباً من إنتاج حلّ للقضية السورية النازفة.

ويبقى السؤال عن قدرة ايران، المُمسكة بالنظام السوري، على عرقلة هذا الحل، وعلى التمسّك بالأسد شريكاً كاملاً في المرحلة الانتقالية، علماً أنّ جوهر الاتفاق السعودي – الروسي يحتوي على ضمانات باستبعاد الأسد عن أيّ تسوية.