مع تراجعه في الشمال والجنوب والشرق، بات واضحاً عند بشار الأسد أنه لن يستطيع إستعادة السيطرة على كل سوريا وان “الخطة – ب” هي البديل الوحيد الذي طالما كان في الحسبان منذ وصول والده حافظ الأسد الى السلطة عام ١٩٧٠.
وأهم من يظن ان بشار الأسد سيعلن قيام الدولة العلوية او “دولة الساحل” التي يستميت في ترسيخ حدودها على الأرض، بعدما كان والده قد تحسّب لقيامها فخصّها دائماً بحصة الأسد من خطط التنمية السباعية للدولة السورية، لأن إعلانها الآن سيكشف شركاءه المضاربين في تقسيم سوريا أي الروس والأميركيين والإيرانيين.
هل كثير القول إن هؤلاء هم شركاؤه في التقسيم؟
لا ليس كثيراً، فمن الواضح ان اميركا تراهن منذ زمن على دفع سوريا والعراق الى التقسيم، ومن المفهوم ان الروس الذين تترسخ مصالحهم في دمشق وطرطوس باتوا يفضلون الدولة الصغيرة التي تحمي هذه المصالح بعد فشل بشار في الإحتفاظ بسوريا كلها!
الإيرانيون الذين تمثل سوريا بالنسبة اليهم قاعدة الجسر الإستراتيجي الى شاطىء المتوسط عبر لبنان وغزة، والتي سبق لهم ان ضخوا فيها المليارات لدعم النظام قبل عام ٢٠١١ وبعده، باتوا يطمحون الى الإحتفاظ بدولة علوية كجائزة ترضية بعدما خسروا سوريا “الولاية الإيرانية رقم ٣٥”!
العمل على هذا واضح، فالروس تولّوا دائماً تعطيل التسوية التي تحفظ وحدة سوريا، وراهنوا على الحل العسكري الذي دعموه بجسر من السلاح وبحق الفيتو الذي عطّل دور الشرعية الدولية، ثم أحبطوا مؤتمرات جنيف وكل حديث عن “الإنتقال السياسي”، لهذا يبدو دعم بوتين قبل ايام لبقاء الأسد كأنه دعم للتقسيم وقيام الدولة العلوية.
الأميركيون شركاء يديرون سكاكين التقسيم بالريموت كونترول. فليس من المفاجئ ان يلتقي اوباما الذي تعامى عن مذابح النظام منذ البداية، مع الكونغرس الذي أوقف فجأة قبل ايام دعم قوات المعارضة بعد التقدم الذي حققته على جبهة الجنوب.
والسؤال : لماذا يتقدم “داعش” مثلاً مسافة ٢٠٠ كيلومتر من دير الزور الى تدمر فلا ترصده الطائرات الأميركية ولا تقاومه قوات الأسد التي انسحبت تاركة أسلحتها [على الطريقة العراقية في الموصل ثم في الرمادي] ولماذا يقاتل الأسد الآن مع حلفائه بشراسة كما يحصل في الزبداني التي تشكّل امتداداً لمعركة حمص القلمون؟
الجواب بسيط لأن خط الزبداني دمشق حمص اللاذقية يمثّل الحدود المرتجاة لدولة الساحل، التي تحفظ لإيران بوابات الإتصال مع بعلبك والهرمل وصولاً الى الجنوب، وتحفظ للروس ميناء طرطوس، وتسهّل على أميركا واسرائيل ترسيخ تقسيم سوريا!
لكن الأسد سيظلّ يقول من الجيب العلوي انه هو الذي يمثل الدولة الشرعية السورية، مراهناً على الفوضى الصومالية التي ستثيرها “داعش” في المناطق الأخرى !