IMLebanon

إرهاب نظام الأسد.. بين “أعدائه” وعناصره!

 

على قدر التقارير الدولية التي تنشرها مراكز دراسات وأبحاث عديدة في المنطقة المتعلقة بالجرائم التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه، وعلى قدر الأدلة والبراهين التي قُدمت بهذا السياق، والتي تُثبت جميعها حجم الممارسات والاعتداءات والفظائع التي أمر الرئيس السوري بشّار الأسد بارتكابها، يسعى بعض حلفاء النظام الإقليميين اليوم، إلى إيقاف هذه الممارسات الإجرامية من عمليات قتل وتدمير وسفك لدماء الأطفال والنساء التي انتهجها الأسد ونظامه منذ بداية الثورة السورية، خصوصاً في ظل المرحلة الحالية التي يتحدث فيها الجميع عن قرب إنتهاء الأزمة السورية والذهاب إلى تسوية دولية قد لا يكون للأسد مكان فيها.

 

يعمل فريق من حلفاء النظام منذ فترة على تثبيت هدنة في سوريا ريثما يتمكن بالتعاون مع بعض الدول، من إيجاد حل للصراع الدائر هناك منذ سبعة اعوام، وما المفاوضات التي تجري اليوم في إدلب، المدينة التي تُعتبر بمثابة الحصن الأخير لفصائل المعارضة، سوى مؤشر واضح على أن ثمة دولاً تُحاول تجنيب المدينة الدماء التي يستنفر النظام السوري لسفكها وإدخالها في نفق إجرامه، على غرار العديد من المدن والمناطق التي كانت وقعت تحت سيطرة جنوده في فترات سابقة.

 

لكن النظام الذي شاب على المجازر وشاخ عليها منذ عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد وحتى عهد الإبن اليوم، وبعدما عجز عن إيجاد فريسة بفعل محاولات بعض الحلفاء في ثنيه عن إرتكاب الجرائم، وجد الشهر الماضي ضالته بعدد من جنوده حيث نفّذ بحقهم عملية إعدام جماعية في ريف اللاذقية وتحديداً منطقة “جب الأحمر”، وذلك بعد رفضهم قتال الفصائل العسكرية بجبل الأكراد. واللافت أن المجموعة التي اعدمها النظام والمؤلفة من ثمانية أشخاص، هي بأكملها من العناصر الذين كانوا وقّعوا على المصالحة مع نظام الأسد في محافظة ‏درعا، قبل أن يُجندهم بالقوة ويزج بهم على جبهات الموت.

 

المؤكد أن النظام السوري لا يحتاج إلى أدلة وإثباتات لكي يقتنع العالم بإجرامه وممارساته القمعية، وارتكابه لسلسلة جرائم العصر الحديث بحق شعبه، بدءاً بقصفه المدنيين بالسلاح الكيماوي مروراً بهدم المناطق والبلدات الرافضة للإستسلام فوق رؤوس أهلها، وصولاً إلى الجرائم المتعددة والمتنوعة التي يجري اكتشافها تباعاً داخل سجونه ومعتقلاته وآخرها التقارير التي تفيد تِباعاً والتي تكشف عن محارق وزنازين ومقابر جماعية حاول إخفائها طيلة السنوات الماضية. وكل هذه الأفعال زادت من حجم معاناة الشعب السوري خصوصاً وأنها كانت تحصل وسط صمت دولي مُطبق من دون حتّى صدور قرارات جدية تُنهي حكم الأسد وإجرامه أو أقله تحد من إجرامه المُستمر منذ سبع سنوات.

 

في آخر المعلومات حول إدلب، فقد بدأت بعض الفصائل المسلحة أمس، بسحب أسلحتها الثقيلة من المنطقة “منزوعة السلاح” المتفق عليها بين تركيا وروسيا في شمال غرب سوريا، وذلك إلى مسافة 20 كيلومتراً من خط التماس بين قوات المعارضة في إدلب والنظام السوري، وبحسب الأهالي فإن العملية جاءت لتقطع الطريق على النظام الذي يسعى إلى إفشال المفاوضات بكافة الطرق تمهيداً لإدخال عناصره إلى المدينة المنكوبة واستعدادهم لإرتكاب المجازر والقيام بعمليات نهب وسرقة فيها. وفي موازاة عملية الترقب التي يُمارسها النظام من داخل وكره والمتعلقة بآلية المفاوضات حول إدلب، يقوم على الخط نفسه مع حلفائه الإيرانيين بنشر ثقافة “السلام” وتقديم نفسه لـ”الإدلبيين” على انه المنقذ الوحيد من معركة يُمكن ان تحول البشر إلى رماد والحجر إلى ركام، لكن في الحقيقة ما يقوم به هو فرضية تواصل لا أسس لها تقوم على التهديد بالتصفيات الجسدية وسلب الأرزاق وقتل الأبرياء في حال عدم التزام الأوامر.

 

يؤكد سوريون أن تورّط “الحرس الثوري الإيراني” وكل ما ينتج عنه من أحزاب وميليشيات بالدم السوري إلى جانب نظام الأسد، هو أمر ليس بجديد ولا يعود أيضاً إلى يوم إعلان الإيرانيين عبر “حزب الله” حقيقة هذا التدخل في العام 2013. الناشطون السوريون يعودون إلى أوائل العام 2011 ليؤكدوا أنهم في ذلك الحين، أصدروا بياناً اتهموا فيه إيران و”حزب الله” بالمشاركة في أعمال القمع التي اندلعت في درعا، وتبع ذلك بيان مشابه لطلاب جامعة دمشق في نيسان من العام نفسه، ثم جاءت شهادة الجندي المنشق والفار إلى تركيا أحمد خلف لتؤكد هذا التدخل، وأعقبتهم مجموعة بيانات موثقة بالصوت والصورة، تُظهره بشكل واضح وفاضح.

 

ضباب كثيف بدأ يلف سماء المنطقة وسط تخوّف واضح للأنظمة الاستبدادية من أن تطالها رياح التغيير التي يمكن أن تُحدثها عمليات التفاوض في سوريا والمنطقة وسط تفاؤل الجميع بقرب الذهاب إلى حالة من الإستقرار. تنظيم “داعش” بدأ ينحسر دوره بشكل ملحوظ وسط تخوّف ملموس للراعيين الإيراني والسوري من هذا الإنحسار خصوصاً وان “داعش” بالنسبة اليهما، كان “البعبع” الوحيد الذي يُهوّلان به ويتلطيان خلف إجرامه لتنفيذ مخططاتهم في المنطقة. وأبرز مظاهر القلق والخوف على ما كانت وما تزال تنتظره إدلب من جرائم يُمكن أن يرتكبها النظام السوري بحقها، جاء من خلال سؤال لمجموعة من الشباب السوري تم نشره على صفحات التواصل الإجتماعي كرد على تصريح للأسد أمس جاء فيه، “إدلب ستعود إلى النظام”: “ما هو الثمن الذي سندفعه نحن وإدلب مقابل هذه العودة؟”.