كلما تراجعت أوضاع النظام الاسدي ارتفعت حدّة إرباك «حزب الله» الذي وضع كل أوراقه، سواء برغبة ذاتية او تلبية لمطلب إيراني في سلة بشار الأسد، حتى بات، وهو المعاند في وجه كل الانتقادات، لا يتحمل الأصوات التي تنتقد مواقفه من داخل بيئته الحاضنة بعد ان كان يهملها وكأنها غير موجودة، وحتى بات لا يقنّع تهديداته لقوى 14 آذار وخصوصاً تيار «المستقبل».
ويرى سياسي لبناني استقلالي أن «وصم الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله أبناء مذهبه، ممن لا يوافقون خصوصاً على تورطه في سوريا تلبية لأوامر ولاية الفقيه، بصفة شيعة السفارة أوضح دليل على حال التململ التي تتمدد في أوساط الشيعة خصوصاً مع تزايد عدد القتلى في سوريا وهم أبناء عائلات تربت على القبول بالتضحية بأبنائها في مواجهة اسرائيل«. ويذكّر المصدر بأن «حزب الله» طالما «أهمل الأصوات الشيعية المعترضة باعتبارها نخبوية لا تشكل خطراً فعلياً، وما توجيه السهام لها حالياً إلا دليلاً على تخطي الاعتراض حدود النخبوية«، لافتًا إلى «أن الموصومين بالعمالة للغرب، وأساساً للولايات المتحدة، منهم من يعادي السياسة الأميركية التي تدفع طهران حالياً بكل ثقلها لإنجاز توافق معها على الملف النووي بما يخفف عن كاهل النظام أعباء العقوبات الاقتصادية الدولية«.
ومن دلائل تفاقم توتر قيادة «حزب الله» أيضاً، شراسة الضغوط الهادفة إلى توريط الجيش في عرسال، سواء تلك التي تلفّظ بها نصر الله عبر التهديد بأن حزبه سيحرر الأرض من «الإرهابيين« إذا تقاعست الدولة، مذكّراً بأن الحل الوحيد لحماية الحدود الشمالية والشرقية يكون بنشر الجيش تؤازره قوات دولية وفق ما يتيح نص القرار 1701. ويؤيد مواقف الحزب رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي من المتوقع أن يتمسك وزيراه في الحكومة اليوم بالحصول على جواب عما ينوي الجيش القيام به في عرسال، من دون أن يؤدي ذلك وفق المصدر نفسه، إلى فرط الحكومة وفق تلميحات عون. فـ«حزب الله» الممسك الأساسي بورقة الشغور الرئاسي بحاجة إلى الحكومة لأن مشاركته فيها تؤمن له شبه تغطية شرعية لسائر تجاوزاته وأولها قتاله في سوريا. كما أن استقرار لبنان، ما زال حتى الساعة، موضع توافق إقليمي ودولي خصوصاً أن إيران تتمسّك به لتريح «حزب الله» في استغراقه بالحرب في سوريا. تضاف الى ذلك كله التهديدات التي طاولت على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة« النائب محمد رعد قادة 14 آذار وبالاسم وزير العدل أشرف ريفي والأمين العام لتيار «المستقبل« أحمد الحريري بما يشكل عودة إلى نغمة التهديدات والتخوين التي تشكل عادة مؤشراً لموجة اغتيالات لا تستثني الموصومين بـ«شيعة السفارة».
ويتزامن هذا الكمّ من الإرباك والتوتر مع تسريبات إعلامية عن رفض روسي لاستقبال بشار الأسد في حال قرر الخروج من سوريا، وهو حالياً يتشاور بذلك مع القيادات الإيرانية التي لا تحبّذ خروجه وإنما بقاءه ولو على رأس دويلة علوية تؤمن تواصل «الهلال الشيعي» الممتد من طهران الى لبنان. فهذه ورقة تنفعها في المفاوضات مع الدول الكبرى خصوصاً أن توقعات بدأت بالظهور، مصدرها إيران نفسها، عن إمكان عدم التوصل إلى الاتفاق النهائي في 30 حزيران المقبل.
في هذه الظروف المصيرية والصعبة يلتئم الأحد المقبل في خلوته الحادية عشرة، «لقاء سيدة الجبل»، وسط مقاربتين للأوضاع المحلية والإقليمية: الأولى مقاربة من مربع مسيحي صرف لا يأخذ بها، والثانية التي دأب منذ تأسيسه عام 2000 على تبنيها وهي ترى أن لا حل لأي مشكلة إلا من مساحة وطنية بما في ذلك قانون الانتخاب والشغور الرئاسي و…. .