خلاصة كئيبة تختصر السنوات الاربع للحرب السورية: الرئيس بشار الاسد لم يتزحزح، وسوريا هي التي سقطت في دوامة من الخراب والدمار الاقتصادي والاجتماعي. عملياً، رهن نظام الاسد مستقبل سوريا، دولة وشعباً، للبقاء في منصبه.
شمال سوريا وشرقها صارا مسرحا لـ”الدولة الاسلامية” وتنظيمات متطرفة أخرى طبقت فيها شرائعها وأعادتها قرونا الى الوراء. المناطق الاكثر كثافة سكاناً من اللاذقية، الى حمص التي استعادها النظام أخيراً، ودمشق، الى السويداء في الجنوب، اصابتها الحرب بوهن كبير. حتى النصر الكامل لاي فريق كان، لن يترك سوريا الا كياناً أجوف مع مشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية كبيرة. ناهيك بجروح عميقة ستنكأ مراراً وتنزف كثيراً قبل أن يبلسمها مرور الزمن.
خلال أربع سنوات، لم يعدم الاسد وسيلة للبقاء. اعتمد على مساعدة ايران لاعادة رص صفوف قواته العسكرية والامنية، متيحاً لطهران مهمة الاشراف القوي على الجيش السوري. اعتمد على الحرس الثوري و”حزب الله” لتحقيق انتصارات عسكرية على الارض. جعل الميليشيات الشيعية والعلوية المحلية والخارجية الاخرى، جزءاً لا يتجزأ من الجهد الحربي. تناسى أن أمراء الحرب هؤلاء الذين اعتادوا فرض الخوات وممارسة السلطة في مناطقهم، لن يعودوا بسهولة الى كنف الدولة، أي دولة.
بشرياً واقتصادياً، كبّد سوريا ثمناً باهظاً برفضه أي حل سياسي لا يفصّله بنفسه. أكثر من 220 الف قتيل ومليون جريح. أربعة ملايين لاجئ حملوا معاناتهم الى دول مجاورة وبعضهم ارتأى الهرب أبعد، فوصل من وصل وابتلع البحر من تعثر حظه مجدداً. نحو ثمانية ملايين نازح داخل سوريا و13 مليوناً آخرين يعيشون على المساعدات الانسانية. أمراض خلنا أن الزمن عفاها عادت تطل في القرن الحادي والعشرين، مع انهيار النظام الصحي.
الاقتصاد السوري يعيش على الانعاش. الدولة التي يتباهى الاسد بأنه نجح في البقاء على رأسها، فقدت أكثر من 50 في المئة من أراضيها وثلث سكانها وحقولها النفطية وخطوط تجارتها مع العراق وتركيا. عمليا، صارت دولة الاسد بلا واردات، وباتت تعتمد على المليارات من القروض والمساعدات التي تقدمها لها ايران وروسيا. وليس ثمة من يتوهم أن طهران أو موسكو ستنسى ديونها ومساعداتها لسوريا يوماً ما. وعندما يأتي يوم الحساب، ستكون سوريا، لا الأسد، من يدفع الثمن.
في سنتها الرابعة، تجاوزت الحرب السورية عقدة الاسد. لم يعد بقاؤه أو رحيله المشكلة الوحيدة. معه أو من دونه، صار ما تبقى من سوريا دولة ضعيفة ومشرذمة ومثقلة بالديون ولا تتمتع بحصرية النفوذ على جيشها وأراضيها. والأسوأ من هذا أن لا شيء في الافق يوحي بأن في السنة الخامسة ستضع الحرب أوزارها وقت صار سقف الجهود الدولية “تجميداً للقتال” لن يتحقق.