IMLebanon

الأسد يدعم عون للرئاسة

عوامل عدة اجتمعت أخيراً لتوحي للبنانيين بأنّ أزمتهم الرئاسية باتت على أبواب الحلحلة، بدءاً من زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ طهران، مروراً باندفاعة الرئيس سعد الحريري في اتجاه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، وصولاً الى تصريحات مسؤولين إيرانيين بتفضيلهم وصول عون الى الرئاسة، ودعم سوريا بدورها هذا الخيار.

تروي مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» أنّ شخصية لبنانية التقت الرئيس السوري بشار الأسد عشيّة وصول الحريري الى لبنان لاستكمال جولته للانتخابات الرئاسية، وتنقل هذه الشخصية عن الأسد قوله خلال اللقاء إنه تبلّغ قبل أسبوعين من الطرف الروسي أنّ هناك اتفاقاً دولياً لانتخاب عون رئيساً للجمهورية، وأنّ هناك اتفاقاً يقضي بأن يكون الحريري رئيساً للحكومة، مبدياً في الوقت نفسه خشيته من وجود أطراف سيعملون على إفشال هذا الموضوع.

هذه القضية جاءت بالتزامن مع الإتفاق الذي توصّل إليه الروس والأميركيون حول بنود تسوية لسوريا، تبدأ بوقف إطلاق النار في حلب، ووجهة نظر المسؤولين السوريين كانت واضحة: إذا ساروا بالإتفاق في سوريا، سيتحلحل الوضع في لبنان وسيكون هناك رئيس مقرّب من سوريا وغير معادٍ لها، وتكون لديه القدرة على استيعاب مجموعات «حزب الله» التي ستعود من سوريا، وذلك في إطار حلّ لبناني شامل يعيد فرز سلطة جديدة عبر قانون الانتخابات ومجلس النواب وإدخال بعض التعديلات على النظام اللبناني.

وتقول المصادر إنه كان لدى السوريين خشية كبيرة من النائب سليمان فرنجية، أولاً بسبب ارتباطه الجديد والقويّ بالفرنسيين، خصوصاً أنه في تنسيق دائم وشبه يومي معهم، وثانياً بسبب الخطوط التي فتحها مع السعودية عن طريق ابن عمّته كريم الراسي، وثالثاً لقدرته على الوصول الى نوع من التسوية مع الحريري، والتي لا ترضي، بما قدمته، لا السوريين ولا «حزب الله» وإيران في لبنان.

ويُقال انّ فرنجية حاول تمرير رسائل ايجابية في اتجاه سوريا، لكنه لم يصل الى نتيجة، حيث كان الرد السوري دائماً عنيفاً، حتى أنه يُحكى عن تَلقّيه تهديدات في حال حضوره العشاء الذي نظّمه السفير السعودي في السفارة خلال رمضان الماضي، ونتيجة المخاوف شدّد إجراءاته الأمنية.

وتقرأ المصادر أنّ الموافقة السورية هي نتيجة التشاور مع ايران، حيث تعتبر سوريا أنّه في حال وصول عون الى الرئاسة فإنه لن يصل حرّاً وقوياً بالشكل الذي يفترضه، لأنه سيكون مكبّلاً ببعض الشروط والإلتزامات، ويُحكى أنّ من بينها فك التحالف مع «القوات اللبنانية»، ويُقال إنّ إحدى شخصيات «8 آذار» زارَته وطلبت منه هذا الأمر إلّا أنها لم تجد تجاوباً منه، كما أنّ سوريا لن تقبل بتقسيم المراكز التي وزّعها بين «التيار» و«القوات»، علماً أنّ «القوات» تنفي حصول هكذا اتفاق مع الجنرال.

ومن هنا تؤكد المصادر أنّ الزيارة الأخيرة للحريري الى الرياض بعد جولته الاولى كانت سلبية، ولم يحصل على تأييدٍ لعون في السعودية، على رغم أنّ الجو السوري كان مطمئناً الى أنّ السعودية لم تعد نفسها بالنسبة لأميركا بعد القانون الذي أقرّه الكونغرس في شأن هجمات 11 أيلول والسماح للمتضررين برفع دعوى ضد السعودية، وبعد الموافقة الأميركية على تشكيل لجنة تحقيق دولية في ما تعتبره «مجازر يرتكبها طيران التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن».

وبالتالي، لن تحصل السعودية على ورقة، ومن هنا ارتفاع أسهم عون على حساب فرنجية، علماً أنّ كلاماً قيل في الرابية عن أنّ عون مرشّح أميركا في مواجهة فرنجية كمرشح روسيا، وحُكي أنّ زيارة الحريري لروسيا كانت تهدف الى جسّ النبض في ما يخص احتمال قبولها بعون، إذ يُقال إنّ هناك فيتو كبيراً عليه نتيجة تصرّف الوزير جبران باسيل عندما كان وزير طاقة والتعامل مع الشركات الروسية في ملف النفط، وهو ما ترك أثراً كبيراً على العلاقة بين عون وروسيا، على رغم أنه يُحكى عن محاولة سوريا تسويق عون لدى الروس في فترة معينة.

ويبقى السؤال: بما أنّ الحل مرتبط بحلحلة الوضع السوري، والآن مع تدهور العلاقة الأميركية – الروسية بسبب الوضع السوري، هل سقط الإتفاق الذي كان سيوصِل عون الى بعبدا؟

أو أنّ ضغط الحريري مع الضغط السوري في اتجاه روسيا سيجعلها توافق على عون مع «حزب الله» خصوصاً بعدما قال مساعد رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان إنّ ايران لا تعارض وصول عون الى سدة الرئاسة؟