IMLebanon

الأسد لن يضلل فرنسا  

في الوقت الذي كان وزير دفاع فرنســا إيف لودريان يتحــــدث في السفارة الفرنسية في بيروت عن جرائم بشار الأسد والنظــــام السوري، كانت القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي تستضيف الأسد في مقابلة أجراها الصحافي نجم أخبار الساعة الثامنة دافيد بوجادا ليعرض أمام الفرنسيين أكاذيب وتضليل الأسد في ممارساته إزاء شعبه.

فاستعرض الوزير كل ما قام به بشار الأسد من جرائم وتهجير إزاء شعبه محذراً من وجود خطر أمني على لبنان من أحداث عرسال والوضع في القلمون. أما النجم التلفزيوني بوجادا، فاعتقد أن إعطاء الأسد ١٥ دقيقة لإطلالة تلفزيونية تمثل تضليلاً واستمراراً في نكران الواقع، هو ضرب صحافي، فمهارة الصحافي المحترف تتمثل في كشف حقيقة المعلومات وليس تزييفها وإظهار أكاذيب، في وقت كل العالم يعرف أن الأسد يحارب شعبه ويلقي القنابل عليه منذ أربع سنوات.

ماذا قال لودريان في لبنان عندما جاء يسلم الــــدفــعة الأولى من الهبة السعودية الى لبنان من المعدات العسكرية لدعم الجيش اللبنـــاني، «عمى النظام الــسوري وهروبه نحو استراتيجية تعتمد مبدأ العنف المتزايد أكثر فأكثر حتى لو كان الثـــمن تدمير سوريا بالكامل. المأساة الإنسانية الــــناجمة عــــن ذلك أدت إلى ٢٥٠ ألف ضحية وعشرات آلاف المفـــــقودين وأربـــعة مــلايين ونصف مليون نازح وثلاثة ملايين لاجئ في الدول المجاورة».

كلام لودريان يؤكد سياسة فرنسا ورئيسها فرانسوا هولاند الملتزمة مقاطعة كلية للأسد، على رغم التضليل الذي قام به الأسد بأن ثمة اتصالات بين مخابراته ومخابرات فرنسا، فهولاند منعها قطعياً. ولودريان أكد لـ «الحياة» في الطائرة، أن الكلام عن التعاون من ضمن التضليل الذي ينشره الأسد ويستخدم زيارات نواب فرنسيين كأداة لمحاولة إظهار أنه خرج من العزلة. واقع الحال أن وزير الدفاع الفرنسي زار الشرق الأوسط والخليج ٣٣ مرة وله صداقات متينة فيها. فهو يتحدث مثلاً مع أمير قطر عن كرة القدم، كون قطر تملك نادي باري سان جرمان ولودريان يرأس نادي الكرة في لوريان في البروتاني ويعرف القيادات السعودية ولبنان كما يعرف كل ممارسات إيران في سورية، وقد أشار إليها في خطابه في بيروت.

ويقول لودريان إنه غير مسؤول عن قرار قناة فرنسا الثانية مقابلة الأسد، علماً أنها قناة وطنية ولكنه أكد للحياة في الطائرة أثناء عودته إلى باريس أن المقابلة من ضمن مساع لا تعبر عن سياسة فرنسا لأن لا فرق في الوحشية بين جرائم داعش والأسد، فالمقابلات الصحافية الغربية مع الأسد وأقواله إن هـــولاند لا يحظى بشعبية في بلده، تبدو وكأن الأسد بطل الديموقراطية، هي مــــن ضمن استخدامه النواب الغربيين والصحافيين الفرنسيين للسعي لإظهار أنه خيار الغرب الوحيد ضد «داعش»، في حين أن معظم قيادات الغرب باتت متأكدة بأن ممارساته أدت إلى ظهور داعش وانتشاره. إن مقابلة بوجادا لا تأتي بجديد سوى أنها تثبت أن الصحافيين في الغرب يسيئون في أحيان كثيرة التعامل مع حرية الصحافة عندما يلقون القيم الأخلاقية للمهنة في سلــة المهملات من أجل السبق الصحافي.