Site icon IMLebanon

حلفاء الأسد اليوم وغًدا

كرس الصراع في سوريا بين نظام الأسد وأكثرية السوريين حلًفا إقليمًيا دولًيا٬ اختار منذ البداية الوقوف إلى جانب النظام في حربه على الشعب السوري٬ وطور المنتمون إلى حلف النظام على مدار خمس سنوات ونصف السنة٬ مواقفهم ودورهم في الصراع السوري٬ فانتقلوا من تأييد سياساته ومواقفه في مواجهة ثورة السوريين٬ إلى دعمه اقتصادًيا وتقنًيا عبر إرسال المال والمساعدات والخبراء٬ ثم تطور دعمهم إلى حد إرسال القوات والمشاركة في قتل السوريين وتهجيرهم وتدمير البنى المادية والإدارية والتنظيمية للدولة والمجتمع في سوريا.

إيران أول أطراف حلف نظام الأسد٬ وهي الأهم في هذا التحالف٬ نظًرا لعلاقاتها القديمة والوثيقة بنظام الأسد ولاهتمامها بسوريا٬ التي تشكل حلقة أهم في استراتيجيتها الإقليمية٬ سواء في إطار الشرق الأوسط أو في الحيز الأصغر منه الواقع في شرق المتوسط٬ ولكلا السببين وأسباب أخرى٬ كانت إيران بين أول من دعم وساند الأسد في مواجهة الثورة٬ وقدمت له كل المساعدة٬ ثم ضغطت على أدواتها من الميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية للانضمام إلى حرب النظام ضد السوريين٬ بل إنها شكلت ميليشيات من متطوعين إيرانيين وأجبرت أفغاًنا مقيمين فيها على الانخراط في ميليشيات للحرب في سوريا.

غير أن الأهم في دور إيران السوري٬ أنها وبالتوازي مع دعم ومساندة نظام الأسد٬ عملت على إقامة بنية ديموغرافية سياسية واقتصادية ­ اجتماعية تتبعها٬ وتشكل امتداًدا لإيران٬ والأبرز في معالم هذه البنية٬ إعلان وتوسيع عملية التشييع في أوساط السوريين٬ وإقامة بنية اقتصادية إيرانية في مناطق سيطرة النظام٬ تشمل شركات ومؤسسات خدمية وإنتاجية٬ وقامت بشراء عقارات سكنية وتجارية٬ وأطلقت مؤسسات اجتماعية وثقافية تتبع الحكومة الإيرانية٬ إضافة إلى تعزيز شبكة نفوذ إيراني في أوساط سوريين٬ بينهم مسؤولون في الدولة وأجهزتها٬ وشخصيات اقتصادية واجتماعية وثقافية٬ ربطتهم معها من خلال المصالح الشخصية.

وسط تلك المعطيات والوقائع المحيطة بموقع إيران في القضية السورية٬ ليس هناك أدنى شك في أن الأخيرة ذاهبة إلى الحد الأقصى في دعم ومساندة نظام الأسد٬ لأن انهياره وسقوطه ستكون لهما تأثيرات استراتيجية على إيران ووزنها الإقليمي وعلاقاتها ومستقبل سياساتها الإقليمية والدولية.

وذهبت روسيا في موقفها من نظام الأسد قريًبا من الموقف الإيراني٬ فأخذت جانبه منذ بداية ثورة السوريين٬ وقدمت له مساعدات عسكرية٬ تضمنت أسلحة وذخائر وعتاًدا٬ قبل أن تتولى الدفاع عنه في الأمم المتحدة٬ وتتزعم الدول المعارضة لإدانة سياساته في قتل السوريين وتدمير بلادهم عبر استخدام الفيتو في مجلس الأمن٬ الأمر الذي أخرج المجلس والأمم المتحدة ومنظماتها من دائرة التأثير الفعال في القضية السورية٬ وشجع دولاً أخرى على تأييد نظام الأسد ودعمه.

لقد تصاعد الدور الروسي مع خطوة موسكو إرسال قواتها إلى سوريا أواخر عام ٬2015 حيث أرسلت طائرات وسفًنا حربية وقوات برية وخبراء للقتال مع جيش النظام٬ تحت حجة محاربة الإرهاب وتنظيم داعش٬ بناء على توافق مع نظام الأسد وإيران٬ مما أدى إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى السياسية والميدانية في الصراع السوري.

لكن هذه التغييرات على أهميتها وفي خلال نحو عشرة أشهر من الوجود الروسي ودوره في سوريا وسط دعم وتفويض أميركي لموسكو٬ لم تتمخض عن نتائج حاسمة٬ وهو ما أشارت إليه أخيًرا معركة حلب بين تحالف النظام وقوات المعارضة المسلحة٬ مما يضع الوجود الروسي أمام واحد من احتمالين٬ استمرار الدور الروسي على ما هو عليه في العجز عن تحقيق نتائج حاسمة٬ أو زيادة حجم وقوات التدخل الروسي٬ الأمر الذي يجعل موسكو أمام تجربة يحوطها الفشل٬ على غرار التجربة السوفياتية في أفغانستان في سبعينات القرن الماضي.

وللحق٬ فإن روسيا بوصفها دولة عظمى٬ تقع في مكانة مختلفة عن بقية حلفاء نظام الأسد من حيث علاقاتها الدولية٬ ومصالحها٬ التي تتجاوز التركيز على بلد محدود المكانة والأهمية٬ ويعاني نظامه من انهيار شامل في كل المجالات والمستويات٬ مما يجعل روسيا قابلة وسط متغيرات سياسية محدودة للمضي في تعامل مختلف مع القضية السورية واحتمالات حلها.

ولعل من البديهي القول إن الأطراف الأخرى من حلفاء نظام الأسد٬ مثل النظام الحاكم في بغداد والميليشيات الشيعية٬ هي الأقرب إلى الموقف الإيراني في القضية السورية٬ والسبب لا يكمن في طبيعة تلك الأطراف٬ من حيث تبعيتها الآيديولوجية والسياسية لنظام الملالي٬ إنما أيًضا لمصالحها المباشرة. فمصلحة مجموعة الفساد في النظام العراقي وميليشياتها الطائفية٬ تكمن بشكل خاص في قتل أي مشروع تغيير مجتمعي في سوريا٬ ومصلحة حزب الله اللبناني٬ ألا يتغير نظام الأسد الذي وفر له مجالاً حيوًيا للبقاء٬ رغم

وميليشياتها الطائفية٬ تكمن بشكل خاص في قتل أي مشروع تغيير مجتمعي في سوريا٬ ومصلحة حزب الله اللبناني٬ ألا يتغير نظام الأسد الذي وفر له مجالاً حيوًيا للبقاء٬ رغم مشكلاته في مستوى لبنان والإقليم.

خلاصة القول في حلفاء الأسد٬ إنهم رغم كل ما قدموه من دعم ومساندة للنظام٬ فإنهم لم يستطيعوا تحقيق انتصار له٬ بل إنهم لن يستطيعوا في المستقبل٬ لأنه فقد أي أهلية سياسية أو أخلاقية٬ بل إنه فقد القدرة الإدارية والاجتماعية لحكم سوريا والسوريين٬ ولأن الأمر على هذا النحو٬ فإن روسيا يمكن أن تغادر هذا الحلف في مرحلة ما٬ بينما إيران مستمرة فيه٬ لأنه حلف وجود بالنسبة لها٬ أما الأدوات العراقية واللبنانية٬ فهذه موقفها مربوط بنظام الملالي٬ ليس أكثر ولا أقل.