Site icon IMLebanon

رواية روسية لأسباب انهيار الأسد

 

تتعدّد المقاربات لحقيقة الموقف الروسي من المسار السياسي ـ الميداني الذي أدّى إلى انهيار نظام بشار الأسد خلال أيام قليلة، بعدما كانت موسكو من المساهمين في صموده طوال السنوات السابقة. فما الذي حصل؟ وهل من حسابات روسية مستجدة؟

بينما يعتبر البعض أنّ موسكو شريكة في صفقة مترامية الأطراف ادّت إلى سقوط الأسد، يفترض آخرون انّها لم تتخلّ عنه، ولكن الظروف المحيطة به وبجيشه لم تسمح لها هذه المرّة بمساعدته كما فعلت عام 2015.

 

 

في المقابل، تملك مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع تفاصيل أكثر وضوحاً حول الرواية الروسية لما جرى مع الأسد في المرحلة الأخيرة، لافتة إلى أنّ موسكو حاولت مساعدته لتفادي وصوله إلى حيث وصل ولكنّه لم يتجاوب بالمقدار الكافي.

 

وتشير المصادر، إلى أنّ القيادة الروسية كانت قد نصحت الأسد بإبداء مرونة حيال المعارضة السورية وتخفيف التوتر معها من خلال اتخاذ بعض الإجراءات التي يمكن أن تمهّد لحل سياسي ومن بينها:

ـ إطلاق عدد من المعتقلين.

ـ إجراء بعض الإصلاحات السياسية.

ـ السماح للنازحين السوريين بالعودة.

 

ووفق المصادر، فإنّ الروس كانوا يتلقّون من الأسد إشارات تفيد باستعداده للتجاوب وصولاً حتى إلى الإيحاء بأنّه سيضع جدولاً زمنياً للتنفيذ، لكنه كان لا يلبث أن يتراجع، وهم يعتبرون انّ بعض القوى الإقليمية الحليفة له لم تضغط عليه بالدرجة المطلوبة لدفعه إلى الانخراط الجدّي في التسوية السياسية.

 

 

وتبعاً للمصادر الديبلوماسية، ترك ملف الحرب في أوكرانيا تأثيراً كبيراً على نمط التعاطي الروسي مع الأزمة السورية، بعدما ادّت تلك الحرب إلى استنزاف جانبٍ من طاقات موسكو، وبالتالي تبديل إيقاع دورها وحدوده في سوريا بالمقارنة مع ما كان عليه قبل بدء المواجهة العسكرية مع أوكرانيا.

 

وتلفت المصادر إلى أنّ الحرب الأوكرانية تسببت في استنزاف بشري لروسيا، في وقت باتت المسألة السكانية تشكّل هاجساً حقيقياً لها، حيث تفيد التقديرات بأنّ عدد سكانها البالغ حالياً نحو 145 مليون نسمة مرشح للانخفاض ملايين عدة خلال السنوات المقبلة، وصولاً الى احتمال ان يتراجع بحدة حتى العام 2050، الأمر الذي دفع السلطات إلى حضّ الروس على تكبير حجم العائلة.

 

وتعتبر المصادر الديبلوماسية، انّ اوكرانيا المتاخمة لروسيا هي على رأس أولويات موسكو بمعايير الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية، والأرجح انّ المرونة التي أبدتها حيال مصير الأسد ستسمح لها لاحقاً بتحصيل مكاسب في أوكرانيا والدفع نحو إنهاء الحرب على قاعدة مراعاة شروطها، خصوصاً بعدما يستلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة رسمياً في 20 كانون الثاني المقبل.

 

 

كذلك تأمل موسكو في تخفيف جزء من العقوبات الأميركية والأوروبية عليها في المرحلة المقبلة، ولا سيما منها تلك المتصلة بتصدير الغاز والبترول إلى أوروبا، الامر الذي سيمنحها القدرة على تأمين العملة الأجنبية، علماً انّ نحو 72 في المئة من دخل الخزينة العامة بالعملة الأجنبية انما يتأتى أساساً من تصدير الغاز والبترول اللذين اضطرت روسيا بعد الحصار الغربي عليها إلى بيعهما للصين والهند بأسعار رخيصة.

 

وتكشف المصادر الديبلوماسية انّ من بين أسباب قرار موسكو بمنح الأسد وعائلته حق اللجوء اليها انّ زوجته أسماء تُعالج من مرض السرطان في مركز عالمي متخصص في روسيا، كذلك ابنه البكر هو خريج إحدى الجامعات الروسية، إضافة إلى مراعاة الرئيس فلاديمير بوتين جانب العلاقة الشخصية التي كانت تربطه بالرئيس السوري السابق.

 

وتشير المصادر إلى أنّ القيادة الروسية ستؤمّن الحماية للأسد لكن لن يكون له هامش لأي نشاط سياسي مستقبلي على أراضيها.