بالرغم من الحذر والترقب الذي يسود الداخل اللبناني، لمسار الاوضاع في سوريا، وانتظار الخطى السياسية التي ستتبعها الفصائل السورية برئاسة جبهة تحرير الشام، يتجه لبنان الرسمي والسياسي للتواصل مباشرة مع الادارة السياسة الجديدة لسوريا بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار في الايام المقبلة، بالرغم من التباينات السياسية بين الحلفاء التقليديين للنظام السابق ومعارضيه، بعد ان اصبحت الادارة الجديدة امرا واقعا تتولى زمام السلطة في سوريا، وللبنان ككل فائدة في الانفتاح والتواصل معها، انطلاقا من العلاقات التي تربط بين البلدين الشقيقين والمصالح والملفات المشتركة بينهما.
جملة عوامل ومحاذير كانت تقف عائقا امام قيام علاقات طبيعية بين البلدين قبل سقوط الاسد، بسبب سلسلة ممارسات انتهجها نظام الاسد منذ توليه المسؤولية في العام الفين، ابرزها الانحياز الفاضح لمصلحة اطراف سياسيين موالين للنظام وايران، ضد معارضين لهذا المنحى، وتنفيذ مسلسل اغتيالات ضدهم، والاستمرار بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، والتنصل من تنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع السلطة اللبنانية لتنظيم العلاقات بين البلدين،واستباحة الحدود عبر المعابر غير الشرعية وتمرير السلاح الايراني لحزب الله وتسهيل تجارة المخدرات وايواء المطلوبين للعدالة، ورفض التعاون مع الحكومات اللبنانية المتعاقبة لاعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، بالتزامن مع تنظيم موجات لجوء جديدة إلى لبنان.
وبعد سقوط نظام بشار الاسد، وتولي المعارضة السلطة، وزوال الكثير من العوائق السياسية والامنية، التي تعترض قيام علاقات طبيعية بين لبنان وسوريا،ظهر الانقسام واضحا، بين حلفاء الاسد، الذين اصيبوا بالذهول جراء انهيار النظام وحلفائه الإيرانيين والروس المفاجىء على هذ النحو، من دون اطلاق رصاصة واحدة ضد فصائل الثورة، وبين سائر الاطراف السياسية الاخرى، من معارضي النظام او حلفائه السابقين الذين ابتعدوا عنه مؤخراً.
وغلب اتجاه الاطراف السياسيين الأساسيين عامة ، لتجاوز اعتراضات حلفاء الاسد، وابداء الاستعداد للانفتاح على الادارة السياسة الجديدة، بعد اعلان قائدها عن الخطوط العريضة للسياسة التي سيعتمدها في المرحلة المقبلة وخصوصا بالنسبة للبنان، واستعداده للبحث في اقامة علاقات طبيعية معه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وهي عناوين مشجعة تمهد لمقاربة جميع القضايا والملفات المشتركة، بذهنية منفتحة وايجاد الحلول المناسبة لها، بما يعود بالفائدة المشتركة على الشعبين اللبناني والسوري معا.
الاعتراضات والتباينات الشكلية لحلفاء الاسد في لبنان، لن تقدم او تؤخر في مسار بدء التعاطي السياسي اللبناني، على مستوى السلطة او الاطراف السياسيين خارجها،مع الإدارة السياسية السورية الجديدة، لانهم ليسوا في موقع يمكّنهم من عرقلة او تعطيل فتح لبنان هذه الصفحة الجديدة مع سوريا، بعدما فقدوا كل مقومات التعطيل بزوال النظام عن بكرة أبيه، لاسيما وأن حزب الله الذي كان احد الحلفاء الأساسيين للاسد ووقف إلى جانب النظام طوال الثورة السورية،وقاتل المعارضين لمنع سقوطه، ابدى على لسان الامين العام للحزب نعيم قاسم مؤخرا، تريثا لاعلان موقفه من النظام الجديد، بانتظار السياسات التي يتبعها، ورأى انه من حق السوريين اختيار قادتهم، متمنيا أن يشارك جميع مكونات الشعب السوري بالسلطة، وأن يكون النظام معاديا لإسرائيل، ولا يطبّع معها.