اللعبة في حرب سوريا صارت أكبر حتى من اللاعبين الكبار أو أقله أشد تعقيداً من أجندة كل لاعب. وكما في العملية العسكرية كذلك في العملية السياسية: متغيرات في المشهد داخل نفق طويل لا ضوء في نهايته على المدى المنظور. لكن موقف الرئيس بشار الأسد ثابت، بصرف النظر عن الصراع على موقعه. فالصورة عنده لم تتبدل في السنة السادسة للحرب عما كانت عليه في السنة الأولى: نظام يواجه ارهابيين من كل بقاع الأرض وسوريين خونة صاروا مماسح لأقدام أسيادهم ودولاً داعمة للارهاب هدفها ضرب جوهر مفهوم الوطن وهو الدستور. والمعادلة هي: تسوية سياسية محدودة عبر حكومة وحدة وطنية، ومعارك عسكرية بلا حدود حتى تحرير كل شبر من سوريا، وإلا فلن تبقى سوريا. أما المحادثات فإنها لم تبدأ فعلياً بعد. اذ كنا نفاوض أنفسنا في جنيف، لأن الذين هناك ليسوا طرفاً ولا يوجد أطراف أخرى.
وليس من السهل اختصار الوضع بمثل هذه الصورة. لا على مستوى اللعبة الجيوسياسية الكبيرة. ولا في اطار التراجيديا الانسانية التي تضرب سوريا بشراً وحجراً وتمزق النسيج الاجتماعي الوطني فوق جغرافيا مقسمة واقعياً، حيث مئات آلاف الضحايا وملايين النازحين في الداخل واللاجئين الى الخارج. فالأطراف السورية المنخرطة في الحرب هي، بطبائع الأمور، أطراف في التسوية السياسية. ومن الصعب المطالبة بتسوية سياسية من دون تدخّل خارجي في صراع تخوضه قوى اقليمية ودولية الى جانب النظام والمعارضة، بعضها فرض نفسه وبعضها الآخر تدخّل بدعوة من الداخل.
وكالعادة، فان البيت الأبيض يقول رداً على خطاب الأسد أمام مجلس الشعب ان تمسكه بالسلطة يفاقم الفوضى والاضطراب، ثم يراهن على دور الرئيس فلاديمير بوتين الذي لديه القدرة على تغيير حسابات الأسد. وليس واضحاً ان كانت الرقة هي الهدف الحالي للقوات الكردية المدعومة أميركياً والقوات السورية المدعومة روسياً، سواء عبر تنسيق كامل أو جزئي أو من دون تنسيق بين واشنطن وموسكو. لكن المؤكد ان الجائزة الكبرى لتحديد مستقبل سوريا والحكم فيها هي حلب، لا الرقة وان كانت عاصمة الخلافة الداعشية. والروس يلعبون الورقة على الوجهين: ممنوع إسقاط حلب على أيدي المعارضين تحت طائلة الدعم الجوي الروسي للجيش السوري، وليس هذا وقت مساعدة النظام على استعادة حلب لئلا تصبح الحواجز أكبر على طريق التسوية.
والحل العسكري أصعب من الحل السياسي.