IMLebanon

زوار الأسد: جعجع فعلها أيضاً

 

أعاد اللقاء الأخير بين الوفد الوزاري اللبناني والرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، تظهير إشكالية الانقسام الداخلي الحاد حول العلاقة مع سوريا، من دون أن تنفع صدمة الزلزال في ترتيب جديد للأولويات وتشذيب الخلافات، ولو كإستثناء.

ما أن خرج الوفد الوزاري اللبناني من الاجتماع بالأسد، حتى وجد في انتظاره على «الكوع» عدداً من خصوم دمشق الذين اتهموه باستغلال المعاناة الإنسانية لفك الحصار السياسي عن الرئيس السوري والتطبيع معه، ما استفز بعض حلفاء سوريا ودفعهم إلى ردّ الصاع صاعين.

 

وهكذا، وقعت القوى السياسية مجدداً تحت أنقاض السجالات، فيما أخذ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على عاتقه، تحت هول الفاجعة، تغطية الزيارة الوزارية، معلّقاً ولو إلى حين، العمل بسياسة النأي بالنفس التي كان من رموزها.

 

ويؤكّد وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هيكتور حجار، الذي كان ضمن عداد الوفد الزائر للأسد، انّه لا يجوز إعطاء اللقاء أبعاداً مضَخّمة لا يتحمّلها، قائلاً لـ»الجمهورية»: «إذا كنت تقاطع جارك في المبنى الذي تسكنه ثم تعرّض لمصاب جلل فإنك تتجاوز كل الاعتبارات وتذهب لمواساته وعرض المساعدة، فكيف إذا كان جارك البلد الذي يقع على حدودك مباشرة وتعرّض لكارثة بحجم زلزال».

 

وشدّد على أنّ الزيارة لم تتخطّ في جوهرها حدود الوقوف إلى جانب شعب منكوب، «ومن الطبيعي انّ أي آلية للمساعدة والمساندة تتطلب التواصل مع رئيس الدولة».

 

ويشير حجار، إلى انّ «من يسمع بعض المزايدين من أصحاب الاعتراضات يظن اننا نحن من كنا نداوم في عنجر، ونستجدي رضاها»، مستغرباً ان يضع البعض الاجتماع بالرئيس السوري في سياق التطبيع السياسي، ولافتاً إلى انّ هذا المصطلح لا يصح استخدامه «لأنّ هناك خصوصية في العلاقة بين البلدين اللذين تجمعهما روابط عدة، اجتماعية وجغرافية وتجارية وعائلية، مع الأخذ في الحسبان وجود خلافات او انقسامات داخلية حول نمط المقاربة السياسية لهذه العلاقة».

 

 

ويكشف حجار، انّه خاطب الأسد في اللقاء قائلاً: «خلال حرب تموز عام 2006 فتح السوريون ابوابهم أمام النازحين اللبنانيين واستقبلوهم بحفاوة، وبعد الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011 استقبل اللبنانيون في كل المناطق، النازحين السوريين من دون قيد او شرط وفتحوا لهم كل الأبواب».

 

وتابع مخاطباً الأسد: «نحن دول متجاورة تقع في منطقة هي منبع الديانات السماوية، وعندما تقع أزمات كبيرة، من أضعف الإيمان تظهير الجانب القيمي في العلاقة بين تلك الدول».

 

ويؤكّد حجار، انّ هذا هو سقف الزيارة لسوريا، لا أكثر ولا أقل، «وعلى كلٍ لبنان بلد ديموقراطي، ومن لم يعجبه الأمر، حقه أن يعترض ويمكنه أيضاً ان يطرح الثقة بنا في مجلس النواب، ولكن لا مبرّر لتحريف مبادرتنا وتشويهها بتفسيرات سياسية لا تمت إلى الحقيقة بصلة».

 

ويضيف: «لقد ذهبنا إلى دمشق في وضح النهار من أجل تأدية مهمّة تضامنية وانسانية، ولنبدي كل الاستعداد للمساعدة ضمن قدراتنا، بينما توجد دول تتواصل مع سوريا في العتمة وتحت الطاولة، أما نحن فليس لدينا ما نستحي به او نخجل منه، ولم ننتظر ان يوشوش أحد في أذننا ليمنحنا الإذن».

ويتابع: «حين كنا نتهيأ للتوجّه إلى دمشق راحوا يصوّبون علينا من زاوية اننا لن نلقى الاستقبال اللائق، وحين استقبلَنا الأسد استمروا في استهدافنا انما من زاوية اننا نساهم في تلميع صورته.. بصراحة لم نعد نعرف ماذا يريدون، حيّرونا».

 

ويلفت حجار إلى انّ المأساة التي عصفت بسوريا تستوجب تعاطياً يرتقي إلى المستوى الانساني المطلوب، «وحتى الولايات المتحدة اضطرت إلى تعليق مفاعيل قانون قيصر لمدة 180 يوماً، بغية تسهيل وصول المساعدات، فيما فتحت أرمينيا ممراً إنسانياً مع تركيا، وزار وزير الخارجية اليوناني اسطنبول تضامناً، وذلك على الرغم من كل الخصومة الحادة بين هاتين الدولتين وتركيا». ويضيف: «لا داعي لنذهب بعيداً.. ألم يتجاوز رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع العداوة بينه وبين النظام السوري وبادر في لحظة إنسانية إلى زيارة القرداحة وتقديم العزاء إلى الرئيس حافظ الأسد بوفاة ابنه باسل؟».

 

ويعتبر حجار، انّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتخذ القرار السليم بتكليف وفد وزاري بزيارة سوريا ليعرض على قيادتها المساعدة، انسجاماً مع الأصول والقواعد التي تحكم العلاقات بين الدول، «الّا إذا كان المطلوب استخدام الحمَام الزاجل لإيصال رسالتنا».