Site icon IMLebanon

الجيش يحبط استهداف مرفق سياحي ومنطقة مكتظة

هكذا تمكن وزير من إدخال قنبلتَين إلى قاعات المطار!

الجيش يحبط استهداف مرفق سياحي ومنطقة مكتظة

عماد مرمل

مع انفلاش التهديد الإرهابي وتطور أنماطه، (القاع نموذجا)، فإن طبيعة الأهداف المحتملة للتكفيريين في المرحلة المقبلة، تشغل بال اللبنانيين كما الأجهزة الأمنية، مع ما يواكب هذا الهاجس من شائعات يومية لا تقل وطأة عن الأحزمة الناسفة.

وبينما كان بعض الوسط الرسمي السياسي ـ الأمني، يدعو إلى مصارحة اللبنانيين بالوقائع والمخاطر، ومنها قنبلة الانتحاريين المحتملة، في أية لحظة، في أية منطقة لبنانية، أحبطت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني عمليتَين إرهابيتَين «على درجة عالية من الخطورة، كان تنظيم «داعش» الإرهابي قد خطّط لتنفيذهما».

ووفق بيان صادر عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش، كان مخطَّطا للعمليتين أن تستهدفا مرفقا سياحيا كبيرا ومنطقة مكتظة بالسكان، «حيث تمّ توقيف خمسة إرهابيين وعلى رأسهم المخطِّط، وقد اعترف الموقوفون بتنفيذهم أعمالا إرهابية ضدّ الجيش في أوقات سابقة»، وفق بيان الجيش.

وفيما تكتمت الأجهزة العسكرية والأمنية على إسمي المرفق السياحي والمنطقة المكتظة سكنيا، كشف مصدر واسع الاطلاع لـ «السفير» أن القوى الأمنية أوقفت في الآونة الأخيرة سبع خلايا إرهابية، بعضها مكون من فرد واحد، وبعضها الآخر من خمسة أفراد كالشبكة التي أعلن الجيش اللبناني، أمس، القبض عليها، وقد تعرف أحد الموقوفين على وجوه سبعة من انتحاريي بلدة القاع الثمانية.

وقال مرجع أمني معني لـ «السفير» إن الأكثر خطورة وأهمية هو اعترافات الموقوفين الخمسة «بتنفيذ أعمال إرهابية ضد الجيش في أوقات سابقة، وعندما يفرج عن الجانب المسموح به من التحقيق، سيكتشف الرأي العام حجم الأعمال الإرهابية والاغتيالات التي نفذتها هذه المجموعة، وبعضها ربما يحمل طابع الصدمة والمفاجأة».

وبينما كانت بلدة القاع تعود إلى حياتها الاعتيادية في ظل استمرار الإجراءات العسكرية والأمنية، شكلت عملية تفجير ثلاثة انتحاريين أنفسهم في مطار أتاتورك في اسطنبول وسقوط أكثر من 40 قتيلا ومئات الجرحى، مناسبة لإعادة نبش الهواجس والأسئلة المتصلة بأمن مطار رفيق الحريري الدولي وأبرزها الآتي:

÷ هل أن مطار بيروت في دائرة الاستهداف؟

÷ هل الإجراءات الأمنية الحالية كافية أم تحتاج إلى جرعات مكثفة من التفعيل والتنشيط، على قاعدة استخلاص الدروس والعبر مما تعرضت له مطارات دولية أخرى كان يُعتقَد أنها محصنة ومحمية؟

÷ ماذا عن مصير القرارات التي اتخذت سابقا في شأن تطوير التجهيزات التقنية ومعالجة نقاط الضعف في داخل المطار ومحيطه؟

÷ إلى أي حد تتكامل الأجهزة العسكرية والأمنية المعنية في أدوارها ومهامها (الجيش، الأمن العام، الجمارك، قوى الأمن الداخلي…)؟

وفي انتظار اتضاح الأجوبة، لا بأس في التوقف عند أحد خفايا مرحلة وزير الداخلية السابق العميد مروان شربل. آنذاك، أراد شربل أن يستبق زيارة له إلى المطار باجراء اختبار حي لمظلته الأمنية، فأوفد شخصا إلى المطار وهو مزود بقنبلتَين يدويتَين لامتحان مدى جدية التدابير المتخذة، فيما كان رجل أمن منتدب من الوزير يراقبه عن بُعد للتدخل الفوري وحماية «الإرهابي الافتراضي» المكلف بمهمة رسمية في حال انكشاف أمره.

لكن ما حصل كان صاعقا، إذ إن الشخص تمكن من الدخول إلى قلب المطار والتجول في العديد من مرافقه وقاعاته، وهو يحمل القنبلتَين من دون أن يضبطه أو يشتبه فيه أي جهاز أمني.

استشاط شربل غضبا يومها، بعدما اكتشف هشاشة الأمن في هذا المرفق الحيوي، ووجه لوما شديدا إلى مسؤولي الأجهزة في المطار خلال اجتماعه بهم، وطلب منهم تشديد إجراءات التدقيق والحماية، من دون أن يخبرهم بالاختبار الذي أجراه، لعله احتاج إلى تكرار السيناريو مرة أخرى.

ومع مرور الوقت، تسرب الاسترخاء مجددا إلى مفاصل المطار، قبل أن تضع الدولة لاحقا خطة لمعالجة الثغرات في أمنه، بقيت معلقة لفترة طويلة بسبب عوائق مالية وإدارية، إلى أن جرى تحريكها مجددا تحت ضغط شركات الطيران الأوروبية، لا سيما الفرنسية والبريطانية.

وأبلغ مصدر أمني مواكب «السفير» أن الحماية الحقيقية لهذا المرفق من خطر الإرهاب تحتاج إلى مجموعة من التدابير المتكاملة، هي:

÷ وجود سور خارجي، متين ومتطور، للحؤول دون اختراق حرم المطار.

÷ نشر كاميرات ونقاط استطلاع للجيش والقوى الأمنية (أبراج مراقبة) في الجهات الأربع خارج نطاق السور لمنع التسلل ورصد أي جسم مشبوه.

÷ تغليف كل حقيبة سفر بالنايلون، لكشف أي محاولة لفتحها أو العبث بها، خصوصا في مرحلة نقلها يدويا إلى الطائرة بعد عبورها أجهزة الـ «سكانر».

÷ تخصيص مراقبين من شركات السفر للإشراف على نقل الحقائب إلى الطائرة.

÷ إجراء مسح لهويات الموظفين والعمال في مرافق المطار الحساسة أمنيا.

÷ الالتزام بالتبديل الدوري للعناصر الأمنية (بعد سنة من الخدمة في المطار كحد أقصى).

÷ حصر العمل في المجالات التقنية في المطار (سكانر وما شابه من تجهيزات ومعدات) بالمدنيين والعسكريين الذين يخضعون لدورة تأهيل في مركز «تدريب وتعزيز أمن المطار» الذي جرى تأسيسه بالتعاون مع الفرنسيين، بكلفة قاربت مليونا ونصف المليون يورو، مع الإشارة إلى أن المركز يستقبل أيضا متدربين من دول عربية.

÷ تفعيل حاجز الجيش عند تخوم المطار، سواء لجهة جدية التفتيش والتدقيق أو لجهة تزويده بتقنيات حديثة تسمح بضبط أي متفجرات أو ممنوعات.

÷ نشر دوريات استقصاء بلباس مدني في القاعات الداخلية للمطار ومواقف السيارات المحيطة، على أن يكون أفرادها مزودين بأجهزة حساسة قادرة على التقاط الإشارات المريبة.

÷ استحداث أجهزة تفتيش إلكترونية عند البوابات التي يتم العبور منها إلى داخل المطار.

المشنوق يحذر.. وزعيتر يطمئن!

في السياق نفسه، كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق لـ «السفير» أن صوته قد بُح وهو يطالب منذ سنتين بمراجعة جدية لقضية أمن المطار، في ظل المخاطر القائمة والنواقص الفادحة، وقال إنه عرض الأمر مرارا في مجلس الوزراء، وتم تشكيل لجنة حددت الاحتياجات وتم اتخاذ قرارات، وقد بلغت كلفة الاحتياجات أقل من ثلاثين مليون دولار، من ضمنها موضوع ترميم السور الخارجي وكاميرات المراقبة الخارجية والداخلية و «السكانر» في المطار، فضلا عن جهاز حديث كاشف للمتفجرات يصبح المرور عبره إلزاميا عند حاجز الجيش الأخير قبيل وصول المواطنين إلى حرم مطار رفيق الحريري. ودعا المشنوق إلى أخذ التهديدات على محمل الجد وإلى صرف الاعتمادات المقررة بأسرع وقت ممكن.

بدوره، أكد وزير الأشغال العامة غازي زعيتر لـ «السفير» أن خطة تعزيز أمن المطار ستبدأ في شق طريقها إلى التنفيذ المتدرج خلال الأيام القليلة المقبلة، قائلا: فليعلم أي إرهابي يحاول الاعتداء على المطار أنه لن يصعد إلى السماء للقاء الحوريات كما وعدوه، بل سننزله إلى تحت سابع أرض.

وكشف زعيتر أنه أبلغ الجهة التي كان قد رسا عليها مشروع بناء السور، بموجب المناقصة، أن تستعد لإطلاق ورشة العمل، لأن الملف يكاد يعبر محطته الأخيرة في ديوان المحاسبة بعد استكمال المستندات العائدة له، موضحا أن القيمين على المشروع حضروا بالفعل إلى المطار، وبرفقتهم مهندسين، لاستطلاع الأرض.

كما توقع زعيتر المباشرة قريبا في تأمين الشروط الأمنية الضرورية لمواقف السيارات الموجودة في الباحات الخارجية للمطار، من خلال الاستعانة بتجهيزات متطورة، موضحا أنه سيتم، الإثنين المقبل، الإعلان عن نتائج المناقصة التي أجريت لهذه الغاية، لتنطلق بعد ذلك آلية التنفيذ. وأكد أن السيارات التي ستدخل إلى المواقف ستمر، عبر جهاز عصري، من شأنه أن يسمح بإجراء مسح شامل لمواصفات كل سيارة وهوية سائقها.

وأشار زعتير إلى أن تدابير أخرى ستُطبق تباعا تتعلق بجرارات الحقائب وتجهيزات تقنية عالية الجودة، بعدما جرى تأمين التمويل من بند الاحتياط في وزارة المال، نتيجة إلغاء الهبة السعودية (مليار دولار).

وأبدى زعيتر اطمئنانه، وقال: «سنقوم بما يتوجب علينا لتحصين أمن المطار سريعا».