IMLebanon

خمس محاولات لإغتيالي!

 

في أول عهدي بالتدخين كانت علبة الـ “مارلبورو” بليرة وربع الليرة، أي فوق إمكاناتي المادية الهزيلة، لذا كنت ابتاعها شراكةً بالنصف مع صديقي “كلبجا”، ومداورةً كان أحدنا يدفع 65 قرشاً والآخر 60 قرشاً، وندسّها، خشية افتضاح أمرنا، في تصوينة مستشفى رزق، بين أغصان الـ Troene وكلما أردنا التدخين نترافق معاً إلى مخبئنا السري، نسحب سيكارتين بلهفة عاشقين. ذات يوم، ونحن نتناول علبتنا فوجئنا بممرضات المستشفى يولولنَ خلف زجاج غرفة الطوارئ، ويشرنَ إلى سقوط قذيفة هاون من عيار 82 ملم قربنا، قبل دقائق من وصولنا، وكان الدخان لا يزال يتصاعد من مكان سقوطها. يومها لم أعِرْ الأمر كبير اهتمام لكنني شعرت أنها محاولة اغتيال. سلامة قلبنا نجونا منها، كلبجا وأنا، بأعجوبة.

 

في حرب المائة يوم، وفي واحدة من ليالي القصف السوري المجنون، أصرّ والدي على أن أرافق أفراد العيلة إلى معمل خياطة قريب تحت الأرض يقع على مسافة عشرات الأمتار، رفضت بعناد مستذكراً بيت سعيد عقل “مِن خَطَرٍ نمضي إلى خَطَرٍ. ما هــمَّ، نحــنُ خُلقـنا بيتُنا الخطَر”، لكن في لحظة ضعف، رضخت للتوسلات، وفي أولى ساعات الصبح عدت إلى سريري لأفاجأ بقطعة كبيرة من الزفت اقتلعت من الشارع. طارت وغطت على وسادتي الخالية. محاولة اغتيال ثانية تكتمت عليها طويلاً.

 

والمحاولة الثالثة كانت أثناء توجهي إلى الجامعة، في الفنار، يوم 12 آذار 1980، فانفجرت سيارة مفخخة في الدورة وكادت تودي بحياة الرئيس كميل شمعون. نجوت بأعجوبة في ذاك اليوم ولم أعد أذكر إن كنت مررت على أوتوستراد الدورة قبل الإنفجار بساعة أو بعده بساعة.

 

محاولة الإغتيال الرابعة كانت في مياه الحوض الخامس الإقليمية، لم تمضِ دقائق على إقلاع المركب برجيس في ليلة غاب فيها القمر، إبّان حرب الإلغاء، حتى انهمرت القذائف من المرابض العونية. من أخذ القرار بتصفيتي. لا أتهم أحداً.

 

وخامس محاولات الإغتيال حصلت ليلة امتدت أيدي الشر إلى سيارتي الـ “ميرا فيوري” ذات الجنوط “المذهّبة” ونشرت براغي الدولاب الخلفي لجهة الشمال، كي تتدهور السيارة بنزلة ضبية لجهة الشوار، شعرت ليلة الحادثة بارتجاج ما أن تحركت العجلات صوب الأشرفية. لم أشعر بالخطر الداهم، وبوصولي إلى أوتوستراد النهر وكان المطر يهطل غزيراً، فلت الدولاب، فتابعت طريقي لمئات الأمتار على ثلاثة دواليب. ركنت السيارة على مقربة من المطاحن، ولم أطلع على الإعلام، ليقيني أن العدو ما زال يترصدني.

 

إلتزمت الصمت على المحاولات الخمس طويلاً، وما حفّزني على كشف ظروفها قول العميد الدكتور أمين حطيط للزميلة ندى أندراوس عزيز أنه تعرّض لخمس محاولات اغتيال، وما حدا أحسن من حدا في البطولات مون جنرال!