IMLebanon

هل يقود اغتيال شكر وهنية الحرب الى أبعاد جديدة؟! “الإسرائيلي” ينتظر بقلق ردّ حزب الله وإيران على العمليّتين 

 

 

هي المرّة الثانية التي تضرب فيها “إسرائيل” عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، منذ بدء المواجهات العسكرية بينها وبين حزب الله عند الجبهة الجنوبية في 8 تشرين الأول الفائت، إثر عملية طوفان الأقصى. المرّة الأولى عندما اغتالت النائب السابق لرئيس المكتب السياسي لحماس صالح العاروري في 2 كانون الثاني الماضي بطائرة مسيّرة في الضاحية. ورغم خرقها للسيادة اللبنانية وللقانون الدولي بهذا الاغتيال، سارعت الى الكلام عن أنّها لا تستهدف الدولة اللبنانية ولا حزب الله، وترقّبت بالتالي الردّ على هذه الضربة. والمرّة الثانية، حصلت مساء الثلاثاء الفائت في 30 تمّوز الجاري، عندما استهدفت القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر، المعروف باسم الحاج محسن شكر، في غارة على الضاحية الجنوبية أيضاً.

 

غير أنّ اغتيال شكر (الذي لا يزال مصيره مجهولاً حتى الساعة، ويُعتقد أنّه بقي تحت الأنقاض) يختلف عن اغتيال العاروري، على ما تقول مصادر سياسية عليمة، كون المغدور لبناني الجنسية وليس فلسطينياً، وهو قيادي بارز في حزب الله  يواجه “إسرائيل” عند الجبهة الجنوبية، من ضمن قواعد الاشتباك المتفق عليها ضمناً. وقد جاء هذا الاغتيال ردّاً على اتهام الحزب بقتل مدنيين بصاروخ على مجدل شمس في الجولان المحتل، رغم نفي الحزب مسؤوليته عن هذه الحادثة. لهذا، فإنّ الحزب استُهدف مباشرة هذه المرّة، وفي عقر داره أي في الضاحية الجنوبية لبيروت، فضلاً عن أنّ اغتيال شكر حصل على الأراضي اللبنانية. وهذا يعني أنّ “إسرائيل” خرقت القرارات والاتفاقيات الدولية، ونفّذت اعتداء على السيادة اللبنانية، وضربت حزب الله بأحد قيادييه وعلى أرضه.

 

من هنا، فإنّ كلّ هذه الارتكابات سيردّ عليها حزب الله بضربة نوعية قاسية، بحسب المعلومات، لأنّها تختلف عن الاعتداءات السابقة، ما يجعل الأمور حالياً مفتوحة على كلّ الاحتمالات. ولعلّ هذا ما كان يريده رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، أي فتح حرب موسّعة على لبنان، لا يكون هو المسؤول عنها، بل يُلقي المسؤولية عن بدئها على الحزب. فـ “الإسرائيلي” يعتبر أنّ الضربة – الردّ على صاروخ مجدل شمس قد انتهت، وأنّه “سيتعامل مع حزب الله بحسب حجم الرد ومستواه”، على ما نقلت السفيرة الأميركية ليزا جونسون الى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي خلال لقائهما أمس في السراي. كما أعلن أنّه لا يريد حرباً ، لكنه مستعد لكلّ الاحتمالات. ولهذا، يقوم بكلّ الاستعدادات لأي حرب ممكن أن تُشنّ ضدّه، ورفع حالات التأهّب في جميع السفارات “الإسرائيلية” حول العالم.

 

وأكّدت المصادر نفسها أنّ عمليتي الاغتيال لكلّ من شكر وهنية، حملتا رسالة مزدوجة الى لبنان وإيران، وأخرى مماثلة الى حماس وإيران أيضاً، الأمر الذي يجعل “الإسرائيلي” مربكا وقلقا رغم كلّ استعداداته، كونه لا يعلم نوعية ردّ حزب الله، وإذا كان ردّ إيران على اغتيال هنية، إذ توعّدت بالثأر له كونه استشهد على أراضيها، سيكون مباشراً أو غير مباشر، ويوازي ردّها على الغارة الجوية التي استهدفت مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 نيسان الماضي، والتي أسفرت عن مقتل 16 شخصاً من بينهم أحد قادة فيلق القدس العميد رضا زاهدي و7 ضبّاط آخرين في الحرس الثوري الإيراني.

 

من هنا، فإنّ كلّ المؤشّرات تدلّ، على ما أوضحت المصادر، أنّ اغتيال شكر وهنية سينقل الحرب الى أبعاد جديدة، سيما أنّ شكر شخصية مهمّة بالنسبة للحزب وللأمين العام السيد حسن نصرالله شخصياً، إذ كان مستشاره العسكري. كذلك فإنّ هنيّة يُعتبر أهم شخصية لدى حركة حماس ولدى الفلسطينيين المؤيّدين للمقاومة، وتتوعّد إيران اليوم بإنزال أشد العقاب بـ “إسرائيل” كونها اغتالته وعلى أرضها.

 

وفي ما يتعلّق بالشقّ السياسي للاغتيالين، أكّدت المصادر عينها أنّ قصف الضاحية لاغتيال شكر، وقصف إيران لاغتيال هنيّة، هو قصف متعمّد من قبل نتنياهو لنسف المفاوضات الدائرة اليوم لوقف إطلاق النار في قطاع غزّة، كما عند الجبهة الجنوبية، وتحرير الرهائن. فهو يسعى بكلّ جهوده للاستمرار في حربه في المنطقة الى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني المقبل، علّ الرئيس السابق دونالد ترامب يفوز بها. في الوقت الذي تقوم به الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها توني بلينكن، بتسديد ضربة على الحافر وأخرى على المسمار، من خلال كلامه تارة عن عِلم بلاده باغتيال شكر، وطوراً عن عدم عِلمها باغتيال هنيّة. ومن ثمّ يُشدّد على ضرورة العودة الى مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتحرير الرهائن، وكأنّ شيئاً لم يحصل، كما الى مواصلة المساعي الديبلوماسية لتجنّب تصعيد الصراع بين حزب الله و “إسرائيل” في أعقاب الضربة على الضاحية.

 

ويبقى السؤال: هل سيدخل لبنان في حرب موسّعة بعد ضرب “إسرائيل” الضاحية الجنوبية، إثر كلام السيّد نصرالله عن أنّ ضرب بيروت يُقابله ضرب “تلّ أبيب”، وضرب مطار بيروت يُقابله ضرب مطار “حيفا” الخ… أي ضربة مقابل ضربة؟! أم أنّ الحزب سيكتفي بضربة مركّزة ودقيقة ومحدودة، على غرار ما أعلن العدو في وصف ضربته للضاحية، ولن ينجرّ الى المحاولة “الإسرائيلية” بجرّه الى حرب شاملة في المنطقة يرفضها هو وإيران والمجتمع الدولي، ويريدها نتنياهو وحده للبقاء على رأس السلطة، ولكي يُصبح ديفيد بن غوريون الثاني؟!