IMLebanon

اغتيال «رفيق الحريري».. و»مصباح ديوجين»..  

 

بعد ١٢ عاماً على اغتيال «الرئيس رفيق الحريري» لاتزال «الحقيقة غائبة» أو «مغيّبة»..!

وما أحوج هذه «الحقيقة» إلى «مصباح» الفيلسوف الأغريقي «ديوجين» وإليه «هو» أيضاً.

الفيلسوف «ديوجين» ولد في تركيا ٤١٢ق.م تقريباً ونُفي إلى أثينا ومات في «كورنيت» ٣٢٣ق.م.. كان تلميذاً بالقوة لـ»أنتيسنتيس» تلميذ «سقراط».. كان يسير يحمل مصباحاً في عز النهار!

ويذكرُ المؤرخون القدامى الذين عاصروه، ومن نقل عنهم فيما بعد حتى القرون الأخيرة من المؤرخين، أنه كان يجيب حين يُسأل لماذا يحمل «مصباحه» في «عز النهار» بإجابات عديدة منها: «أبحث عن الحقيقة» أبحث عن رجل فاضل في مدينة أثينا، أبحث عن رجل حكيم، أبحث عن إنسان حقيقي» إلى ما شابه ذلك..!

وهو في الحقيقة – (وهذا ما رجحه معظم «المؤرخين» الذين كتبوا عنه، وكذلك «الفلاسفة» حتى عصور قريبة) – كان يبحث عن «الحقيقة»، وعن «الإنسان الفكرة»، لكنه لم يجد في النهاية سُوى أناسِ – بشراً – في شكلهم الفيزيائي!

وهو الذي قال يوماً: «الحقيقة ليست أكثر تأكيداً مما هو محتمل»..!

رُوي عنه أن أحدهم رآه يمد يده لتمثال يستعطفه بعض نقود زمانه! فسأله: «كيف تمدُ يدك وتطلب من تمثال لن يُعطيك شيئاً»؟ فرد قائلاً: «كي أُروّض ذاتي على تقبّل الهزائم»..!

هو «الفيلسوف» الذي قامت فلسفته على مبدأ بناء أفكار تقود الإنسان إلى اعتبار ذاته مواطناً عالمياً لبناء وطنه، وهذا ما تابعه فلاسفة «عصر التنوير» في أوروبا «جان جاك روسو» الفرنسي «١٧١٢ – ١٧٧٨»، «إيمانويل كانت» الألماني «١٧٢٤ – ١٨٠٤»، «جورج فيلهلم فردريش هيغل» الألماني «١٧٧٠ – ١٨٣١».. الذين دعوا إلى «مشروع أخلاقي حالم» وهو «بناء عالم يسوده الأمن والسلام والتعايش الإيجابي»..

هذا وكان الأمبراطور «الإسكندر المقدوني الكبير» موحِّد «الغرب والشرق» في عالم الأمن والسلام والتعايش الإيجابي من أكثر المعجبين بـ»ديوجين» حتى أنه قال: «لو لم أكن الإسكندر، لتمنيت أن أكون ديوجين»..

لذلك أشرت في مقدمة هذه القراءة ما أحوج «الحقيقة» المتعلقة بالبحث عن «الجاني الحقيقي» في «اغتيال رفيق الحريري» عن «ديوجين» و»مصباحه»..

على أي حال، كثيرة هي الأهداف من وراء اغتيال «رفيق الحريري»، والتي كان منها إسكات «صوت الاعتدال» في «الطائفة السنية» تحديداً؛ في «المشهد السياسي اللبناني»؛ لأن «سنية رفيق الحريري» كانت تعني «الاسلام الرحب» الذي يَدخُل فيه «الشيعي»، و»الدرزي»، كشرطين وطنيين إعتنى بهما «الحريري» عناية فائقة، إلى جانب اعتنائه أن يكون «مسيحياً» حينما كان «وطنياً مسلماً». من هنا كان رحمة الله عليه مشروعاً مستقبلياً لا يعرف التقوقع المذهبي، أو الانغلاق الطائفي، أو التشدد الديني، بل كان «وسطياً، معتدلاً، حضارياً».

أي أنه تحرك من خلال «سنّيته» تجاه «الجناح الثاني» لـ»لبنان» الوطن النهائي لجميع أبنائه من دون أهواء إيديولوجية دينية – «المسيحيين» – استناداً إلى «حديث» النبي العربي الكريم «محمد» صلى الله عليه وسلم الذي رواه «أبو داوود»، وهو: «ألا من ظلم مُعاهداً، أو أنتقصهُ، أو كَلَفَهُ فوق طاقتِهْ، أو أخَذَ منه شيئاً بغير طيبِ نَفْسٍ، فأنا حَجِيجُهْ يوم القِيَامة»..

وهذا ما خوّف من كان يَعدُ لتسويق «الإرهاب المعَوْلم العابر للقارات» الذي «لا دين له، ولا وطن، ولا عنوان» ليكمل – به ومعه – التقسيمات الجديدة لـ»الوطن العربي»؛ والتي تابعها فيما بعد بما سُمّىَ «الربيع العربي» – وهو في «الحقيقة» – الخريف العربي -..!!!

وأختم من حيث بدأت ما أحوج من يبحث عن «الحقيقة» في «مَنْ اغتال الرئيس رفيق الحريري» إلى الفيلسوف «ديوجين» و»مصباحه»..

لأنهما إجتمعا في «نقطة واحدة» وهي أن «ديوجين» لم يجد «الحقيقة».. و»الحقيقة» في اغتيال «الرئيس رفيق الحريري» لاتزال غائبة بعد ١٢ عاماً – حتى الآن -..!!!