IMLebanon

عن “فخّ” تعيينات إدارية جرت بـ”الإنهاء”

 

على خلاف الضجة التي أثارتها التعيينات المالية وما فجّرته من الداخل قبل عرضها على النقاش الفعلي على طاولة مجلس الوزراء، مرّت التعيينات الإدارية الثلاثة أمس، من دون صخب، لكنها خلّفت اعتراضات علنية سجّلها أكثر من وزير وأكثر من فريق سياسي. وزراء الصناعة عماد حب الله، والعمل لميا يمين، والزراعة عباس مرتضى، والمال غازي وزني، والأشغال ميشال نجار، إعترضوا على السلّة المقترحة، ما يمكن “تقريشه” بالسياسة امتعاضاً جلياً من جانب الثنائي الشيعي و”تيار المردة”.

 

هكذا فاجأ مجلس الوزراء راصديه، كما بعض وزرائه، أنّ جدول أعماله يتضمن بنداً يقضي بملء الشغور في ثلاثة مواقع إدارية، في مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي، مرفقاً بثلاثة أسماء مقترحة لملء الشواغر، جاكلين بطرس لرئاسة إدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية وأحمد الحجار مفتشاً عاماً هندسياً ومخايل فياض مفتشاً عاماً إدارياً في التفتيش المركزي.

 

المفاجأة الأكثر وقعاً، كانت في آلية تعيين هؤلاء. كُثر من بين الحاضرين سألوا عن الآلية التي تدرسها اللجنة الوزارية التي سمّاها رئيس الحكومة، لوضع صيغة قانونية تتيح لمجلس الوزراء تجاوز قنبلة المحاصصة لاختيار الأكثر كفاءة. واذا لم تتوفر، على اعتبار أنّ اللجنة لا تزال في بداية عملها ولم تجتمع إلا مرة واحدة، فهل من استئناس بالرأي، أسوة بما حصل مع وزير المال الذي قدّم ثلاثة ترشيحات للمواقع المالية لمجلس الوزراء، قبل أن يسحب رئيس الحكومة البند برمته من التداول بحجة تغلّب منطق المحاصصة على قاعدة الكفاءة؟

 

كان الجواب، أنّ هذه التعيينات لها نظامها الخاص، وهي مستثناة أصلاً من أي آلية قد يتمّ اقرارها أو قد يتبناها مجلس الوزراء من باب الاستئناس، ذلك لأنّ مجلس الخدمة المدنية، كما التفتيش المركزي، هما اللذان يرفعان ترشيحاتهما إلى مجلس الوزراء بناء على “انهاء” يطلبان فيه موافقة السلطة التنفيذية. والإنهاء المرفوع من مجلس الخدمة المدنية أو من التفتيش المركزي، يعني الأخذ به كما هو أو رفضه كما هو، وهو صاحب الصلاحية برفع ترشيحاته للشواغر في دوائره إلى مجلس الوزراء.

 

ولهذا رفع مجلس الخدمة المدنية اسماً واحداً عن الموقع الشاغر لديه فيما رفع التفتيش المركزي اسمين عن الموقعين الشاغرين. ولم يكن أمام مجلس الوزراء إلا واحد من خيارين: إما الموافقة واقرار هذه الترشيحات وإما رفضها بالمطلق وردّها من دون القدرة على تعيين بدلاء عنهم. وهذا ما حصل.

 

هذا في القانون. تحفظات بعض الوزراء في هذه الناحية لم تتعد دائرة الاعتراض على المساحة الزمنية المعطاة لهم لمراجعة السير الذاتية قبل ابداء رأيهم بها، حيث يؤكد أحد الوزراء المتحفظين أنّ المسألة لا تنطوي على خلاف سياسي، بقدر ما هو تباين تقني يرتبط بضيق الوقت وبكونهم مضغوطين بقضايا ومسائل مختلفة، وكان من الممكن تأجيل هذا البند لمزيد من التدقيق في الأسماء المرفوعة. ولكن في السياسة، ثمة قطبة مخفية أخرى. تقول الرواية إن الفخ يكمن في تعيين جاكلين بطرس لرئاسة إدارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية، التي كان يريد “التيار الوطني الحر” تمرير تعيينها في الجلسة الشهيرة التي كادت أن تطيّر الحكومة والتي تضمنت التعيينات المالية، ومن خارج جدول الأعمال بحجة الشغور الحاصل في هذا الموقع والذي يستدعي ملأه بشكل سريع. ولما طارت تلك السلة، وضع بند التعيينات الإدارية على جدول أعمال مجلس الوزراء، ما أثار حفيظة بعض الوزراء، ولكن من دون ملامسة خطّ “الثلث المعطّل” الأحمر.

 

يشير أحد المطلعين على عمل الحكومة، أن هذا التحفظ هو بمثابة إشارة سلبية وجهها الثنائي الشيعي بالتكافل والتضامن مع “تيار المردة”، خصوصاً وأنّ “الإنهاء” أظهر تنسيقاً مكتوماً بين رئيس الحكومة ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، يبدو أنّه لا يريح كثيراً بقية الشركاء الحكوميين.