Site icon IMLebanon

جمعية المصارف تستفزّ ميشال عون

وقع «المحظور»، ودخلت تعيينات لجنة الرقابة على المصارف في دائرة التجاذبات بين الأقطاب المعنيين. جمعية المصارف قررت في اجتماع مجلس إدارتها يوم الثلاثاء الماضي إعادة ترشيح عضو اللجنة الحالية أمين عوّاد ممثلاً لها في اللجنة العتيدة. حصل ذلك على الرغم من تبلّغ أعضاء المجلس قرار رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون تسمية المرشّح «الماروني». هذا التطور «غير المتوقع» فتح باب التكهنات حول مغزى الرسالة وأهدافها وهوية موجّهها

يوم الثلاثاء الماضي، انعقد مجلس إدارة جمعية المصارف في جلسة عادية. لم يكن على جدول أعماله بند يتعلق بتعيينات لجنة الرقابة على المصارف، إلا أن عضوي المجلس سعد الأزهري وجوزف طربيه طرحا الموضوع من خارج جدول الأعمال، نظراً إلى ضيق الوقت وقرب انتهاء ولاية اللجنة الحالية في 11 آذار المقبل، ولأنه سبق لوزير المال علي حسن خليل أن أعلن التزامه برفع اقتراحه إلى مجلس الوزراء لتعيين اللجنة الجديدة قبل 28 شباط الجاري. حصلت مداولات سريعة بين أعضاء المجلس وانتهت الى خلاصة مفادها «ان عضو اللجنة الحالية أمين عوّاد هو ممثل الجمعية فيها، وبالتالي سيبقى مرشحها».

حاول الأمين العام للجمعية مكرم صادر لفت نظر أعضاء المجلس إلى أن رئيس تكتل التغيير والاصلاح ميشال عون يريد أن يسمّي العضو الماروني في اللجنة العتيدة، وأن عوّاد ليس مرشحه، بل لديه مرشح آخر، إلا أن أحداً من الموجودين لم يعر هذه الملاحظة أي اهتمام. انتهى الاجتماع على اقتناع لدى العديد من الحاضرين بأن هناك من يسعى الى خلق مشكلة مع عون لأسباب قد لا تكون متصلة باللجنة وتعييناتها، فيما رأى البعض أن هذه المشكلة قد تؤدي، في حال عدم تداركها، الى إعادة طرح خيار التجديد للجنة الحالية أو تكرار سيناريو الفراغ الذي حصل في شباط عام 2010.

يؤكد رئيس الجمعية فرانسوا باسيل لـ«الأخبار» أن تسمية مرشح الجمعية «لم تكن مقرّرة على جدول أعمال مجلس الإدارة، بل درسنا هذا الموضوع على هامش الجلسة، على الرغم من أنه لم يصلنا أي كتاب رسمي من وزير المال لتسمية مرشحنا أو مرشحينا». ويوضح: «في الواقع، لدينا حالياً ممثل في اللجنة هو أمين عواد، وليس لدينا مرشحون غيره، علماً بأننا لم نسأل ممثلنا عن رأيه بعد». ويشير باسيل إلى أن الجمعية «هدفها الحفاظ على مصلحة المهنة وعلى المصلحة الوطنية، وهي توافق على الشخص المناسب، ولا تريد أن تدخل في إشكال مع أحد، وليس لدينا أي مشكلة في التجديد، لكننا علمنا بأن رئيس اللجنة (أسامة مكداشي) لا يريد الاستمرار ويرغب في الابتعاد عن هذا الموقع».

ما حصل في اجتماع مجلس إدارة الجمعية كان مفاجئاً، برأي مصرفي متابع. فقد كان هناك اتفاق ضمني على عدم تسمية مرشح الجمعية إلا بعد تسمية عون لمرشحه (http://www.al-akhbar.com/node/225649)، وذلك تداركاً لأي صدام مع عون «ليس مستحباً في ظل الظروف الراهنة». ويستغرب هذا المصدر سبب الاستعجال، لا سيما أن وزير المال لم يطلب (حتى الآن) رسمياً من الجمعية ومن المؤسسة الوطنية لضمان الودائع تسمية مرشحيهما بانتظار إنجاز مشاوراته. ويقول هذا المصدر «إن الطريقة التي تمت بها الامور بدت كما لو أن هناك من أوعز إلى أعضاء في مجلس الادارة بالقيام بخطوة استباقية للقوطبة على عون وإحراجه».

وفي السياق نفسه، يؤكّد رئيس مجلس إدارة مؤسسة ضمان الودائع خاطر أبو حبيب لـ«الأخبار» أن المؤسسة أيضاً «لم تتبلغ وفق الإجراءات الرسمية أي طلب بتسمية مرشحها»، ويقول «إن ممثلها في اللجنة الحالية هو منير اليان» (عيّن في عام 2010 من ضمن حصّة القوات اللبنانية)، مشدداً على أن قرار التسمية يتخذ في مجلس الإدارة «بالإجماع».

يشار إلى أن القانون 28/67 نصّ على إنشاء لجنة مستقلة للرقابة على المصارف تنشأ لدى مصرف لبنان ولكنها غير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة المصرف. تؤلَّف اللجنة من خمسة أعضاء يعيّنون بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المال، من بينهم عضو تقترحه جمعية المصارف، وآخر تقترحه مؤسسة ضمان الودائع. ويقضي العرف بتشكيل اللجنة وفقاً للمحاصصة الطائفية، فيكون رئيسها من الطائفة السنية، وتضم شيعياً ومارونياً وأرثوذكسياً وكاثوليكياً.

ما حصل في جمعية المصارف فرض تحرّكاً مكثفاً لاحتواء أي تداعيات محتملة. ووفقاً لمصادر مطلعة في وزارة المال، فقد أعدّ وزير المال كتابين سيتم توجيههما الى الجمعية والمؤسسة اليوم لتسمية مرشحيهما. وتفيد المعلومات بأن الوزير خليل قرر إدارة «الأزمة» عبر استعادة عرف قديم يقضي بأن تسمّي كل جهة من هاتين الجهتين 3 مرشحين لاختيار أحدهم. كذلك قرر الوزير خليل أن يعقد اجتماعات منفصلة مع كل مرشح قبل أن يرفع اقتراحه الى مجلس الوزراء. وتقول المصادر إن ذلك قد يتيح مخارج للجميع إذا كانوا يريدون فعلاً إنجاز تعيينات اللجنة، ولا سيما أن وزير المال أبلغ عون في اتصال جرى بينهما أنه لن يقدّم أي اقتراح لا يرضيه.

رئيس جمعية المصارف اتصل أمس بوزير المال وطلب موعداً للقائه. تم تحديد الموعد يوم الاثنين المقبل. في هذا الوقت، سيتسلّم الوزير خليل من وزير الخارجية جبران باسيل (على هامش جلسة مجلس الوزراء اليوم) أسماء مرشحي عون (ماروني وأرثوذكسي). كذلك سيتسلّم من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام اسم مرشح تيار المستقبل لرئاسة اللجنة خلفاً لمكداشي. وبحسب المعلومات، زار مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، رئيس الحكومة تمام سلام، قبل 3 أيام، وأبلغه رغبة الحريري في تعيين سمير حمود في رئاسة اللجنة. وكذلك حسم الرئيس نبيه بري خياره بإعادة تسمية عضو اللجنة الحالي أحمد صفا.

انطلاقاً من هذه المعلومات، يشير مصرفيون الى أن تيار المستقبل وحركة أمل هما من سمّيا المرشّحين السنّي والشيعي، وبالتالي على جمعية المصارف أن تقبل بأن يسمّي التيار الوطني الحر المرشح الماروني على أن يسمّي حزب الكتائب أحد المرشحين الأرثوذكسي أو الكاثوليكي (من حصة مؤسسة ضمان الودائع) ويبقى لجمعية المصارف حق تسمية المرشح المسيحي الثالث، علماً بأن الكتائب لم يكشف علناً عن اسم مرشّحه بعد.

إلا أن بعض المصرفيين يعزون تسمية الجمعية عواد إلى كونه «ممثل اللجنة في الولاية القائمة حالياً الذي لم يكن عليه أيّ فيتو من التيار الوطني الحرّ، أي إن تسميته لا يفترض أن تستفز قيادة التيار الوطني الحر»، إلا أن بعض أعضاء مجلس إدارة جمعية المصارف يربطون تسمية عواد بالردّ على «الانقلاب العوني على ما اتفق عليه مع رياض سلامة حول خطّة «تنظيف الكازينو». يومها لم تدم طويلاً موافقة قيادة التيار على خطّة سلامة لإقالة موظفين في الكازينو، بل سرعان ما انقلب عليها التيار مسبّباً إحراجاً لسلامة مع القيادات السياسية التي منحت موافقتها على هذه الخطّة». ليس الجميع متفقين مع هذا التحليل، إذ يشير مصرفيون الى عقد أخرى لم تخرج الى العلن ولا تتعلق بمرشح عون أو الجمعية، بل بمرشح تيار المستقبل الى رئاسة اللجنة، إذ يفيد هؤلاء بأن التيار منقسم بين اتجاهين:

ــ الأول بقيادة رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة الذي يسعى إلى تعيين كبير الاقتصاديين في بنك ميد مازن سويد. والسنيورة لديه هدف واحد، كما يتردد بين أوساط المطلعين، وهو إجراء توازن بين حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف. وينقل عن السنيورة رغبته في تكرار تجربة وليد علم الدين الذي كان لديه موقف واضح ولم يكن يجاري حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في طريقة إدارة القطاع، بل كان لديه حيثية أكثر استقلالية عن مصرف لبنان رغم تبعية اللجنة لمصرف لبنان مالياً.

ــ الاتجاه الثاني يدعم ترشيح المدير في بنك ميد سمير حمود، الذي تريده عائلة الحريري، وتحديداً نازك الحريري وسعد الحريري.