لم تجد هيئة العلماء المسلمين في لبنان في قرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي مع تيار المستقبل ما يستدعي إصدار بيان. لكنها، بالتزامن، أصدرت بياناً حول زيارة لوزير الداخلية والبلديات بسام مولوي «لبحث الأوضاع الحكومية والانتخابية، وقضية خلدة، وظروف الموقوفين الإسلاميين في رومية، وخطورة وثائق الاتصال في تأجيج العنف، وإقرار العفو العام».
الهيئة التي تقدم نفسها ممثلة عن «الساحة السنية» تحصر نفسها بدور معين لفئة معينة في هذه الساحة. سقط الحريري، المعتزل سياسياً، من حساباتها. فيما تواظب على تفقد «المشايخ الكرام مصطفى الحجيري وأحمد الأسير وخالد حبلص وعمر الأطرش وعدد من الشباب فكّ الله أسرهم في سجن رومية» كما أعلنت قبل حوالي ثلاثة أشهر عندما زار وفد منها السجناء، ضمّ رئيس الهيئة السابق الشيخ سالم الرافعي وعدداً من أعضائها وعضو المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الشيخ أمير رعد.
تأسست الهيئة عام 2012 بدعم قطري في «ربيع الإخوان المسلمين». حوالي 400 شيخ سني انضووا في الهيئة، بعضهم من أتباع السلفية والتيارات المتشددة التي تحرّم الانضمام إلى أي إطار تنظيمي. إلا أن «الإحباط السني» و«نصرة الثورة السورية» استنفرا العمائم المعتدلة وجمعاهم في صف واحد مع المتشددين المعادين لإيران وحزب الله لدواع مذهبية.
لكن انغماس الهيئة في الأزمة السورية حتى تناست شؤون المشايخ الداخلية، أدى إلى خروج عدد كبير من أعضائها. في «الموجة» الثانية خرجت مجموعة أخرى بعد تراجع الهيئة في «معركة» انتخاب مفتي الجمهورية أمام تيار المستقبل. أما سبب «الموجة» الثالثة، فكان تراجع الدعم القطري والتركي بعد تقهقر مشروع «الإخوان» وفشل الحرب على سوريا، إضافة الملاحقات الأمنية التي طاولت عدداً من أعضائها بعد ثبوت تورطهم في ملفات إرهابية. أخيراً، جاء «استئثار» الجماعة الإسلامية بالهيئة ليخرج من بقي صامداً.
ما هو جدول عمل الهيئة مرحلياً؟
الشيخ إمامة: سنتبنى ترشيح كتلة من الإسلاميين الإصلاحيين الذين يؤمنون بالتغيير
يرفض الرئيس الحالي للهيئة الشيخ خالد العارفي الإجابة عن أسئلة «الأخبار». إذ «بعد التشاور مع الإخوة، فضلنا عدم التصريح لأننا في حال ترقب وانتظار لما يحصل على الساحة السنية التي نحن جزء منها، عقب اعتزال الحريري». أما الرئيس السابق الشيخ عدنان إمامة، النافذ بقاعاً من عرسال إلى مجدل عنجر، فقد أكد لـ«الأخبار» أن الصمت الحالي يسبق «إصدار موقف مهم يتعلق بالمشهد السياسي السني والانتخابات». وعما إذا كانت الهيئة ستتبنّى مرشحي الجماعة الإسلامية؟، يجيب: «سنتبنى ترشيح كتلة من الإسلاميين الإصلاحيين الذين يؤمنون بالتغيير سواء من الجماعة أو من بقية المكوّنات الإسلامية».
إلا أن مصدراً في الهيئة أوضح أن ما تنتظره هو نتائج التقارب بين قطر وإيران. ويلفت إلى زيارات متبادلة قام بها عدد من المشايخ ضمن أطر إسلامية يرعاها البلدان، في وقت تقوم حركة حماس باتصالات للتقريب بين حزب الله والجماعة الإسلامية. وفيما انخرط عدد من مشايخ الجماعة، وبالتالي الهيئة، في التقارب، يتريث آخرون لا سيما من بنوا مواقفهم وشعبيتهم على التحريض المذهبي.