لم تتحرك «هيئة العلماء المسلمين» للمساعدة في حل ازمة العسكريين المخطوفين، بل لاطلاق سراح كل من سجى الدليمي زوجة ابو بكر البغدادي «رئيس الدولة الاسلامية» والاء العقيلي زوجة «ابو علي الشيشاني» وهو ما كشف عنه رئيس الهيئة الشيخ سالم الرافعي، حيث كان التدخل دائما لصالح «جبهة النصرة» او تنظيم «داعش»، ولا يمكن للهيئة ان تصنف في خانة «الوسيط النزيه» كما يقول مصدر سياسي لا يحبذ تكرار تجارب سابقة كانت وبالا على العسكريين المخطوفين انفسهم، الذين تم اختطافهم اثناء وساطة «هيئة العلماء» عندما ذهب باسمها الشيخ الرافعي الى عرسال للبحث في وقف المعارك العسكرية، واجلاء الجرحى وتأمين ممر آمن لاهالي البلدة، فكان ان خرج المسلحون ومعهم عناصر الجيش و19 عنصرا من قوى الامن الداخلي تم اختطافهم من مخفر عرسال ونقلهم الى منزل الشيخ مصطفى الحجيري الذي هو عضو في الهيئة، وسلمهم الى المسلحين، مبررا ما فعله بأنه تحت ضغط السلاح، بعد ان كان يعتبرهم ضيوفه.
فحادثة اختطاف العسكريين ونقلهم الى جرود عرسال، تقع مسؤوليتها على «هيئة علماء المسلمين» وفق المصدر الوزاري الذي لا يرى موجبا ان يجري تكليفها من الحكومة للقيام بوساطة تستند الى مبادرة تطالب السلطة باطلاق فوري لزوجتي البغدادي والشيشاني دون قيد او شرط، مقابل وقف ذبح وقتل العسكريين، وهي مسألة غير مضمونة وفق المصدر الذي يرى انه سبق للارهابيين ان تعهدوا بوقف الذبح للموفد القطري، ولم يلتزموا، وان مبادرة «هيئة العلماء المسلمين» ما هي الا «خدعة جديدة» يجب التنبه اليها والحذر منها، لان السوابق لا تشجع بل كانت تأتي لصالح المسلحين، وهو ما حصل في اثناء الوساطة مع الشيخ احمد الاسير في صيدا، ومع مسؤولي المحاور في باب التبانة، وفي غير ذلك من المسائل الامنية.
«فهيئة العلماء المسلمين» لا تنفصل عن التنظيمات الاسلامية المتطرفة والسلفية، وهي لها مشروعها في لبنان، يقول المصدر وتعمل بموجبها للسيطرة على المؤسسة الدينية للطائفة السنية وهي دار الفتوى، التي تعتبرها «محتلة» ويجب «تحريرها» وخاضت معركة انتخاب مضت للجمهورية بالشيخ احمد الكردي، ونال اصواتا قليلة لا تتعدي العشرة، وهي لن تنفك تعمل حتى تصبح لها السيطرة على مؤسسات هذه المرجعية الدينية، وفق ما يكشف المصدر ويعلن عن ان اموالا طائلة تتلقاها الهيئة من الخارج، وهو ما فضحه رئيسها السابق الشيخ مالك جديدة الذي تحدث في مؤتمر صحافي عن فضائح داخل الهيئة واثراء غير مشروع بدأ يظهر على عدد من المشايخ اذ يلعب المال دورا في انضمام رجال دين سنة اليها، بحيث اصبح تعدادهم ما يناهز800 شيخ، كان سيكون لهم تأثير في انتخاب مفت للجمهورية ولو اعتمد قانون انتخاب على اساس «هيئة ناخية يشارك فيها المشايخ».
فوساطة «هيئة العلماء المسلمين» ولدت ميتة، وليست موثوقة، وفق المصدر الذي يشير الى ان ما تطلبه هو المقايضة بين الجنود المخطوفين والاسلاميين الموقوفين دون استثناء، وهو مطلب توجد عقبات عدة لتحقيقه، وهو مطلب المسلحين الخاطفين تتبناه الهيئة، مهددة بأنه اذا لم تقبل به الحكومة وتكلف الهيئة رسميا للعمل بموجبه، فان السلم الاهلي مهدد والاستقرار الامني لن يبقى مضمونا، وهي تنطلق باسم الخاطفين، حيث تسقط عنها صفة الوسيط الذي يدور الزوايا، ولا يأخذ بوجهة نظر واحدة هي للخاطفين.
فالتحرك الجديد – المفاجئ للهيئة، اتى بعد ان وجه الشيشاني تهديدا للشيخ الرافعي، بان زوجته كانت بعهدته امنيا، وان وقوعها في الاعتقال لدى الاجهزة الامنية، يتحمل مسؤوليته الرافعي نفسه، وهو ما سبق واعلنه ايضا شادي المولوي الذي حمل الرافعي ومشايخ في الهيئة كالشيخ نبيل رحيم مسؤولية ما حصل معه في باب التبانة والتخلي عنه في اثناء المعركة مع الجيش.
فانتظار الهيئة تكليفا من الحكومة دونه صعوبات، لان بعض الوزراء في الحكومة لن يصوتوا على هذا التكليف، بناء لتجارب سابقة، وان التكليف سيكون ورقة ضعيفة بيد الحكومة، ولن يفيدها بالتفاوض وفق ما يؤكد المصدر، لان المطلوب هو اطلاق سراح زوجتي البغدادي والشيشاني دون اي مقابل، او ضمانات للافراج عن العسكريين المخطوفين.