في خضم المعارك الانتخابية على مدى ساحات الوطن والتي اعطت مسكناً فعالاً للبنانيين ينتهي مفعوله الى حين، خصوصاً ان الجميع منخرط فيها قلباً وقالباً حتى النخاع دون الالتفاف الى الاستحقاق الاول الذي يقبع في زوايا الدول الاقليمية والدولية على خلفيات متعددة منها ما هو من صنع داخلي ومحدود الفعالية والتأثير وآخر يتخذ وجهة الصراع القائم بين السعودية وايران والذي يبدو انه يتصاعد الى أوجه، في هذا الوقت سوف يمر شهر ايار ومعه موعد العاشر منه موعد الجلسة النيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وهذا يعني بدوره حسب مصادر نيابية ان كل شيء مؤجل وان الرئيس نبيه بري سوف يعين عشرات الجلسات القادمة دون ان يتصاعد الدخان الابيض، هو يعرف ذلك والنواب واعون لما هو حقيقة المشهد، ومن هنا يبدأ العد نحو سنة ثالثة من الفراغ في سدة الرئاسة الاولى بالرغم من كون الرئيس سعد الدين الحريري قد سار بالنائب سليمان فرنجية كمرشح واضح للرئاسة ولكن تبين ان حضور الحريري لم يغير في اساس المشكلة ولم يدفعها الى الامام على فرضية ان هناك من يشد العربة الى الامام وآخرون الى الوراء.
وتضيف هذه المصادر ان زحمة الاستحقاقات القادمة في المنطقة جعلت من الملف اللبناني بكامله على الرف الى فترة لا يعرف احد في اي وقت تنتهي خصوصاً مع الحديث عن الشهر الانتخابي في لبنان وشهر الدم والنار في سوريا مما يعني بصراحة ان الدول المعنية بالاستحقاق لدى كل واحدة منها اولويات في هذا الصراع حتى ولو حضر سبعين مرة سبعين نائباً، فان القرار ليس ملك اياديهم وبديلاً عن توقع ثمانين نائباً في الجلسات اللاحقة الا انه تبين ان العدد الى تناقص متزايد خصوصاً ان العديد من الجهات والفعاليات وضعت الكثير من كميات التفاؤل في كف الاتفاق الايراني النووي، الا انه تبين ان لا تغييرات ملموسة في المدى القريب والعكس حصل، اذ ان هذه المفاعيل بالذات بدأت بالتراجع الى الوراء وبات اللبنانيون اليوم امام انتظار جديد اسمه انتخابات الرئاسة الأميركية في كانون الثاني القادم او ما بعدها.
وتتحدث هذه المصادر عن مخيلات اخرى يتم التعويل عليها كالحرب الدائرة في حلب وعليها وهذا ما دلّ عليه خصوم العماد ميشال عون بالاصبع نحوه انه بانتظار معرفة المنتصر في هذه المعركة فيما يعي الجميع موقف الجنرال الذي يتهم الآخرين بالرهان على الخارج، في المقابل ضحكت قوى 14 آذار ومَن معها جراء سحب القوات الروسية من سوريا او بعضاً منها ظناً ان بوتين قد تخلى عن الرئيس السوري بشار الاسد الا ان كلا الطرفان الخارجيان اي معركة حلب وانسحاب الروس بديا كأن مفاعيلهما لا قيمة لها في تحريك الوضع الرئاسي في لبنان بل العكس هو الذي حصل اذ ان الكثير من مصادر السياسيين ورجال الامن باتوا متخوفين على الامن الداخلي اللبناني وامكانية حصول عمليات ارهابية باستطاعتها تعطيل المعطل في الاساس وهو عمل الحكومة الا ان هدف الارهاب يتخطى هذه الحكومة العرجاء وصولاً الى تعطيل المظلة التي يتمتع بها لبنان من امن نسبي قياساً على ما يحدث في المنطقة من قتل ودمار وهدر دماء، ولكن أحداً لم يلحظ كلام الرئيس بري وتفاؤله باقتراب حصول الاستحقاق وعلى ماذا بنى توقعاته الايجابية الا انه في الآونة الاخيرة لم يعد موجوداً في هذا الجو بل حقيقة الامر ان بري بواقعيته المعهودة يعي جيداً ان الرئيس اللبناني الجديد لن يستطيع احد رؤية وجهه قبل ان تنجلي وجهة الامور في المنطقة.
ولكن تشاؤم هذه المصادر يذهب الى الحد البعيد بحيث تعتقد ان الامور الداخلية اللبنانية ليست فقط مرتبطة بما يجري انما بآليات الحلول في سوريا واليمن والعراق وهذا ما يجعل الاستحقاق يذهب ويتم دفشه الى مدى أبعد من المنظور، ولكن هل يتم ربط انتخاب رئيس جديد للبلاد بتسوية واقتسام السلطة في لبنان؟ هذه المصادر لا تستبعد هذا الامر خصوصاً ان كافة المبادرات الدولية والزيارات لم تحمل معها سوى التمنيات بحصول الاستحقاق وهذا يعني تسليم واضح بأن البلد ذاهب نحو تسوية جديدة او مؤتمر خاص لا يعرف احد مواعيده واهدافه.