IMLebanon

الجمعيات تنازع و12 ألف طفل مهمّشون!

 

ذوو الإحتياجات الخاصة يطلقون صرخة غضب: التعويض لضحايا المرفأ

 

تحلّ اليوم ذكرى “اليوم العالمي لحقوق الإنسان”، وبينما تحتفي دول العالم ومنظّمات المجتمع المدني بإنجازاتها على صعيد تمكين المواطنين، بمن فيهم المعوقون، من الحصول على حقوقهم، فليس للإحتياجات الخاصة والمعيشية لذوي الإرادة الصلبة أولوية خاصة على قائمة السلطات اللبنانية، بل إنّ إهمال الدولة اللبنانية أساساً تسبّب بإعاقاتٍ عدّة لما يفوق الألف جريح جرّاء انفجار مرفأ بيروت، ثم تركتهم في عزلتهم يصارعون وضعهم الجديد من دون أي تعويض مادي يُذكر.

 

ولأنّ الحكومة أذاقت ذوي الإحتياجات الخاصة مرارة التخلّي عن مطالبهم، فإنّ “الإتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركيّاً” سيتحرّك اليوم في مسيرة غاضبة، بعدما مورس عليهم “كلّ أشكال التمييز والاضطهاد”، بحسب رئيسة الاتحاد سيلفانا اللقيس التي أكدت لـ”نداء الوطن” أنّ “هدف التحرّك هو للإضاءة مجدداً على قانون 220 الخاص بنا، نحن المهمّشين في دولة الفساد التي لا ترحم. هذا القانون الذي يشبه قانون الدولار الطالبي وغيره من القوانين الصورية و”الحبر على ورق” التي لا تطبق. كذلك سنسير للمطالبة بإعطاء الحقوق لمعوّقي إنفجار 4 آب والتعويض عليهم مادياً، فآلية الضمان مدى الحياة لا تنفعهم بتاتاً، هم كانوا في أمان بيوتهم وتحوّلوا معوقين بسبب هذه الطبقة الحاكمة التي لم تلتفت اليهم، ولم تعتذر حتّى من أحد على إخفاقاتها حتى الساعة وهو أضعف الإيمان! لذا، نطالب بالمساواة بين شهداء وجرحى إنفجار مرفأ بيروت وشهداء وجرحى الجيش اللبناني”.

 

أمّا أمّ شربل بريدي، وهي أمّ عصامية أصيب إبنها بإعاقاتٍ جرّاء الانفجار، فقالت لـ”نداء الوطن” إنّ ابنها “مندور” لمار شربل، “ولا حياة لهذه الدولة، فمن أنادي؟ طفلي ذو الأربعة أعوام صار من ذوي الإحتياجات الخاصة بين ليلة وضحاها، ولا أعرف ماذا أقول له؟ كيف أشرح له لماذا أُطعمه من خلال معدته؟ كيف أشرح له أنّ الوجع الذي يشعر به لأن “وركه” مكسور يحتاج “Fresh Money” وما باستطاعتي تأمين هذا المال؟” أمّا حبيب عبد المسيح، فكشف لـ”نداء الوطن” أنه أصيب في رجله وأصيبت زوجته وابنه في رأسيهما، وأنّ محلّه في منطقة الجميزة قد دُمِّر بالكامل، وإن أعيدت التصليحات “فالمنطقة ميتة وبالكاد نأكل ونشرب من المدخول والدولة لم تعوّض علينا”. وجورج بو شروش، الذي أصيب إصابة بالغة في رأسه، وبات يعيش على “ماكينة الأوكسجين” ولا يسمع بإحدى أذنيه بتاتاً، سأل: “من يعوّض علينا الإعاقات الجسدية؟ ألا يحقّ لنا أن تؤمّن لنا الدولة بدلاً مادياً عن أخطائها بحقّنا”؟

 

في ظلّ الصورة النمطية وغياب البيئة المناسبة لممارسة تفاصيل حياتهم بشكل مُدمج، لا يواجه الأشخاص ذوو الإرادة الصلبة في لبنان صعوبات فحسب، بل تقف هذه الفئة من المجتمع اللبناني اليوم أمام تحدّي “كورونا”. وفي هذا الإطار، يشرح مستشار الشؤون الاجتماعية لبلدية بيروت، ومؤسّس ورئيس جمعية “جو رحّال فاوندايشن” جو رحّال أنّ حياة الأشخاص ذوي الإرادة الصلبة زادت صعوبة بعد تفشّي فيروس “كورونا”، وبالتالي صعوبة التنقّل، هم الذين يحتاجون إلى رعاية طبّية وحركة. لكنّه في الوقت نفسه يعتبر أنّ الخوف من انتقال “كورونا” أكبر بكثير من أي مشاكل أخرى، فأكثر من نصفهم لا يتمتّعون بمناعة قوية تحميهم في حال أصيبوا بأي مشاكل صحّية بعد انتشار الفيروس.

 

أما حنّا النكت فيشرح لـ”نداء الوطن” أنه عانى كثيراً في الجامعة بسبب حالته الخاصة، إذ إنه عند اجرائه الإمتحانات عن بُعد في جامعة البلمند، يقفل البرنامج خاصية أن “يحكي والكومبيوتر يكتب عنه”، وأن ذوي الإحتياجات الخاصة اليوم يعيشون ظروف علاج صعبة وأوضاعاً نفسية سيّئة، ما يؤثّر على عضلاتهم وأجسادهم، وأنّ غالبية الجمعيات اضطرّت إلى مخالفة الإغلاق في حالات التوحد، ومنهم من بات يذهب إلى المنازل”.

 

في السياق نفسه، أكّدت عضو “الإتحاد الوطني لشؤون الإعاقة” ورئيسة جمعية “سيزوبيل” فاديا صافي معاناة كثير من الأسر مع تعليم أبنائهم المصابين بإعاقات مختلفة، بعدما تصاعدت نسب الفقر والاحتياج للسلع وفي فترة انقطاع الدواء، وأن الـ103 جمعيات التي تنضوي تحت مظلّة “الاتّحاد الوطني لشؤون الإعاقة” والمتعاقدة مع وزارة الشؤون الاجتماعية “تنازع اليوم، بل تلفظ أنفاسها الأخيرة، فكلّ ما حصلوه من مال كان وِفق مؤشّر الغلاء العام 2011، وشتّان ما بين كلفة الشخص في تلك الأيام واليوم. وبالرغم من أنّ هناك خمس مدارس رسمية فقط تؤمّن صفوفاً دامجة للأطفال، من أصل أكثر من 1200 مدرسة رسمية منتشرة في مُختلف المناطق اللبنانية، أي ما نسبته 0.04 في المئة، وبالرغم من أنّ كل الثقل يقع على الجمعيات، فجميعها موعودة بأن تتقاضى مستحقّات الفصل الرابع من العام 2019، وثلثها موعود بمستحقّات الفصل الثالث (بسبب الأوراق). أمّا مستحقّات العام 2020 فهي متروكة “للمجهول تماماً” مع العلم أنّ موازنة العام 2020 قد أقرّت منذ زمن بعيد، ولا يعلم أحد لماذا كلّ هذا التأخير في إرسال العقود إلى ديوان المحاسبة”.

 

وأردفت: “15 شهراً ولا أحد يلتفت الينا، والعام 2020 شارف على نهايته والعقود لم توقّع بعد بذريعة أنها ما زالت في طور التدقيق في ديوان المحاسبة، بينما بحسب القانون، آخر مهلة لإرسالها إلى وزارة المال بعد أيام معدودة في 20 كانون الأوّل”. وختمت: “لن نسكت بعد اليوم، 12 ألف طفل بحاجة إلى حماية وانتباه ويحقّ لهم أن يعرفوا مصيرهم، فهناك من بينهم حوالى 6 الآف طفل يعانون من التوحّد والتأخّر العقلي وبحاجة ماسة إلينا وهم معرّضون للخطر في حال أقفلت مؤسساتنا. واليوم، بكل صراحة “دقينا أبواب” كلّ المنظّمات الدولية ولم يستجب لنا أحد، ولا حتّى وجدنا التفاتاً كإتحاد ولا موعداً من الوزير رمزي مشرفية ولا حسّان دياب. أما وزير المال فوعدنا بدفع الفصل الرابع من 2019!”

 

لا يعرف المواطن كيف يتجاوز كل هذا الإهمال والإستهتار؟ لا تخطيط، لا إدارة، لا متابعة. حكومة الخداع البصري “الزائل”. واليوم، فئات مجتمعنا الأكثر تهميشاً بخطر، فهل سيتحرّكون؟!