لم يفصح رئيس مجلس النواب نبيه بري عن خلفيات معلومته القائلة ان »الانتخابات الرئاسية ستتم قبل نهاية العام الجاري«، فيما هناك اخبار تتلاقى عند استبعاد حصول انفراج بمثل هذا الحجم، اضف الى ذلك ان الذين على علاقة وطيدة مع مصادر ذات اهمية عربية واجنبية تكاد تجمع على استمرار الفراغ الرئاسي حيث هناك تباين على مستوى ما هو حاصل من تعقيدات بين اللبنانيين، لاسيما اولئك الذين يتأثرون بالتطورات السلبية السائدة في المنطقة؟!
وثمة من يجزم بأن الامور الجاري بحثها بين المراجع الدولية المهتمة بالوضع في لبنان يركزون في الوقت الحاضر على تفضيل المراوحة على السير قدما في مشاريع ليس فيها ما يوحي بالانتقال الى سلم اهلي جدي نظرا للتباينات ذات العلاقة بالشؤون الخارجية التي يفهم منها ان المراوحة تبقى افضل من السير في المجهول السياسي والامني.
وطالما ان مؤتمر الحوار الوطني لا يزال يبحث للخروج من هذه الدوامة المخيفة، فان المشاكل المطروحة على المؤتمر تبدو اكبر من ان تعالج بطريقة لا يغلب عليها طابع سوء النظرة والتصرف، كي لا نقول بصريح العبارة ان من يعترض على الحلول المرجوة قادر على التصرف انطلاقا من مصالحه الخاصة، فيما لا يجد اخرون اية طريقة لاصلاح الخلل السائد خصوصا عندما يقال ان المخلين بالاصول السياسية قادرون على لعب اوراق ترفع مستوى التردي الامني المهيمن على مناطق معينة تتأثر بالظروف الخارجية بما يتلاءم ومصالحها؟!
وفي عودة الى ما قالته اوساط رئيس مجلس النواب عن انفراج غير بعيد بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي، فان مصادر اخرى تأمل بأن يكون الرئيس بري على حق ليس لان معلوماته تحتاج الى مزيد من الوقت، بل لان الظروف التي تتحكم بالحال العامة تبدو غير مشجعة لعدة اعتبارات في مقدمها عدم جهوزية الساحة السياسية لان تتقبل حلا بمستوى انتخاب رئيس للجمهورية الا في حال قبضت الثمن السياسي الذي ينسجم مع مصالحها الخاصة بنسبة التحكم بقرارات داخلية (…)
من حيث المبدأ هناك اجماع على ان الصدمة الايجابية لن تحصل في المستقبل المنظور، خصوصا ان التوازنات لا تزال على ما هي عليه، حيث تحضر قوى 14 اذار وتيار المستقبل الجلسات المخصصة لانتخاب الرئيس فيما يقاطعها حزب الله والتيار الوطني ما يؤكد ان لا مجال لكسر هذه القاعدة في وقت يتحدث العارفون عن تغيير في اسماء المرشحين للرئاسة بما يسمح بتخطي هذه العقدة ومن ثم الانتقال الى لعب ورقة »الرئيس المنقذ« الذي لا بد وان يأتي من غير حاجة الى افتعال مشاكل تعيد الامور الى دائرة الصفر التي يهدد بعضهم باللجوء اليها لمجرد انها تسمح بوصول مرشح ثالث.
هذه مجرد تمنيات قد لا تبصر النور، الا في حال حصول معجزة سياسية بحجم الحدث الذي يقلق الجميع من غير ان يرى سوى بعض من يتمتعون بثقل يميزهم عن سواهم ممن يعرف ان ثمة استحالة امام مشروع انكسار سياسي يفهم منه ان البلد لم يعد مهيئا لاية مفاجأة قد تؤدي الى خلل امني بوسع البعض استخدامه في حال عجز عن ايصال مرشحه للرئاسة الى ما يجعله اهلا لان يلبي مصالح اقليمية – خارجية لن تتحقق مهما اختلفت الاعتبارات السياسية وهذا بدوره يحتاج الى من يفهم ان الانتخابات لن تجري وان الرئيس العتيد لن يبصر النور في حال استمر الدوران في حلقة مفرغة.
واذا كان من مجال للخوض في التوازنات يبقى بوسع الجميع القول ان الاستمرار في الدوامة السياسية لن يسمح لاحد بالقول ان بامكانه اقناع خصومه بضرورة تغيير مواقفهم من الفراغ الرئاسي حيث تجمع مصادر الاخبار علـى ان اللعبة الديموقراطية لم يعد احد يجيد الخوض فيها بمعزل عن كل ما من شأنه ان يثير الهواجس السلبية بدليل انقضاء اكثر من سنتين من غير ان يشعر احد من السياسيين ومن الذين يمثلون الشعب وعلى الشعب باننا في وضع مخيف حيث لا سلطة ولا قرار موحدا يكفل الخروج من المراوحة التي يعرف الرئيس نبيه بري ان خطرها غير مقتصر على فئة من اللبنانيين.
هذا التكرار في التحذير من حجم السلبيات وشمولها يتطلب مستوى من الوعي لا يتلاقى مع من يرى ان من الافضل ترك الامور في الاتجاه الذي يخدم مصالحها، قبل ان تتطور الامور الى حد تسمية الاشياء بأسمائها بما في ذلك تحميل المسؤولية الى من سيتسبب بالكارثة المستمرة المهيمنة على البلد؟!